اختلال معالجة الألم بالجسم ينتج متلازمة الألم العضلي الليفي

صعوبة التشخيص تستدعي اختلاف التخصصات، حيث يرجعها بعض العلماء إلى عوامل وراثية والبعض الآخر إلى إصابات جسدية أو عدوى فايروسية أو تغييرات هرمونية.
الثلاثاء 2020/06/09
متاعب جسدية ونفسية

يختلف الأطباء في تحديد أسباب نشوء متلازمة الألم العضلي الليفي ويرجعونها إلى عوامل وراثية، لاعتبار أن نسبة انتشارها تكون كبيرة بين أقرباء العائلة من الدرجة الأولى للمريض، غير أن العلماء يرجحون أنها ترجع إلى اختلال عمليات معالجة الألم بالجسم، ويتفقون على أنها تنتج متاعب جسدية ونفسية رهيبة.

برلين – لم تكن أعراض متلازمة الألم العضلي الليفي معروفة للكثيرين قبل عدد من السنوات، لكن عددا كبيرا من الأطباء أصبح الآن على اطلاع بتفاصيلها، مما يجعلهم أكثر تيقظا لتشخيص أعراض المتلازمة في الوقت الفعلي.

ووفق دراسة نشرت حديثا، تقدر نسبة انتشار هذا المرض في البلاد الغربية بين 2 و3 في المئة من عامة السكان. ويمكن تشخيص المتلازمة في مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية وتتراوح أعمار معظم المرضى بين 20 و50 سنة.

وترتبط متلازمة الألم العضلي الليفي بوجود آلام في الأنسجة الضامة والعضلات والأوتار والأربطة وفي أماكن أخرى. وعلى الرغم من أنه يمكن الشعور بالألم في العضلات والأنسجة الضامة، إلا أن مصدره في متلازمة الألم العضلي الليفي غير موجود في هذه الأنسجة. ويؤكد الأطباء أن زيادة توصيل الألم ومعالجته على علاقة بجهاز الأعصاب المركزي (الحبل الشوكي والدماغ)، مشيرين إلى أن كل تنبيه، والذي من المفروض أن يسبب ألما طفيفا، وحتى التنبيه الذي من المفروض ألا يسبب الشعور بالألم، تتم معالجته من قبل جهاز الأعصاب المركزي على أنه تنبيه مؤلم جدا في جسم المريض المصاب بمتلازمة الألم العضلي الليفي.

ويؤكد الدكتور هانز ميشيل مولنفيلد أن متلازمة الألم العضلي الليفي تُحيل الحياة إلى جحيم؛ حيث يعاني المريض من متاعب جسدية ونفسية رهيبة بلا سبب معلوم.

وأوضح الممارس العام الألماني أن متلازمة الألم العضلي الليفي أو ما يعرف طبيا بالفيبروميالغيا تعني الألم العضلي الليفي وتعرف أيضا باسم  “متلازمة الألم العضلي المتفشي”، وهي حالة مرضية تتميز بانتشار ألم مزمن في أماكن متعددة بالجسم.

على الرغم من أنه يمكن الشعور بالألم في العضلات والأنسجة الضامة، إلا أن مصدر المشكلة غير موجود في هذه الأنسجة

وقال مولنفيلد إنه ليس من المعلوم على وجه الدقة سبب هذا الألم، غير أن العلماء يرجحون أنه يرجع إلى اختلال عمليات معالجة الألم بالجسم، مشيرا إلى أن الأعراض الجسدية للفيبروميالغيا تتمثل في ألم العضلات والمفاصل والأوتار وآلام البطن والأمعاء، بالإضافة إلى التعب المستمر وصعوبات التنفس والسلس البولي.

كما أن الفيبروميالغيا لها أعراض نفسية تتمثل في ضعف التركيز واضطرابات النوم وتقلبات المزاج والاكتئاب والخوف والقلق.

ويعد تشخيص الفيبروميالغيا أمرا صعبا للغاية؛ حيث يستلزم الأمر استشارة أكثر من طبيب في تخصصات مختلفة، ما يستغرق وقتا طويلا حتى يتم تشخيص الإصابة بالفيبروميالغيا.

وغالبا ما يقوم العلاج على الطرق العلاجية الشاملة، أي التي تعمل على تخفيف المتاعب الجسدية والنفسية على حد السواء.

