اجتماع في لندن يعيد الاهتمام الدولي بالملف الليبي

البعثة الأممية ترغب في إطلاق مبادرة سياسية جديدة تستهدف جميع الليبيين.
الجمعة 2024/11/29
خوري تعمل على تقريب وجهات النظر بين الليبيين

عادت الجهود الدولية لتتكثف من جديد من أجل التوصل إلى حل للأزمة الليبية، حيث قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنيكا كلازن “إن البعثة الأممية ترغب في إطلاق مبادرة سياسية جديدة تستهدف جميع الليبيين.”

وأضافت أن ليبيا تستحق الاستقرار وإجراء انتخابات وطنية حرة، مشيرة إلى أن الليبيين يحظون بالدعم الكامل من الحكومة الألمانية، لافتة إلى أن ”الأمن والاقتصاد المستدام وحقوق الإنسان والانتخابات الشفافة هي الهدف“، فيما أكد الناشط الحقوقي حسام القماطي أن لندن ستحتضن اجتماعا دوليا يوم الثالث والرابع من ديسمبر القادم، بهدف التوصل إلى تشكيل حكومة جديدة يشارك فيها كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات.

ويسعى الاجتماع لإيجاد توافق دولي حول تشكيل حكومة جديدة موحدة تهدف إلى إنهاء الانقسام السياسي وإنجاز الاستحقاق الانتخابي، كما سيبحث الوضع المالي في ليبيا.

وبحسب مصادر ليبية، فإن السعودية اشترطت لاستضافة الحوار على أراضيها ضمان توافق دولي وضمانات لنجاح الحوار السياسي الذي تسعى رئيسة البعثة الأممية بالوكالة ستيفاني خوري لعقده بهدف تشكيل الحكومة.

الجهود الدولية المكثفة تهدف إلى حلحلة الأزمة والاتجاه نحو خطة سياسية للخروج من النفق بتوحيد المؤسسة العسكرية

وقالت خوري إن “البعثة تعمل على إتمام باقي الاستحقاقات الانتخابية، والاتفاق على حكومة موحدة، وتوحيد المؤسسات الليبية.” وأضافت “عملنا بالأساس يتركز وفق تفويض مجلس الأمن على دعم ليبيا للوصول إلى الانتخابات، وتحديد موعد لإجرائها، لكن هناك قضايا أساسية ما زالت غير محسومة منذ عام 2011، مثل هيكلة الدولة وهويتها، وتوزيع الموارد بشكل عادل”، مشيرة إلى أن “هذه الأمور تتطلب معالجة شاملة تشمل الجوانب الدستورية، والعمل على تعزيز استقرار المؤسسات.”

وشددت على أن “البعثة بدأت بتسيير العملية السياسية في ليبيا، وحل أزمة المصرف المركزي، وستعمل على حل باقي المشاكل قريبا.” كما أكدت أن “من المهم دعم جهود التوصل إلى ميزانية موحدة، وهو أمر لم يتم التوافق عليه حتى الآن، لكنه خطوة أساسية لتعزيز دور المؤسسات الليبية.”

ومن روما، أكد وزراء خارجية مجموعة السبع، أن بلدانهم ملتزمة بالحفاظ على سيادة ليبيا واستقرارها وسلامة أراضيها. وأوضحوا في بيانهم الختامي الصادر الثلاثاء الماضي على إثر اجتماعهم الدوري، أنهم ملتزمون بالحفاظ على سيادة ليبيا واستقرارها واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية، ويدعمون الرد الإيجابي على طلب ليبيا المقدم إلى مجلس الأمن للحصول على مساعدة دولية لتعزيز التنسيق الأمني بين قوات الأمن الليبية في جميع أنحاء البلاد.

وقالت الدول السبع “ندعو إلى انسحاب جميع المقاتلين والمرتزقة الأجانب من ليبيا دون تأخير، كما ندعم بقوة الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة والمسؤولة عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني خوري منذ فترة طويلة لتيسير الحوار الهادف والشامل بين الأطراف الليبية من أجل عكس مسار التشرذم المؤسسي والمضي قدما نحو الاستقرار والأمن المستدام.”

