احتيال إلكتروني يضاعف حرج قطر من قضية الناشط الكيني

العامل والناشط الكيني مالكولم بيدالي وجد نفسه مستهدفا بهجوم احتيالي كان سيؤدي إلى الكشف عن موقعه قبل اعتقاله مباشرة.
الثلاثاء 2021/06/01
الصمت والانحناء.. لضمان السلامة

الدوحة - يسبّب توارد المزيد من المعلومات بشأن خفايا قضيّة العامل الكيني المحتجز في قطر، على خلفية نشره معلومات عن سوء أوضاع العمّال الوافدين إلى الدولة الغنية بموارد الغاز الطبيعي، المزيد من الحرج للسلطات القطرية.

وبعد أن حاولت السلطات تطويق الضجّة المثارة حول اعتقال مالكولم بيدالي العامل والناشط الكيني على مواقع التواصل الاجتماعي بإيجاد غطاء قانوني لاعتقاله الذي أثار انتقادات هيئات حقوقية دولية، جاء الكشف عن محاولة “الإيقاع” به عن طريق عملية احتيال إلكتروني ليحيي الجدل والانتقادات مجدّدا وليضاعف حرج قطر الساعية إلى تحسين سمعتها الدولية قبل انطلاق نهائيات كأس العالم في كرة القدم في نوفمبر 2022.

وقال تقرير لوكالة أسوشيتد برس إنّ حارس الأمن الكيني وجد نفسه مستهدفا بهجوم احتيالي كان سيؤدي إلى الكشف عن موقعه قبل اعتقاله مباشرة.

ونقل عن محللين من منظمة العفو الدولية والمختبر البحثي الحقوقي “سيتيزن لاب” القول إنهم لم يتمكنوا من تحديد هوية مستهدفي بيدالي، حيث يتطلب الأمر الوصول إلى المعلومات السرية التي تخزنها شركات الاتصالات التي عادة ما تقوم بالإفراج عنها فقط لمسؤولي الحكومة أو قوات الأمن.

وقال جون غامبريل في التقرير إنّ مزوديْ خدمة الإنترنت الرئيسيين في البلاد لم يستجيبا لطلبات التعليق. كما لم ترد قطر على أسئلة حول إمكانية تعرض الناشط لمحاولة احتيال إلكتروني.

وأثار احتجاز بيدالي البالغ من العمر 28 عاما لمدة أسابيع في مكان غير معروف، مرة أخرى تساؤلات حول حرية التعبير في قطر.

وكتبت عدة منظمات حقوقية تناضل من أجل الإفراج عن الناشط مؤخرا “لا يوجد دليل على أنه محتجز بسبب أي شيء آخر غير عمله المشروع في مجال حقوق الإنسان ولممارسته حريته في التعبير ولتسليط الضوء على معاملة قطر للعمال المهاجرين”.

وعمل بيدالي 12 ساعة في اليوم كحارس أمن. وفي أوقات فراغه كان يكتب مقالات تحت اسم مستعار هو “نوح” عن تجاربه كحارس، بما في ذلك محاولة تحسين أماكن إقامة العمال وتحديات الحياة.

10

سنوات سجنا تنتظر مالكوم بيدالي إذا حوكم بموجب المادة 120 من قانون العقوبات القطري

ولا يزال سبب احتجاز قوات الأمن لبيدالي في 4 مايو غير مقنع للمنظمات الحقوقية رغم توجيه اتهام فضفاض له من قبل السلطات القطرية. وقبل حوالي أسبوع في 26 أبريل تحدث وظهر لفترة وجيزة في مؤتمر عبر الفيديو مع المجتمع المدني والجماعات النقابية متحدّثا عن تجربته.

وبعد ساعات فقط من انتهاء مؤتمر الفيديو هذا أرسل مستخدم تويتر إلى بيدالي رابطا نقر عليه لاحقا وبدا أنه في البداية مقطع فيديو من هيومن رايتس ووتش. لكن بدلا من ذلك ذهب هذا الرابط ببيدالي إلى موقع يشبه يوتيوب “ربما سمح للمهاجمين بالحصول على عنوان آي بي الخاص به، والذي كان من الممكن استخدامه لتحديد هويته وتحديد مكانه”، على حد قول منظمة العفو الدولية. وعنوان آي بي هو تعيين رقمي يحدد موقع المستخدم على الإنترنت.

وقال بيل ماركزاك الباحث البارز في مؤسسة “سيتيزين لاب” والذي توصل أيضا إلى نفس النتيجة التي توصلت إليها منظمة العفو الدولية إنّه “في غضون 10 دقائق تقريبا يمكن لأي تقني تقريبا إنشاء موقع ويب لالتقاط عنوان آي بي لأي شخص ينقر على الرابط. والجزء الصعب هو تحويل عنوان آي بي إلى اسم وعنوان حقيقيين”.

ويتطلب ذلك عادة الوصول إلى المعلومات الخاصة التي يحتفظ بها مزودو خدمة الإنترنت والتي لا يمكن الوصول إليها غالبا إلا من قبلهم أو من قبل الحكومات.

وعلق تويتر لاحقا الحساب الذي استخدم للاحتيال على بيدالي. ولم ترد شركة التواصل الاجتماعي ومقرها سان فرانسيسكو على أسئلة حول عملية تعليق الحساب.

وفي وقت متأخر من مساء السبت قالت قطر في بيان إن بيدالي “وُجهت إليه رسميا تهم تتعلق بمدفوعات تلقاها من وكيل أجنبي لتوزيع معلومات مضللة داخل قطر”، ولم يوضح البيان أو يقدم أدلة لدعم الادعاء.

وإذا أدين بيدالي بموجب المادة 120 من قانون العقوبات القطري فقد يواجه عقوبة تصل إلى 10 سنوات سجنا وغرامة قدرها 4 آلاف دولار.

وفي أوائل العام الماضي قامت قطر أيضا بتعديل قانون العقوبات للسماح بفرض عقوبات بالسجن تصل إلى خمس سنوات وغرامة قدرها 27500 دولار لأي شخص ينشر “شائعات أو بيانات أو أخبارا كاذبة أو خبيثة أو دعاية مثيرة”، وفقا لهيومن رايتس ووتش.

ولم يخالف مالكولم في إثارته قضية أوضاع العمّال الوافدين في قطر الحقائق التي أصبحت مشهورة إلى حدّ كبير وموثّقة في تقارير صحافية وحقوقية كثيرة أوردت صنوفا من اضطهاد هؤلاء العمال والاعتداء على حقوقهم تراوحت بين ظروف إقامتهم الصعبة وعدم قدرة كثيرين منهم على الحصول على مستحقاتهم المالية من مشغّليهم، وبين ظروف العمل الخطرة والشاقّة التي أودت بحياة المئات من العمّال الأجانب في قطر.

ولفت توقيف العامل الكيني الانتباه إلى حدود التعبير الضيّقة في قطر التي تدير وسائل إعلام تسلّط أضواءها على الخارج وتتبنى بقوة قضايا حقوق الإنسان والحريات العامّة، لكن فقط في دول أخرى.

3