اعتقال سيف مخلوف وإطلاق سراحه لا يثيران تعاطفا

تونس – لم يكن اعتقال سيف الدين مخلوف، النائب في البرلمان التونسي المجمد، أمرا مفاجئا؛ فأغلب المتابعين كانوا يتوقعون أن تنجح قوات الأمن في اعتقاله في أقرب فرصة، كما أن إطلاق سراحه لم يثر تعاطفا ملحوظا، وذلك بسبب سجله في ممارسة العنف المادي والمعنوي سواء داخل البرلمان أو خارجه.
وعُرف مخلوف، رئيس كتلة ائتلاف الكرامة في البرلمان، بمشاركته في قضية المطار التي اعتدى فيها نواب من الكتلة على رجال أمن إثر منع مسافرة من مغادرة البلاد لدواع أمنية على خلفية شبهات إرهاب. كما عُرف بأشكال من العنف المعنوي ضد زملائه في البرلمان، وخاصة عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر.
وتقول أوساط سياسية تونسية إن سيف الدين مخلوف شخصية يصعب الدفاع عنها سياسيا وشعبيا، ولذلك من الصعب تبني قضيته لدى الأحزاب، وحتى داخل قطاع المحامين، بسبب خصوماته وخطابه العدائي الذي يتجاوز في الكثير من الحالات تقاليد العمل السياسي وخاصة احترام رموز الدولة، ولهذا تحركت قوات الأمن لتعتقله دون أن تخشى اتهامها بالتعسف في حق هذه الشخصية، وتركت للقضاء مهمة التحفظ عليه أو إطلاق سراحه.

سيف الدين مخلوف شخصية يصعب الدفاع عنها سياسيا وشعبيا
وترى هذه الأوساط أن سجل مخلوف في العنف، وكونه محامي المتهمين في قضايا الإرهاب، وعداءه للخصوم السياسيين، كلها عناصر تدفع مناوئي الرئيس التونسي إلى عدم الخوض في قضيته كمعارض بصوت عال لقيس سعيد، وأن الأحزاب والمنظمات الحقوقية لم تكن لتتبنى قضيته، خاصة أن التهمة هي ممارسة العنف على أمنيين في ما بات يعرف في تونس بقضية المطار.
والسجل العنيف للمحامي المثير للجدل سيجعل تهمة المطار سهلة التقبل، ولن يقول السياسيون والحقوقيون إنها مفتعلة أو ملفقة، وحتى بعد أن تم إطلاق سراحه فستظل تلك قناعة ثابتة.
وشهد مطار تونس قرطاج الدولي في مارس الماضي فوضى عارمة بسبب شجار بين رجال أمن المطار ونواب في ائتلاف الكرامة المقرب من حركة النهضة الإسلامية، اقتحموا المطار في محاولة لفرض سفر امرأة لم تسمح لها سلطات المطار بالعبور بسبب شبهات إرهاب.
وحضر نواب الائتلاف إلى المطار يتقدمهم المحامي سيف الدين مخلوف رئيس كتلة الحزب في البرلمان لدعم المسافرة، ودخل في مشادات وعراك مع رجال أمن المطار ونقابات أمنية توافدت إلى المكان، كما ظهر في مقاطع فيديو وقتها.
واعتدى النائبان سيف الدين مخلوف ونضال السعودي على ضابط أمني في المطار، ما أدى إلى تدخل رجال الأمن وطردهما. وأدان اتحاد الشغل الطريقة التي تصرف بها “أعضاء من كتلة الإرهاب داخل المطار”، واعتبر أن “ما قاموا به تلبس يستوجب رفع الحصانة حالا وتتبع المعتدين قانونيا”.
ويخفي شكل مخلوف ذو الملابس المتأنقة واللحية التي تشبه موضة لحى الشباب شخصية لا تتردد في استخدام أساليب وأوصاف عدوانية حتى وسط البرلمان، كتلك التي وجهها إلى عبير موسي أكثر من مرة. وكان أبرزها مشاركته في الاعتداء الذي مارسه زميله المستقيل من الكتلة الصحبي صمارة على موسي وقد تعرضت للصفع من صمارة قبل أن تتعرض للتهديد والشتم من جانب مخلوف.
وعلى الرغم من أن سيف مخلوف وائتلاف الكرامة مؤيدان لزعيم حزب النهضة راشد الغنوشي ولدوره في البرلمان، إلا أن الغنوشي المحرج من تصرفاتهما أصدر بيانا بعد الاعتداء على نواب من التيار الديمقراطي أدان أساليبهما واتهمهما بممارسة العنف.

وقال الغنوشي في البيان “إن رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) إثر اطلاعه على حيثيات حادثة العنف الذي تعرّض له يوم 7 ديسمبر 2020 النواب: أنور بالشاهد، سامية حمودة عبّو، وأمل السعيدي (…) يدين بشدّة العنف المادي الذي صدر عن بعض نواب كتلة ائتلاف الكرامة، ويعتبر ما مارسوه سابقة خطيرة يجب ألّا تتكرّر”.
ويسعى الرئيس سعيد للفصل بين تعاطي الدولة مع عمليات العنف التي يمارسها بعض النواب والسياسيين والتي تستوجب تدخل القضاء وبين الحرص على ضمان الحقوق الخاصة، من بينها الحق في السفر ما لم تكن هناك موانع قانونية.
وحث قيس سعيّد لدى استقباله رضا غرسلاوي، المكلف بتسيير وزارة الداخلية، على ألا يتمّ منع أي شخص من السفر إلا إذا كان موضوع بطاقة جلب أو إيداع بالسجن أو تفتيش، وأن يتم ذلك في كنف الاحترام الكامل للقانون والحفاظ على كرامة الجميع ومراعاة التزامات المسافرين إلى الخارج.
ولفت رئيس الجمهورية إلى أن ما يُروّج من سوء المعاملة هو “من محض افتراء من لم يكفهم الافتراء في الأرض بل يريدون الافتراء حتى وهم في الأجواء”.