استبعاد القاضي المكلف بالتحقيق في انفجار بيروت بعد ضغوط سياسية

عزل القاضي فادي صفوان من التحقيق يهدد بإعادة الملف إلى المربع الأول.
الجمعة 2021/02/19
من يعرف الحقيقة الآن

بيروت - قرر القضاء اللبناني، الخميس، تنحية القاضي فادي صفوان، المكلف بقضية انفجار مرفأ بيروت، ونقل الملف إلى قاض آخر. وذلك في خطوة انتقدتها منظمات حقوقية كونها تأتي بضغوط سياسية واضحة، في وقت لم يخرج التحقيق بعد ستّة أشهر على المأساة بأي نتيجة معلنة بعد.

ويهدد عزل صوان بإعادة التحقيقات إلى المربّع الأول، فيما تتعرّض السلطات لضغوط متزايدة أبرزها من فرنسا للكشف عن نتائج التحقيق في الانفجار الذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة 6500 آخرين بجروح ودمار عدد من أحياء العاصمة.

وقال مصدر قضائي لقد “قررت محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جمال الحجار نقل ملف التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت من يد القاضي صوان إلى قاض آخر” لم تسمه بعد.

ومنذ تعيينه في 13 أغسطس، يحقّق صوان في الانفجار الذي عزته السلطات إلى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم لسنوات في أحد عنابر المرفأ من دون إجراءات وقاية. وتبيّن أن مسؤولين على مستويات عدة سياسية وأمنية وقضائية كانوا على دراية بمخاطر تخزينها من دون أن يحرّكوا ساكنا.

وادعى صوان في العاشر من ديسمبر على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين، هم وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزيرا الأشغال السابقان غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، إلا أن أحدا منهم لم يمثل أمامه في جلسات حدّدها لاستجوابهم كـ”مدعى عليهم”.

وأثار الادعاء على المسؤولين الأربعة اعتراض جهات سياسية بينها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والثنائي الشيعي الممثل في حزب الله وحركة أمل.

وتقدّم كل من زعيتر وخليل المحسوبين على أمل بمذكرة أمام النيابة العامة التمييزية طلبا فيها نقل الدعوى إلى قاض آخر. وعلّق صوان بعدها التحقيقات لقرابة شهرين قبل أن يستأنفها الأسبوع الماضي بعدما أعادت محكمة التمييز الملف إليه في انتظار البتّ في طلب الوزيرين.

أسئلة يومية تطرح في لبنان بلا إجابات
أسئلة يومية تطرح في لبنان بلا إجابات

ورغم ملاحظاتها على أداء صوان ومطالبتها إياه مرارا بالكشف عن نتائج تحقيقاته، إلا أن منظمات حقوقية رأت في عزله “خطوة سلبية”.

وقال المحامي نزار صاغية، المدير التنفيذي للمفكرة القانونية، وهي منظمة غير قانونية تعنى بشرح القوانين، الخميس “مجرد أن يرفض الوزراء والطبقة السياسية أن يكونوا موضع محاسبة، فهم بذلك يضعون خطا أحمر للتحقيق، وهذا أمر خطير للغاية”.

واعتبر أن “وضع خطوط حمراء، وهو أمر تقليدي في لبنان، يحول دون تحقيق أي عدالة”.

وبحسب المصدر القضائي، فإن المحكمة اعتبرت أن “ارتياب” الوزيرين في “حياد المحقق العدلي مشروع” كونه من المتضررين من الانفجار بعد تعرّض منزله لأضرار.

ويتعيّن على القضاء اللبناني الآن أن يبادر إلى تعيين قاض جديد لتولي التحقيق، وسيكون عليه الاطلاع على الملفات التي أعدها صوان وبدء بعضها ربما من جديد.

وتتعرض الطبقة السياسية بأكملها في لبنان إلى اتهامات بالفساد واستغلال النفوذ. واندلعت في أكتوبر 2019 تحركات احتجاجية تطالب بمحاسبة وإسقاط كل الطبقة السياسية استمرت أشهرا ونجحت في إسقاط حكومة آنذاك برئاسة سعد الحريري، لكن لم يتغير شيء في الأداء السياسي.

ولم تسفر التحقيقات في الانفجار عن أي نتيجة معلنة حتى الآن رغم توقيف 25 شخصا على الأقل.

وسطّر صوان مطلع الأسبوع استنابات إلى الأجهزة الأمنية طلب بموجبها تبيان هويات ثلاثة رجال أعمال سوريين يحملون أيضا الجنسية الروسية، والتثبت مما إذا لهم مكان إقامة في لبنان تمهيدا لاستدعائهم إلى التحقيق، بعد تقارير إعلامية أفادت بوقوفهم خلف صفقة شراء شحنة نيترات الأمونيوم من جورجيا بواسطة شركة يُعتقد أنها وهمية مقرها بريطانيا.

2