استقالة وزيرة السياحة التونسية تُعجّل بالتعديل الوزاري

مخاوف من تشكيل حكومة تكرّس التحالف بين يوسف الشاهد وحركة النهضة وانسحاب سلمى اللومي من شأنه أن يعمق الأزمة الحكومية.
السبت 2018/11/03
الشاهد في موقف صعب

ألقت استقالة وزيرة السياحة التونسية، سلمى اللومي، من منصبها، والتحاقها بالقصر الرئاسي، بظلال كثيفة على الوضع السياسي في البلاد، خاصة وأنها تأتي في ظل أجواء ارتفع فيها الجدل حول تعديل وزاري يستعدّ رئيس الحكومة يوسف الشاهد للإعلان عنه، لترميم أركان حكومته التي تآكلت بسبب الاستقالات والإقالات.

تونس - أعلنت الرئاسة التونسية، عن تعيين وزيرة السياحة في حكومة يوسف الشاهد، سلمى اللومي، مديرة للديوان الرئاسي برتبة وزير، خلفا لسليم العزابي الذي استقال من منصبه.

وقالت في بيان مُقتضب نشرته في موقعها على شبكة التواصل الاجتماعي”فيسبوك”، مساء الخميس “قرر رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، تعيين سلمى اللومي، وزيرة مديرة للديوان الرئاسي”.

وبهذا التعيين، تُصبح سلمى اللومي أول امرأة تتولى منصب مدير الديوان الرئاسي، في تاريخ تونس، وثالث مدير للديوان الرئاسي خلال الولاية الرئاسية للرئيس السبسي، وذلك بعد رضا بالحاج الذي استقال من منصبه في الأول من فبراير 2016، وسليم العزابي في التاسع من الشهر الماضي.

وتُعتبر سلمى اللومي التي حافظت على حقيبة السياحة والصناعات التقليدية منذ أن تسلمتها في السادس من فبراير 2015، واحدة من القادة المؤسسين لحركة نداء تونس، وقد تولّت منذ تأسيسها في العام 2012، منصب أمين مال الحركة، لتتخلّى عن هذه المهمة في أعقاب انصهار حزب الاتحاد الوطني الحر برئاسة سليم الرياحي في حركة نداء تونس.

ورأى مراقبون أن انسحاب سلمى اللومي من الفريق الحكومي ليوسف الشاهد، والتحاقها بالقصر الرئاسي، من شأنه تعميق الأزمة الحكومية التي تعيش البلاد على وقعها منذ أكثر من ستة أشهر، ويفرض على الشاهد الإسراع بإعلان التعديل الوزاري الذي سبق أن تعهد بإجرائه في نهاية شهر مايو الماضي.

أنس الحطاب: الشاهد لم يتصل بنداء تونس من أجل التشاور حول التعديل الوزاري
أنس الحطاب: الشاهد لم يتصل بنداء تونس من أجل التشاور حول التعديل الوزاري

ورجّحت مصادر سياسية تحدثت لـ”العرب”، أن يتم هذا التعديل خلال الأسبوع المُقبل، حيث لفتت إلى أن الشاهد أتم المشاورات والاتصالات مع الأطراف المعنية، ولم يتبق سوى بعض اللمسات السياسية في سياق الحسابات المُرتبطة بضمان 109 أصوات داخل البرلمان ليمر هذا التحوير الوزاري، الذي تباينت الآراء حول جدواه قبل المصادقة على مشروعي قانون المالية، وميزانية الدولة للعام 2019.

غير أن حسونة الناصفي، الناطق الرسمي باسم حركة مشروع تونس، التي يُتوقع أن تُشارك في التشكيل الحكومي الجديد، استبعد إعلان يوسف الشاهد عن التعديل الوزاري المُرتقب، خلال اليومين القادمين، مُعتبرا في تصريحات إذاعية بُثت الجمعة، أن الأمر لم يحسم بعد. وأشار إلى أن المشاورات والاتصالات حول هذا التعديل الوزاري، مازالت متواصلة، مؤكدا في نفس الوقت “استعداد حركته للمُشاركة في الحكومة الجديدة على قاعدة ضمانات واضحة تتعلق أساسا بالبرنامج الذي سيتم الاتفاق عليه”.

وأوضح في هذا السياق، أنه “لا يمكن لحركة مشروع تونس الدخول في حكومة مبنية على توافق دون محتوى أو مضمون أو مجرد تحوير وزاري من أجل التحوير للخروج من الأزمة الراهنة فقط”.

وعلى عكس ما ذهب إليه الناصفي، توقّع كريم الهلالي، النائب البرلماني عن كتلة “الائتلاف الوطني” المحسوبة على يوسف الشاهد، أن يتم الحسم في مسألة التعديل الوزاري في غضون الأيام القليلة القادمة.

وقال إن كتلة “الائتلاف الوطني” تعتبر أن التعديل الوزاري “ضرورة ملحّة، وعاجلة باعتباره يؤكد شرعية الحكومة، وخاصة في البرلمان، ويمثّل حلا لوزارات تشكو من ضعف في الأداء”.

وشدّد على ضرورة اعتماد معياري الكفاءة والقدرة على الإنجاز في التحوير الوزاري المرتقب، داعيا في نفس الوقت إلى”القطع مع سياسة فرض أسماء على رئيس الحكومة” الذي يبقى “الأقدر على تقييم مواطن الخلل في حكومته لإجراء التغييرات اللازمة بهدف تحسين أدائها”. وتفرض هذه التطورات المزيد من المشاكل على المشهد السياسي في البلاد، وتُصعّب مهمة الشاهد، خاصة وأن غالبية الأحزاب ترفض المشاركة في حكومته، بما فيها حركة نداء تونس التي ذهبت إلى حد المطالبة بتشكيل حكومة جديدة لا تُشارك فيها حركة النهضة.

وأمام هذا الوضع المُرشّح للمزيد من التعقيدات، تخشى الأوساط السياسية الدفع باتجاه إعادة تشكيل المشهد السياسي على قاعدة اصطفاف حركة النهضة الإسلامية إلى جانب يوسف الشاهد، استعدادا للاستحقاقات الانتخابية في العام 2019. وأفادت الناطقة الرسميّة باسم نداء تونس انس الحطاب، أن رئيس الحكومة لم يتصل بالحزب من أجل التشاور حول التعديل الوزاري المرتقب.

ولفتت الحطاب في تصريحات لموقع “حقائق أونلاين” المحلّي الجمعة إلى أن موقفهم واضح من المشاركة في حكومة الشاهد، وهو عدم تشريك حركة النهضة.

وبشأن مصير وزراء نداء تونس الحكومة الحالية، أكدت الحطاب أن الهيئة السياسية والديوان السياسي للحزب سيجتمعان لدراسة مختلف الخيارات المُمكنة.

4