استعادة أعمال فوتوغرافيات عالميات يروين تاريخا كاملا عبر الكاميرا

أسابيع قليلة تفصلنا عن الاحتفال باليوم العالمي للتصوير الفوتوغرافي، بعد قرنين من اختراع الفنانين والعالمين لويس داجير وجوزيف نيبس آلة التصوير، لتصبح مع مرور السنوات السبيل الأكثر تأثيرا والأداة الأبرز لكتابة التاريخ وتدوين الحكايات وقصص الشعوب والأفراد، وهو مسار ما كانت لتبلغه الفوتوغرافيا لولا وجود نساء مصورات أعطين الكثير لهذا الفن وأثّرن فيه.
نيويورك- تعتبر المرأة عنصرا هاما ونشطاً في فن التصوير الفوتوغرافي منذ نشأته. ورغم أن دور المرأة مغيّب أحيانا عن هذا الفن فإن مصورات كثيرات نجحن في افتكاك مكانة بارزة في هذا الفن.
وفي إطار استعادة أهم التجارب الفنية في عالم الفوتوغرافيا لنساء مصوّرات يقام هذه الأيام معرض في نيويورك بعنوان “نساء جدد خلف الكاميرا”.
نساء جدد
أعمال تؤكد أن النساء كنّ ولازلن نشِطات في جميع مجالات التصوير الفوتوغرافي من القرن الثامن عشر وحتى الوقت الحاضر
مصورات الفوتوغرافيا من النصف الأول للقرن العشرين هن محور معرض فتح أبوابه في متحف متروبوليتان في نيويورك الذي يسعى لـ“إعادة تقييم” تاريخ التصوير الفوتوغرافي. ويضم معرض “نساء جدد خلف الكاميرا” نحو 180 صورة ومفردة التقطتها أكثر من 120 مصورة من أكثر من عشرين دولة.
وقال مدير المتحف ماكس هولين “المدى الدولي لهذا المشروع غير مسبوق”. وأضاف “رغم أن مفهوم ‘نساء جدد’ غالبا ما يعتبر ظاهرة غربية فإن هذا المعرض يثبت عكس ذلك بجلب صور نادرا ما تُرى من مختلف أنحاء العالم ويقدم تاريخا عالميا متنوعا للتصوير الفوتوغرافي”.
يشير عنوان المعرض إلى المفهوم النسوي لـ”النساء الجدد” الذي ظهر في عشرينيات القرن الماضي حيث بدأت النساء تجربة كيف يعبّرن عن أنفسهن مهنيا وشخصيا.
والتصوير الفوتوغرافي ليس مجرد وسيلة للتوثيق من جهة، أو التسلية من جهة أخرى، بل هو فنّ وعلم قائم في حد ذاته. وهو الطريق إلى تبادل الخبرات والثقافات حول العالم، كما أنه من وسائل إيصال الجمال إلى أبعد الحدود. وهذا ما يثبته المعرض الذي يستمر حتى الثالث من أكتوبر المقبل وسوف ينتقل بعدها من المتحف الكائن في سنترال بارك في واشنطن حيث كان من المقرر أن يفتح أبوابه العام الماضي قبل أن تعرقل جائحة فايروس كورونا الخطة.
مصورات مؤثرات
من بين المعروضات أعمال لبيرينيس أبوت التي اختصت في التصوير الفوتوغرافي في الفترة ما بين الحربين العالميتين لتقدم العديد من الأعمال التي رسخت مكانتها كواحدة من أهم المصورين في القرن العشرين. وقيل إن عملها كمساعد لمان راي في باريس في السنوات من 1923 – 1925 هو الذي جعل تلك النحَّاتة ودارسة الفن تتجه إلى مجال التصوير الفوتوغرافي.
واشتهرت أبوت في بداياتها بصورها للفنانين المشهورين، بما في ذلك الكاتب جيمس جويس، ومع ذلك، كان لقاء أبوت مع المصور الفرنسي أوجين أتجيت وأعماله له تأثير حاسم عليها. فمثلما فعل أتجيت في مدينة باريس، وثَّقت أيضا المصورة لاحقًا مدينة نيويورك، وإلى اليوم تثير الاهتمام بصورها بالأبيض والأسود للمعمار وشوارع مدينة نيويورك وهي التي لا يزال بسببها تحظى أبوت بالتقدير حتى يومنا هذا.
ونجد في الحدث كذلك صورا لدوروثيا لانج وهي مصورة صحافية وَوثائقية أميركية، اشتهرت بعملها في إدارة أمن المزارع أثناء فترة الكساد الكبير التي عرفتها أميركا مطلع القرن العشرين، وقد لعبت المصورة دوراً كبيراً في إظهار نواتج الكساد الكبير، وكان لها أثر على تطور التصوير الفوتوغرافي الوثائقي بشكل خاص.
معرض "نساء جدد خلف الكاميرا" يضم نحو 180 صورة ومفردة التقطتها أكثر من 120 مصورة من أكثر من عشرين دولة
من الأعمال التي يقدّمها المعرض نجد صورا للمكسيكية لولا ألفاريز التي تعتبر أول مصورة في المكسيك، وتعتبر شخصية رئيسية ومؤثرة في فترة ما بعد الثورة المكسيكية، وقد اشتهرت بمهارتها العالية في التوثيق وشحن صورها بعناصر مختلفة تجعل منها قصصا متجسدة، فكان لجل أعمالها الفوتوغرافية دور كبير في الحفاظ على ثقافة المكسيك وتدوين جزء هام من تراثها وتاريخها. كما نجد صورا أخرى لكل من إيلزا بينج وفلوريستين بيرو كولينز، وغيرهن من المصورات المؤثرات في تاريخ التصوير الفوتوغرافي.
وتظهر إحصائيات سابقة بين بريطانيا وأميركا مطلع القرن العشرين أنه كانت هناك أكثر من 7000 امرأة تمتهن التصوير الفوتوغرافي، حيث شكلت النساء 20 في المئة تقريبا من ممتهني التصوير، في وقت كانت تلك المهنة مرتبطة بالرجال بشكل أساسي.
وما كان لمجال التصوير الفوتوغرافي أن يكون كما هو عليه اليوم لولا هؤلاء النساء، حيث قامت كل مُصوّرة منهن بطريقتها الخاصة الفريدة من التصوير الصحافي إلى تقارير الحرب إلى اللقطات التي توثق تفاصيل الحيات وحكايات الشعوب وتدخل مناطق مجهولة وتخلد لحظات إنسانية غاية في الأهمية بمهارة وحساسية عاليتين، وهو ما تظهره المجموعة المعروضة من أعمال المصورات التي تؤكد أن النساء كنّ ولازلن نشِطات في جميع مجالات التصوير الفوتوغرافي من القرن الثامن عشر وحتى الوقت الحاضر.