اعتذار الشكري لا يبدد مخاوف نشوب حرب على مصرف ليبيا المركزي

تحشيدات عسكرية في طرابلس تثير قلقا دوليا.
السبت 2024/08/24
عودة الميليشيات تستعيد ذكريات سيئة لدى سكان طرابلس

لم يبدد إعلان محافظ مصرف ليبيا المركزي المعين حديثا من قبل المجلس الرئاسي محمد الشكري اعتذاره عن تولي المنصب المخاوف من اندلاع حرب للسيطرة على المصرف، لاسيما مع تزايد التحشيدات الأمنية التي شهدتها العاصمة طرابلس ليل الخميس – الجمعة.

وعقب ساعات من صدور بيان الشكري أعلنت لجنة تابعة للمجلس الرئاسي مباشرةَ الإدارة الجديدة للمصرف مهامها السبت، وهو ما يشير إلى أن اعتذار الشكري لم يغير شيئا من عناد المجلس الرئاسي.

◄ اعتذار الشكري لم يغير شيئا من عناد المجلس الرئاسي
اعتذار الشكري لم يغير شيئا من عناد المجلس الرئاسي

وخلص اجتماع للقيادات العسكرية والأمنية في طرابلس مساء الخميس إلى تشكيل لجنة لمتابعة الترتيبات الأمنية ومساندة وزارة الداخلية في تأمين المناطق والمنشآت الحيوية.

وناقش الاجتماع، الذي ضم كلا من وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي وآمر جهاز قوة الردع عبدالرؤوف كارة ووكيل وزارة الدفاع عبدالسلام الزوبي والقيادي محمد الحصان وآمر شعبة الاحتياط في قوة مكافحة الإرهاب مختار الجحاوي، جملة من الملفات الأمنية الطارئة وعلى رأسها خطة تأمين العاصمة من أي مواجهة مسلحة خلال الساعات أو الأيام القادمة.

وأعربت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا عن قلقها البالغ إزاء التقارير التي تفيد بحشد القوات في العاصمة طرابلس، بما في ذلك التهديد باستخدام القوة لحل الأزمة المحيطة بمصرف ليبيا المركزي، ودعت بشكل فوري إلى التهدئة وخفض التوتر وضبط النفس، مؤكدة أنه لا مناص من الحوار كحل وحيد لجميع القضايا الخلافية.

وأوضحت البعثة في بيانها أنها تجري اتصالات مكثفة مع كافة الأطراف المعنية للتوصل إلى اتفاق سلمي لحل الأزمة بشأن المصرف المركزي.

وأكدت أن استعراض القوة العسكرية والمواجهات المسلحة في الأحياء المأهولة بالسكان أمر غير مقبول ويهدد حياة وأمن وسكينة المدنيين، معتبرة أن هذه التحركات لا يمكن أن تُنتج حلا مقبولا أو عمليا للأزمة الحالية أو للجمود السياسي الذي طال أمده، بل ترى فيها سببا إضافيا يفاقم الأزمة ويقلل من فرص التوصل إلى حل سياسي.

ومن جانبها أعربت سفارة الولايات المتحدة في ليبيا عن قلقها بشأن التقارير عن اشتباكات محتملة في طرابلس، مطالبة جميع الأطراف بوقف التصعيد على الفور وتجنب العنف.

وشهدت الساعات الماضية حراكا واسعا إقليميا ودوليا في محاولة لنزع فتيل المواجهة بين الميليشيات الموالية للمجلس الرئاسي والميليشيات الداعمة لمحافظ مصرف ليبيا المركزي الحالي الصديق الكبير الذي كان قد صدر الأحد الماضي قرار إقالته من منصبه من قبل المجلس الرئاسي، تلاه قرار من مجلس النواب يقضي بتثبيته إلى حين التوصل إلى اتفاق مع مجلس الدولة على تكليف محافظ جديد.