ووفق ما يشير إليه العلماء، لا تعتبر متلازمة الألم العضلي الليفي مرضا معديا، كما أن نسقها لا يعرف تصاعدا أو انتكاسا أو تنكيسة كما لا توحي أعراضها بتدهور حالة المريض مع مرور الزمن، إلا أنه توجد فترات يشعر فيها المريض بحالة جيدة وفترات أخرى تكون حالته سيئة.

 ألم مزمن في أماكن متعددة بالجسم
 ألم مزمن في أماكن متعددة بالجسم

ويفترض الأطباء وجود علاقة للعوامل الوراثية في الإصابة بمتلازمة الألم العضلي الليفي، ويبررون ذلك بارتفاع نسبة انتشارها بين أقرباء العائلة من الدرجة الأولى للمريض.

كما يذهب الأطباء إلى أن العديد من العوامل تساهم في نشوء هذه المتلازمة، بما في ذلك الإصابات الجسدية خصوصا في العمود الفقري، وأنواع مختلفة من العدوى الفايروسية، والتغييرات الهرمونية والضغط النفسي. كما أن متلازمة الألم العضلي الليفي قد تنشأ بشكل ثانوي لدى شخص يعاني من مرض آخر كالتهاب المفاصل أو مرض التهابي مزمن في الأمعاء وغيرها.

ويعرف الألم العضلي الليفي اضطرابا بوجود ألم عضلي هيكلي منتشر، ويصحبه الإرهاق والنوم ومشاكل في الذاكرة والمزاج. ويعتقد الباحثون أن الألم العضلي الليفي يضخم الشعور بالأحاسيس المؤلمة من خلال التأثير على الطريقة التي يعالج بها الدماغ إشارات الألم.

وتبدأ الأعراض في بعض الأحيان بعد التعرض لصدمة بدنية أو جراحة أو التهاب أو ضغط نفسي شديد. وفي حالات أخرى، تتراكم الأعراض بمرور الوقت مع عدم وجود حدث واحد متسبب بها.

وتعد النساء أكثر عرضة للإصابة بالألم العضلي الليفي من الرجال. ويعاني الكثير من الأشخاص المصابين بالألم العضلي الليفي أيضا صداع التوتر واضطرابات في المفصل الفكي الصدغي ومتلازمة القولون العصبي والقلق والاكتئاب.

علاج لتخفيف المتاعب الجسدية والنفسية
علاج لتخفيف المتاعب الجسدية والنفسية 

كما تشخص متلازمة الألم العضلي الليفي على أنها ألم واسع الانتشار في أعلى وأسفل الخصر وجانبي الجسم، يستمر لمدة 3 أشهر على الأقل، وألم عند الضغط على ما لا يقل عن 11 من أصل 18 نقطة حساسة للألم محددة في جسم المصاب، إضافة إلى انتشار مناطق الوجع أو تصلب 3 نقاط تشريحية على الأقل لمدة 3 أشهر.

ولمعالجة الفيبروميالغيا ينصح الأطباء بمراعاة تجنب الأطعمة التي ربما تسبب للمريض حساسية عند تناولها. وتشمل أكثر الأغذية شيوعا القمح والحبوب المحتوية على الغلوتين مثل الشعير والشوفان.

ويرى الأطباء أنه يجب تجنب الحليب ومنتجات الألبان والسكر لأنها تستنزف الجهاز المناعي، وتجنب استخدام مواد التحلية الصناعية والأطعمة والمشروبات التي تحتوي على الكافيين والمشروبات الغازية والمضافات الغذائية والألوان والمواد الحافظة والفول السوداني، وذلك لأن الأفلاتوكسينات التي تنمو على الفول السوداني تزيد من الأعراض سوءا، ويمكن تناول زبدة اللوز بدلا من ذلك.

وينصح الأطباء أيضا بنظام غدائي نباتي باعتبار أن الجهاز اللمفاوي لأغلب من يعانون من الفيبروميالغيا يكون منهكا. ويعمل الجهاز اللمفاوي على إزالة النفايات من العضلات والأنسجة الرخوة الأخرى في الجسم، ولكنه يمكن أن يصبح مثقلا بسبب النظام الغذائي التقليدي الذي يشتمل على اللحوم والألبان والسكر وغير ذلك من الأطعمة التي تسبب الالتهابات أو الحساسية. ولذلك، يُنصح بتناول الفواكه والخضروات حيث أنها أفضل مطهر للجهاز اللمفاوي.

كما يؤدي تناول 5 غرامات من الزنجبيل يوميا إلى تنشيط الدورة الدموية في العضلات ويحد من الألم، ولكن لا ينصح باستخدامه مع الأدوية المضادة للتجلط.

17