استقالات جماعية جديدة تهدّد وحدة العدالة والتنمية المغربي قبل الانتخابات

عرف العدالة والتنمية المغربي موجة من الاستقالات الجماعية، بسبب ما وصفته قيادات بتراجع الحزب عن “التزاماته السياسية”، وادعائه تبني المرجعية الإسلامية، شأن الديمقراطية المزيفة داخله، فضلا عن استغلال هياكل الحزب من طرف نفس الأشخاص الذين احتكروا المناصب والامتيازات، في خطوة تهدّد وحدته قبيل الانتخابات.
الرباط - قدّمت قيادات بحزب العدالة والتنمية بإقليم آسفي بالمغرب استقالات جماعية، في مقدمتهم رئيس المجلس المحلي عبدالجليل البداوي، ما يعكس تصّدعا داخل الحزب وينذر بتفكك وحدته قبيل الانتخابات المقبلة.
واستقال خمس وأربعون عضوا وقياديا محليا وزعماء نقابات مهنية ومستشارين جماعيين ونواب رئيس المجلس الجماعي لمدينة آسفي في حزب العدالة والتنمية، على رأسهم رئيس المجلس والكاتب المحلي للحزب ووكيلة لائحة النساء، بسبب ما أسموه “أسباب تنظيمية، بعد إزاحة رئيس المجلس المحلي لآسفي، من قبل الأمانة العامة للحزب من اللائحة المحلية له”.
وأكدت الكتابة الإقليمية للحزب (الفرع الإقليمي للقيادة المركزية)، توصلها بعريضة استقالة موقعة من بعض أعضاء الحزب، مشيرة إلى أن السبب يكمن في “كون الموقعين رفضوا قرار الأمانة العامة بنقل ترشيح رئيس جماعة آسفي، من المرتبة الثالثة في لائحة الجماعة إلى المرتبة الثانية في لائحة الجهة”.
واستغربت من “إدراج أسماء بعض الأعضاء السابقين الذين انقطعت علاقتهم بالحزب منذ سنوات طويلة، بالإضافة إلى وجود توقيعات لأشخاص سبق أن تقدموا باستقالاتهم قبل تاريخ توقيع العريضة المذكورة”، مؤكدة “أن بعضا ممن تزعموا هذه العريضة كانوا يرتبون قبل ذلك للالتحاق بأحزاب أخرى، من أجل الترشح في لوائحها خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة”.
كما اعتبرت الكتابة الإقليمية، أن “مروجي العريضة اعتمدوا أسلوبا تضليليا لدفع بعض الأعضاء للتوقيع، والمؤسس على معطيات غير صحيحة، وفق ما أبلغنا به بعض الموقعين”.
وأكد رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية أن “قيادات العدالة والتنمية تدافع على مصلحتها وتموقعها الانتخابي، وما يحصل الآن هو نتيجة لما يعيشه الحزب من أزمات تنظيمية وسياسية على مختلف الأصعدة”.
وأشار في تصريح لـ”العرب”، إلى أن “الأنظار موجهة إلى قيادات وشيوخ جماعة التوحيد والإصلاح، لحث الأطراف المتمردة على الجلوس على طاولة الحوار والتوافق كمخرج وحيد للأزمة”.
ورفض البداوي، أن تتم إزاحته من اللائحة المحلية المرشحة للانتخابات الجماعية والبرلمانية، وتعويضه بشخص يملك مدرسة لتعليم السياقة في المرتبة الثالثة، بعد تكبّد خسارة غير مسبوقة في انتخابات الغرف المهنية.
وأكدت مصادر مطلعة لـ”العرب” أنه “تم تهميش البداوي من طرف الحزب خصوصا وأنه يُتابع أمام محكمة جرائم الأموال في مراكش بتهم ثقيلة تتعلق بالتزوير في محرر رسمي وتبديد أموال عمومية”.
واستفحلت ظاهرة الاستقالات داخل حزب العدالة والتنمية المغربي، الذي يرأس الائتلاف الحكومي، قبيل الانتخابات التشريعية والمحلية التي ستجرى الخريف المقبل، لأسباب تنظيمية الشيء الذي ينذر بنتائج غير مشجعة للحزب.
وأعلن أعضاء من الحزب بإقليم أغادير إداوتنان، (جنوب المغرب)، رفضهم للوائح الترشيح البرلمانية والجهوية والمحلية بجماعة أغادير، مسجلين أنه تم إعدادها جميعها وفق طريقة مدبرة سلفا دون شفافية.
وأكد أعضاء الحزب بأغادير في رسالة إلى الأمين العام سعدالدين العثماني، أن غياب الشفافية ظهر في مستوى انتخاب لجان الترشيح وعلى مستوى انعقادها، “لتعطي نتائج غير طبيعية، وغير معبرة عن مبادئ الحزب وروح قيمه الديمقراطية”.

وأكد الأعضاء أن “اﻹعلام تحدث عن بعض مؤشرات غياب الشفافية دون الرد عليها أو إنكارها، وهي معروفة عند العام والخاص”، مُدينين هذه الممارسات اللاأخلاقية والغريبة عن حزبهم ومساره، ومعلنين رفضهم لنتائج الترشيحات التي أفرزتها هذه الممارسات.
وسبق أن قدم كل من رئيس جماعة أولاد فارس الحلة بدائرة البروج إقليم سطات، ونائبه والكاتب المحلي لحزب العدالة والتنمية بالجماعة، استقالاتهم الفردية من هياكل الحزب، لأسباب تنظيمية وغياب التعاون والانسجام بين أعضاء الحزب على الصعيد الإقليمي، وفق تعبير المستقيلين.
ويرى مراقبون أن المصالح الشخصية أضحت غالبة في مجال اختيار المرشحين للانتخابات المحلية والتشريعية، للحفاظ على المناصب والامتيازات والتعويضات المتعددة، مضيفين أن “الاستقالات التي يعرفها الحزب نتيجة الخلافات المستمرة بين القيادة والقواعد وستزيد من حدتها الأوضاع الحالية داخله”.
ومثّلت المشاكل الداخلية التي يمر بها الحزب ذو التوجهات الإسلامية، عقبة طبيعية أمام التعامل مع الاستقالات التي قد تكلفه غاليا في التموقع الانتخابي سواء على مستوى الجماعات المحلية أو المجلس النيابي.
ودعت قيادات محلية إلى “إعادة النظر في تزكيات وكلاء اللوائح الحالية، حتى يتسنى للجميع المشاركة في الإجراءات والعمليات اﻻنتخابية، دون حرج مع أنفسهم وقناعاتهم، ومع الناس وما قطعوه معهم من التعامل بصدق ونزاهة”.
وتم رفض إعادة ترشيح الكاتب الجهوي وكيلا للائحة الجهوية بإقليم تزنيت (جنوب)، رغم كل الخروقات والممارسات المنافية لمبادئ الحزب والمسجلة على مساره في تدبير الشأن العام محليا وجهويا.