العواصم الغربية تحاول احتواء الدور الروسي في ليبيا وقطع الصلة بينه وبين نفوذ موسكو المتزايد في دول الساحل والصحراء

وكانت ستيفاني خوري أكدت أن البعثة تعمل بجد من أجل دفع العملية السياسية إلى الأمام، لاسيما أن الدعم الدولي يبقى أمرا حاسما لإجرائها، وأكدت أن استمرار الإجراءات أحادية الجانب لن يؤدي إلا إلى تقويض سيادة البلاد، وإغراقها في المزيد من الأزمات، وتشتيت الانتباه عن المهمة المطروحة وهي تمهيد السبيل لحل سياسي شامل قادر على أن يعالج قضايا مثل الانقسام الحالي داخل مؤسسات الدولة، والحاجة إلى حكومة موحدة، واستعادة الشرعية الديمقراطية عن طريق الانتخابات.

وأوضحت خوري أن الليبيين أكدوا رغبتهم في إجراء عملية سياسية لمعالجة القضايا الأساسية بعيدة المدى، وتشمل هذه القضايا طبيعة الدولة الليبية وبنيتها، والتوزيع العادل للثروات على جميع الليبيين. وهذا يستلزم حوارا شاملا، مشيرة إلى أن الأحداث الأخيرة أظهرت أن تدابير بناء الثقة، مثل إنهاء الإجراءات أحادية الجانب، أو تأمين ضمانات للوفاء بالالتزامات المُتعهد بها، أكثر أهمية من أي وقت مضى للتقدم في إجراء عملية سياسية بناءة.

وبحسب المراقبين، تحاول العواصم الغربية جاهدة احتواء الدور الروسي في ليبيا وقطع أي صلة بينه وبين نفوذ موسكو المتزايد في دول الساحل والصحراء، ولذلك فهي تربط الحل السياسي بضرورة توحيد المؤسسة العسكرية وطرد كافة المسلحين الأجانب سواء كانوا من القوات النظامية أو المرتزقة وحل الميليشيات واسترجاع الدولة الليبية سيادتها على كامل أراضيها ومقدراتها.

والاثنين الماضي، بحث محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، مع كريستيان بوك المبعوث الألماني الخاص إلى ليبيا تطورات الوضع في ليبيا في ضوء المستجدات السياسية والاقتصادية.

السعودية اشترطت لاستضافة الحوار على أراضيها ضمان توافق دولي وضمانات لنجاح الحوار السياسي

وذكر المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي أن اللقاء تم خلاله التأكيد على أهمية التوافق لإجراء الانتخابات في ليبيا وفق أسس يتفق عليها الجميع، وضرورة الوصول بالبلاد إلى مرحلة الاستقرار التام والبناء.

وأكد المبعوث الألماني على دعم بلاده لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا وتحقيق مخرجات مسارات برلين ودعم كل الجهود المحلية والإقليمية والدولية في الوصول إلى دولة مستقرة عبر انتخابات نزيهة وشفافة يشارك فيها الجميع دون إقصاء.

وفي بنغازي، استقبل مستشار الأمن القومي إبراهيم بوشناف، الأربعاء، سفير جمهورية فرنسا لدى ليبيا مصطفى مهراج، وبحث معه مجموعة من المواضيع ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، مشيرا إلى أهمية تعزيز التعاون الثنائي في المجالات المختلفة بما يخدم المصالح المشتركة، وجاء اللقاء في إطار تعزيز العلاقات بين ليبيا وفرنسا، وتبادل الرؤى حول القضايا الأمنية والسياسية الإقليمية، وتعزيز الحوار والتنسيق بين الجانبين في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وفي تونس، نظمت البعثة الأممية في ليبيا ورشة عمل على مدى يومين (24 – 25 نوفمبر) ضمّت ممثلين عن اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 ولجانها الفرعية.

ووفقا للبعثة الأممية، فقد هدفت الورشة إلى تعزيز آلية التنسيق الخاصة باتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، ومناقشة التحديات القائمة في سبيل تنفيذه بشكل كامل.

وتناول المشاركون خطة العمل المشتركة لخروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من ليبيا، بالإضافة إلى استمرار عملية نزع الألغام ومخلفات الحرب. وأكد جميع المشاركين، بحسب البعثة الأممية، التزامهم الكامل باتفاق وقف إطلاق النار.

ويرى محللون أن الجهود الدولية المكثفة تهدف إلى حلحلة الأزمة والاتجاه نحو خطة سياسية للخروج من النفق بتوحيد المؤسسة العسكرية وتحقيق المصالحة وتنظيم الانتخابات خلال العام 2025، وهو ما لن يتحقق إلا بتشكيل حكومة جديدة موحدة تبسط نفوذها على كامل مناطق البلاد.

4