الأخضر الحمداوي لـ"العرب": المهرجانات الملاذ الوحيد للاعتراف بأهمية الأفلام القصيرة

يسير المخرج الأخضر الحمداوي بخطى ثابتة لتأكيد حضوره ضمن السينما المغربية كواحد من المخرجين الشبان القادرين على إنتاج أعمال مغربية تتنوع بين الأفلام الروائية القصيرة والطويلة، متأثرا بالسينما العالمية، وهو ما أهّله ولا يزال لنيل العديد من الجوائز.
الرباط - يعتبر المخرج الأخضر الحمداوي أحد المخرجين المتميزين في المغرب، حيث مثّل بلده في العديد من المهرجانات الدولية ونال العديد من الجوائز على مر السنوات، مما أضاف إلى رصيده الوطني العديد من الإنجازات.
ففي سنة 2014 أخرج فيلما قصيرا بعنوان “صراع”، وكانت مدته 15 دقيقة. حصل هذا الفيلم على تصريح ثقافي ونجح في الفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان الهواة الوطني في مدينة سلا، وتم اختياره على نحو رسمي في مهرجان جرسيف ومهرجان سوس آيت ملول أغادير الدولي.
في سنة 2015 أخرج فيلما قصيرا بعنوان “الرقم 13” وكانت مدته 3 دقائق. حصل هذا الفيلم على تقدير خاص في مهرجان الجامعة الصيفي للسينما، وفاز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان سمارة. كما نال الجائزة الكبرى في مهرجان أيام فاس ومهرجان تنجازوم. وتم تكريمه بجوائز أخرى مثل جائزة أفضل سيناريو في مهرجان الفيلم القصير جدًا بمراكش، وجائزة أفضل إخراج في مهرجان تيلميد بالرباط، وتقدير خاص في مهرجان تهارقوا بالخرطوم، وحصل على المركز الثاني في مهرجان سوس آيت ملول أغادير الدولي.
في نفس السنة أيضًا أخرج فيلما قصيرا آخر بعنوان “المصير” مدته 15 دقيقة. تم اختياره على نحو رسمي في العديد من المهرجانات بما في ذلك مهرجان السينما الأفريقية في طنجة عام 2016، ومهرجان جرسيف عام 2016، ومهرجان واوليوود ورزازات عام 2016، ومهرجان الجامعة الصيفي للسينما عام 2016، ومهرجان بغداد الدولي في العراق، وفي 2023 تم إنتاج فيلم قصير آخر بعنوان “الحقيقة”، وكانت مدته 7 دقائق، وهو من إنتاج شركة “إتش إم إس”.
وينافس أحدث أفلام المخرج “الحقيقة” على جائزة أفضل فيلم روائي قصير في الدورة التاسعة والثلاثين لمهرجان الإسكندرية السينمائي المنعقدة هذه الفترة في مصر.
وفي حديثه حول فيلمه القصير، يقول المخرج المغربي “عندما يتداخل الواقع مع الخيال، تتغير الحقائق أحيانًا وتظل كما هي أحيانًا أخرى. ففي الأحلام قد نجد تحقق ما نتمناه في الواقع، وفي بعض الأحيان يحدث العكس، حيث نجد أمورًا في الحقيقة تتلاشى في عالم الأحلام. فكرة الفيلم تدور حول زوجين يشكك كل منهما في الآخر حيث يريان في أحلامهما أن الشريك يخونهما”.
ويوضح “في هذا الفيلم، يتم استكشاف العلاقة بين الواقع والخيال، حيث يمكن للأمور أحيانًا أن تتغير وأحيانًا تظل كما هي. يسلط الضوء على كيفية تحقق بعض الأمور التي نراها في الأحلام في الحياة الواقعية والعكس بالعكس. ما ألهمني هو أن فكرة الفيلم أخذت من حادثة حقيقية حدثت قبل سنوات، لأن الموضوع موضوع عالمي وليس محليًا يتعلق بالدين أو الوطن أو غيرها من المسائل، فمسألة الخيانة الزوجية هي موضوع عالمي، والرسالة التي أحاول أن أوصلها من خلال هذا الفيلم هي أهمية الثقة المتبادلة بين الزوجين والاستقرار الأسري”.
