اجتماع وزاري دولي في العيون تحصينا للمكتسبات الدبلوماسية في الصحراء المغربية

المغرب يحقق مزيدا من النجاحات والاختراقات.
السبت 2022/09/03
سياسة فتح القنصليات خدمت القضية المغربية

تسعى السلطات المغربية من خلال عقد اجتماع وزاري للدول التي فتحت قنصليات في الأقاليم الجنوبية للمغرب لدعم مكتسباتها الدبلوماسية بشأن ملف الصحراء ومواجهة تحركات الجزائر في أفريقيا وعدد من الدول في العالم.

الرباط - يُرتقب انعقاد اجتماع وزاري للدول التي فتحت قنصليات في الأقاليم الجنوبية للمغرب إثر المتغيرات الإقليمية الهامة التي طرأت في الآونة الأخيرة بخصوص ملف الصحراء المغربية.

ويأتي الاجتماع المرتقب لخلق تنسيق أكبر بين هذه البلدان، خصوصا بعد التحركات السلبية التي تتبعها الجزائر في دول الجوار وفي القارة الأفريقية وخارجها لتقويض الاختراقات والنجاحات التي حققتها الدبلوماسية المغربية في ملف الصحراء.

وأعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة الأربعاء عن “عقد اجتماع، سواء في العيون أو الداخلة، يضم كل الدول التي فتحت قنصليات في الأقاليم الجنوبية، لتأكيد هذه الدينامية وخلق تنسيق أكبر بين هذه البلدان”.

وأبرز بوريطة أن هذه المبادرة تندرج في إطار تعزيز جهود فتح القنصليات التي أكد عليها العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة تخليد ذكرى ثورة الملك والشعب، باعتبارها جزءا من التطور الإيجابي الذي تعرفه قضية الوحدة الترابية للمغرب.

واعتبر رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية في تصريح لـ”العرب” أن هذا الاجتماع الوزاري هو بمثابة تنسيق على أعلى مستوى دولي يروم دعم ومبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لحل النزاع المفتعل.

محمد بودن: الاجتماع يمثل بداية عملية تضامن مفتوحة وخطوة هامة لدعم الاستثمار والتنمية

وأضاف أن “الاجتماع يهدف إلى المشاركة الكاملة لجميع الأطراف في البحث عن حل نهائي للنزاع في إقليم الصحراء، في إطار الاحترام التام للمبادئ والمعايير التي كرّسها مجلس الأمن في جميع قراراته منذ 2007، والمتمثلة في أن الحل لا يمكن إلا أن يكون سياسيا وواقعيا وعمليا ودائما ومبنيا على أساس التوافق”.

ويشير محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية إلى أن “الاجتماع سيمثل مبادرة تشاركية منسقة ومتعددة الأبعاد بين المغرب والدول المعنية، كما أن الاجتماع المقبل سيؤسس لجهد جماعي وتكتل سياسي وقنصلي للدفاع عن مغربية الصحراء من منطلق سيادي يتبنى الموقف المغربي، وقانوني يرتكز على اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية”.

واعتبر بودن في تصريح لـ”العرب” أن الاجتماع يمثل بداية عملية تضامن مفتوحة وخطوة هامة لدعم الاستثمار والتنمية ونشاط رعايا الدول المعنية في الأقاليم الجنوبية والتصدي لردود الفعل الانتهازية والمتشنجة لأعداء الوحدة الترابية المغربية ومواجهة تحركات جزائرية باتت تستهدف مواقف بعض الدول التي فتحت قنصليات بالصحراء المغربية.

وأبرز بوريطة خلال ندوة صحافية مشتركة مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون والإدماج الإقليمي بجمهورية الرأس الأخضر روي ألبيرتو دي فيغيريدو سواريس، عقب افتتاح قنصلية عامة لبلاده بالداخلة، أن تأكيد الملك محمد السادس على أن “حوالي 40 في المئة من الدول الأفريقية قامت بفتح قنصليات في العيون والداخلة” يعكس التوجه العام داخل القارة الأفريقية لفائدة دعم الوحدة الترابية للمغرب وحقوقه المشروعة على هذا الجزء من أراضيه.