◄ حراك واسع في محاولة لنزع فتيل المواجهة بين ميليشيات موالية للمجلس الرئاسي وأخرى داعمة للكبير

واضطرت إدارة مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس إلى نقل عدد من الطائرات المدنية إلى مطار مصراتة خشية إلحاق الضرر بها من قبل الميليشيات التي كانت تستعد للهجوم على المباني المحيطة بالمطار داخل القاعدة الجوية الرئيسية، وخاصة السجن المدني الذي تشرف عليه قوة الردع الخاصة ويقيم فيه المئات من المحسوبين على تنظيمي القاعدة وداعش.

كما استغلت ميليشيات زوارة الفرصة لإغلاق الطريق نحو معبر رأس جدير الحدودي مع تونس، واشترطت لإعادة فتحه أن يتم سحب القوات العسكرية الحكومية من المنطقة المتاخمة للحدود.

وأكد عضو المجلس الرئاسي عبدالله اللافي حرص المجلس الرئاسي على وحدة الوطن واستقراره. وقال “نؤكد إيماننا بأن الشراكة الوطنية هي السبيل لتعزيز العدالة المنشودة”، وإنه لا مجال اليوم للعودة إلى الاحتراب أو التناحر لتحقيق المكاسب أو استيفاء الحقوق.

وفي المقابل شدد رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح على أن المجلس قد يضطر إلى وقف إنتاج النفط إذا استمر تهديد العائدات بالوصول إلى “أياد غير أمينة”، مؤكدا على أهمية حماية موارد الدولة.

وتابع صالح أن مجلس النواب سيواصل عمله حتى يتم انتخاب مجلس جديد، منتقدًا تدخل المجلس الرئاسي في ملف المناصب السيادية، ومشيرًا إلى أن المجلس الرئاسي ليس رئيسًا للدولة ومهامه محددة.

عقيلة صالح: مجلسي النواب والدولة مصران على استمرار الصديق الكبير في منصبه كمحافظ للمصرف المركزي
عقيلة صالح: مجلسي النواب والدولة مصران على استمرار الصديق الكبير في منصبه كمحافظ للمصرف المركزي

واعتبر أن تكليف المجلس الرئاسي لمحافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي يهدف إلى “نهب المال العام واستمرار الفساد”، مشيرًا إلى أن مجلسي النواب والدولة مصران على استمرار الصديق الكبير في منصبه كمحافظ للمصرف المركزي للحفاظ على المال العام.

وينتظر أن يعود موظفو مصرف ليبيا المركزي إلى ممارسة نشاطهم الوظيفي بداية من الأحد بعد إجازة طارئة الأربعاء والخميس الماضيين.
وأعلن محافظ المصرف المعين من قبل الرئاسي اعتذاره عن مهام محافظ المركزي دون توافق مجلسي النواب والدولة، قائلا “أترك الجمل بما حمل”، وفق تعبيره في بيان للرأي العام الجمعة.

وأكد أن اشتراطه توافق الجهتين التشريعيتين (مجلس النواب ومجلس الدولة) جاء من أجل الحفاظ على المؤسسة النقدية من التشظي وتأثر سمعتها أمام المؤسسات النقدية المناظرة في العالم.

وأضاف أن تاريخه المهني والوظيفي والأخلاقي لا يسمح له بأن يكون جزءا من هذا “العبث”، مردفا أن التجاذبات والمماحكات السياسية بين الجهتين المعنيتين التي تشترط الاتفاقات السياسية توافقهما قد تؤثر بشكل مباشر على حرية إدارة الأموال الليبية في الخارج.

وأوضح أنه أدى القسم القانوني تبعا لقرار مجلس النواب رقم 3 في 2018 بتكليفه بمهام محافظ مصرف ليبيا المركزي، لافتا إلى أنه لن يبخل بجهده وعمله وخبرته مستعينًا بكفاءات ليبيا وخبراتها لوضع حد لأزمات سعر الصرف والسيولة، ومحاربة التضخم وتفعيل أداء القطاع المصرفي ليقوم بدوره.

1