تم تصوير الفيلم في مدينة وجدة، وهو فيلم من نوع سينما المؤلف، ويُصنف ضمن أفلام المكان الواحد. تم إنتاج هذا الفيلم من قبل شركة إنتاج “ش.م.س” وتم تنفيذه عن طريق نجاة لعجل ورضوان لقنين. تمت عملية الإنتاج في عام 2023، وسيتم عرضه ضمن المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة في مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته التاسعة والثلاثين. وهذه بداية جيدة للفيلم.
فيلم "الحقيقة" تجربة سينمائية فريدة من نوعها تقدم للجمهور قصة مثيرة تتعامل مع تداخل الواقع والخيال
يُعبّر المخرج الحمداوي عن تأثره بأفلام السينما الإيرانية والعديد من المخرجين الإيرانيين البارزين، ويُشير في هذا السياق إلى مخرجين معروفين مثل عباس كيروستامي، الذي يتميز بأسلوبه الواقعي في تصوير الحياة اليومية، ومحسن مخبال باف وهو من رواد السينما الإيرانية الحديثة، وجعفر باهاني الذي يتناول في أفلامه قضايا اجتماعية وسياسية بشكل مبتكر، ومحمد رسولوف الذي يركز في أعماله على قضايا الحقوق الإنسانية والسياسة، وأصغر فرهادي المخرج الذي يسلط الضوء على العلاقات الإنسانية والتحديات الاجتماعية. هؤلاء المخرجون الإيرانيون قدموا إسهامات كبيرة في عالم السينما العالمية من خلال أعمالهم الفنية والمبتكرة.
أما عن تفضيله الأفلام القصيرة، فيقول الأخضر الحمداوي لـ”العرب”، “الفيلم القصير يمنح المخرج مساحة أوسع للإبداع، حيث يكون ملزمًا بموعد نهائي محدد لإكماله. ومن ثم، يصبح المخرج حرًا تمامًا فيما يقدمه ومتى يقدمه، دون أن يضطر إلى الامتثال لأيّ ضغوط تسويقية. إن إنتاج الفيلم القصير أيضًا لا يتطلب ميزانية كبيرة مقارنة بالأفلام الطويلة، وهذا ما يجعله أسهل قليلا من ناحية التمويل، وخاصة بالنسبة إلى المخرجين الصاعدين الذين يسعون إلى عرض مهاراتهم ومواهبهم على الساحة السينمائية”.
وينوه بأن هناك مشاريع سينمائية مستقبلية “قد أنهيت كتابة فيلمين سينمائيين قصيرين، وفي الوقت الحالي، أنا مشغول بكتابة فيلم طويل. السبب وراء اختياري للعمل على فيلم طويل هذه المرة يعود إلى أهميته الكبيرة كمنتوج ثقافي. فالأفلام الطويلة تؤثر بشكل أكبر على الإنسان كفرد وكجزء من المجتمع. إن اعتقادي الشخصي يقودني للتطلع إلى أن يكون هذا الفيلم عملاً فنياً مميزاً يترك أثرًا عميقًا في قلوب وعقول الجماهير، وربما يشجعهم على استكشاف السينما بشكل أعمق وأكثر اهتمامًا”.
يبقى فيلم “الحقيقة” تجربة سينمائية فريدة من نوعها تقدم للجمهور قصة مثيرة تتعامل مع تداخل الواقع والخيال. الفيلم يأخذنا في رحلة مذهلة تلامس حدود الحلم والواقع، ويروي قصة تمزج بين أحداث تحصل في الأحلام وأحداث تتحقق في الحياة الواقعية.
تألق أبطال الفيلم بأداء استثنائي، حيث قدموا تجسيدًا رائعًا لشخصياتهم. فاطمة بوجو، محمد حميمصة، وغزلان السالمي قدموا أدوارهم بإتقان، مما أضفى على الفيلم طابعًا فريدًا وعمقًا عاطفيًا.