الأحزاب السياسية تصفي حساباتها بالانتقام من الإعلام في كردستان

عناصر تابعة للاتحاد الوطني الكردستاني تداهم مقر قناة “أي بلاص” الكردية وتعتقل عددا من الصحافيين العاملين فيها.
الخميس 2021/07/15
وسائل الإعلام في قلب الصراع السياسي

أربيل - تسير الحريات الصحافية في كردستان العراق في منحى تنازلي في الفترة الأخيرة، فقد داهمت عناصر تابعة للاتحاد الوطني الكردستاني مقر قناة “أي بلاص” الكردية، التي لا تزال في طور بثها التجريبي عبر الإنترنت، واعتقلت عددا من الصحافيين العاملين فيها.

كما أبلغت القوة الأمنية التابعة للقيادي بافل الطالباني ثلاثة مواقع إخبارية كردية بضرورة إغلاق مكاتبها على الفور.

وقال منسق جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في السليمانية إن وسائل الإعلام المغلقة تابعة للرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني لاهور شيخ جنكي، وأن الإغلاق جاء بعد تعمق الخلافات السياسية بين بافل الطالباني ولاهور الشيخ جنكي.

والطالباني ولاهور هما قطبا الاتحاد الوطني الكردستاني، الرئيسان المشتركان للحزب، وظهرت الخلافات بينهما قبل أيام إثر إجراء تغييرات إدارية في المناصب العليا، حيث استخدم الطالباني لنفسه مسمّى الرئيس عوضا عن الرئيس المشترك، في بيان رسمي نشره الاثنين.

وأفادت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة أن القوة اعتقلت عددا من الصحافيين العاملين في قناة  “أي بلاص” وحطّمت معظم معداتها، وبيّنت أن عناصر من قوة أخرى قامت بتبليغ المؤسسات الإعلامية “زيان” و”جاو” و”ازانس” بأن عليها إغلاق مكاتبها.

ورفض الصحافيون العاملون في هذه القنوات الإدلاء بأي معلومات خوفا من ملاحقتهم واعتقالهم.

واعتبرت الجمعية إغلاق مقار القنوات في السليمانية واعتقال الصحافيين انتهاكا صريحا لحرية العمل الصحافي، وتطاولا على مبادئ الدستور.

ورفضت الجمعية السياسة التي يتبعها القادة والسلطة الحاكمة في إقليم كردستان ضد العاملين في المؤسسات الإعلامية، لاسيما وأنها تواكب عن كثب التراجع الذي شهده الإقليم في الآونة الأخيرة في مجال حرية العمل الصحافي والتعبير عن الرأي.

وترتبط جميع وسائل الإعلام في كردستان تقريبا بشخصيات أو أحزاب سياسية، مثلها مثل باقي أنحاء العراق.

لكن الحريات الصحافية في الإقليم مكفولة بموجب قانون صدر في 2009 وأثنت عليه المنظمة غير الحكومية الحقوقية “فريدوم هاوس” في ذلك الوقت لمنح المراسلين “حريات غير مسبوقة.”

مداهمة قناة كردية وإغلاق مواقع إخبارية جاءا بعد تعمق الخلافات السياسية بين بافل الطالباني ولاهور الشيخ جنكي

وقال الصحافي المستقل ياسين طه “من الناحية النظرية يتمتع إقليم كردستان بهامش من الحرية عبر امتلاكه قانونا مقبولا إلى حد ما لتنظيم العمل الصحافي”.

إلا أن الوضع الاقتصادي والصحي العام أصبح لا يطاق بسبب عدم انتظام دفع رواتب موظفي الدولة، ما زاد مشاكل الاقتصاد الاستهلاكي الذي تضرر بشدة من عمليات الإغلاق المفروضة في أعقاب جائحة كورونا.

وتصاعدت الاحتجاجات على الفساد والهدر الحكومي، عندما شنّت تركيا هجوما بريا وجويا نادرا على المسلحين الأكراد في المنطقة في يونيو.

وأفاد مركز مترو للدفاع عن حقوق الصحافيين في بيان أنه “بالرغم من القوانين التي تضمن حقوق الإعلام في الإقليم، إلا أنه عند اشتداد الأزمات السياسية والاقتصادية، تصب عمليات التضييق على الإعلام إلى حد الخنق”.

وانتقد كثيرون صمت حكومة إقليم كردستان بشأن العملية واتهموها بأنها تغض الطرف عن الغارات الدموية، بينما شنّت السلطات حملة على الصحافيين الذين انتقدوا صمتها، وقامت بإغلاق عدد من وسائل الإعلام التي غطت المظاهرات في الإقليم.

وحذّرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” من أن حكومة إقليم كردستان كانت تستخدم مواد قانونية تتعلق بالتشهير والشتم في قانون العقوبات وقوانين أخرى لاستهداف المتظاهرين والصحافيين.

وحثت المنظمة غير الحكومية، حكومة إقليم كردستان على تعديل قوانينها لإزالة “الأحكام الغامضة” التي تسمح بالضغط على وسائل الإعلام والنشطاء.

وقال رحمن غريب مدير مركز “مترو”، إن ضغط الدولة على قنوات مثل “إن.آر.تي” لن يؤدي إلا إلى حشد المزيد من الجمهور ضد سلطات الدولة.

وأوضح أن “منع هذه القناة من نقل الأعمال والنشاطات المعارضة للسلطة، سيجعل الناس يحاولون بشتى الطرق والوسائل إيصال آرائهم”.

وأضاف غريب أن “زمن التلفزيون الواحد والراديو الواحد والجريدة الواحدة ولّى ولن يعود، وكل مواطن أصبح له تلفزيونه وجريدته والراديو الخاص به (..) إنهم يستطيعون أن يوصلوا أصواتهم ومطالبهم وآراؤهم”.

وفي ديسمبر اتهمت منظمات حقوقية محلية ودولية حكومة الإقليم بأنها “تستهدف نشطاء المجتمع المدني من خلال توقيفهم بسبب أنشطتهم وتقوض الحريات العامة، بما في ذلك حرية الصحافة وحرية التجّمع السلمي”، وهو ما تنفيه السلطات.

واتهم رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور البارزاني الصحافيين والنشطاء الذين أوقفوا في العام 2020 بأنهم “جواسيس”.

18