وترأس بوريطة وسواريس الأربعاء بالداخلة حفل تدشين القنصلية العامة لجمهورية الرأس الأخضر، التي أكدت بذلك دعمها القوي لسيادة الرباط على كافة ترابها، بما في ذلك الصحراء المغربية.

وارتفع عدد القنصليات التي تم افتتاحها بالأقاليم الجنوبية للمملكة إلى 27 قنصلية تتوزع ما بين مدينتي الداخلة (15 قنصلية) والعيون (12)، حيث تبنت الدبلوماسية المغربية خطة فتحِ القنصليات باعتبارها دليلا عمليا ودوليا على مغربية الصحراء.

ويشكل فتح قنصليات عامة في كل من العيون والداخلة جنوبا اعترافا واضحا وصريحا بمغربية الصحراء، وتعبيرا عن ثقة تلك الدول في الأمن والاستقرار والرخاء الذي تنعم به الأقاليم الجنوبية.

ودشنت الدول الأفريقية سلسلة فتح القنصليات قبل أن تسير على منوالها دول عربية ومنها الإمارات العربية المتحدة والبحرين، ودول أخرى خارج القارة الأفريقية.

وتجدر الإشارة إلى أن 11 دولة كانت قد أقامت سابقًا علاقات دبلوماسية مع بوليساريو، وهي بوركينا فاسو وبوروندي وإسواتيني وغينيا بيساو وغينيا الاستوائية وليبيريا وملاوي وساو تومي وبرينسيبي وسيراليون وتوغو وزامبيا.

ويقترب المغرب بعزيمة من عتبة الثلثين المطلوبة للتمكن من مراجعة القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، كما تنص على ذلك المادة 32، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى طرد بوليساريو من الاتحاد، وهو ما تخشاه الجزائر الداعمة الرئيسية للجبهة الانفصالية.

الاجتماع يسعى لمواجهة تحركات جزائرية باتت تستهدف مواقف بعض الدول التي فتحت قنصليات بالصحراء المغربية

وفي هذا الإطار أكد رشيد لزرق أن ما حدث في تونس من استقبال الرئيس قيس سعيّد لزعيم الجبهة الانفصالية إبراهيم غالي في قمة “تيكاد 8” هو تنبيه إلى ضرورة توحيد الجهود على مستوى هذا الاجتماع الوزاري لمواجهة سياسات وخطط الجزائر.

وسيتعين على المغرب أن يواصل سباقه الدبلوماسي من خلال إقناع البلدان الأفريقية الأخرى بفتح قنصليات قبل المطالبة بطرد بوليساريو من الاتحاد الأفريقي، لهذا يمثل الاجتماع المقبل ببعديه السياسي والتنموي الاقتصادي بوابة لترسيخ هذا الهدف.

ويرى مراقبون أن مثل هذه التحركات تأتي بالتوازي مع استقطاب المدن الصحراوية لكبريات الشركات العالمية، حتى تحولت المنطقة إلى أوراش مفتوحة، خصوصا مع تخصيص شركات أميركية ميزانيات للاستثمار في الصحراء المغربية.

واعتبر بودن أن الاجتماع سيكون منبرا للتعبير مجددا عن دعم الدول من مختلف المجموعات الدولية لسيادة المغرب على صحرائه وسيعكس استمرار تطابق مواقف هذه الدول حول الصحراء المغربية، مشيرا إلى أن المبادرة مكنت من التعبئة وتنويع الروابط الإستراتيجية مع الدول الصديقة من أجل سيادة المغرب على صحرائه وزيادة مساحات الاختراق لتحقيق مواقف تخدم مساعي الرباط في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وأوروبا وأميركا اللاتينية والكاريبي وآسيا وأوقيانوسيا لدعم مشروع الحكم الذاتي.

4