اتهامات للمخابرات تثير جدلا حول التصفيات من داخل الأجهزة الرسمية في ليبيا

أثار الإعلان عن تورط عناصر من جهاز المخابرات الليبية في محاولة اغتيال مسؤول حكومي جدلا واسعا حول إمكانية الكشف لاحقا عن تصفيات من داخل أجهزة الدولة نتيجة التنافس بين أفرادها وصراع المصالح الذي بات يسيطر على العلاقات بين الجهات الحكومية.
وبحسب النيابة العامة تلقى النائب العام المستشار الصديق الصور قرارا من رئيس جهاز المخابرات الليبية حسين العائب برفع القيد الإجرائي تجاه 13 عضوا في الجهاز متهمين بمحاولة اغتيال رئيس هيئة السلامة الوطنية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية عبدالمجيد مليقطة.
جاء ذلك خلال لقاء جمع النائب العام ورئيس جهاز المخابرات الليبية، لبحث إمداد النيابة العامة بمعلومات عن وظيفة أعضاء بالجهاز متهمين بالتخطيط لاغتيال مليقطة في منتصف يونيو الماضي. وفي الثاني من يوليو الجاري أعلن مكتب النائب العام الليبي عن إحباط محاولة اغتيال استهدفت مليقطة، من خلال تفجير سيارة مفخخة وضعت في مساره.
مليقطة رجل أعمال معروف وكان له دور في دعم الجماعات المسلحة خلال الحرب الأهلية عام 2011، وقد انتمى إلى تحالف القوى الوطنية بزعامة محمود جبريل
وقام المحققون بمعاينة موقع التفجير وجمع الأدلة فيما تولى قسم ضبط شؤون المعلوماتية والاتصالات بمكتب النائب العام تحليل المعلومات التي كشفت عن تحركات المشتبه بهم قبل تنفيذ الجريمة وبعده. وكشفت التحقيقات أن عنصرين من إدارة الأمن القومي بجهاز المخابرات الليبية تورطا في هذه العملية.
وتمكنت قوات جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة من القبض على المشتبه فيهما الرئيسيين، فيما تستمر الجهود لملاحقة المتورطين الآخرين خارج البلاد بالتعاون مع الجهات الدولية. ومن شأن رفع القيد الإجرائي عن المتهمين أن يسمح للنيابة العامة بتحريك الدعوى الجنائية حيالهم، وإحالة ملف القضية إلى القضاء.
وبحسب بلاغ لمكتب النائب العام أنجزت الضابطة القضائية تدبيرا أمرت به سلطة التحقيق في مواجهة عنصرين بإدارة الأمن القومي بجهاز المخابرات الليبية أسهما في تفجير سيارة مفخخة وُضِعت في طريق سلكه مليقطة لغرض اغتياله.
ومليقطة الذي يتحدر من مدينة الزنتان رجل أعمال معروف وكان له دور في دعم الجماعات المسلحة خلال الحرب الأهلية عام 2011، وقد انتمى إلى تحالف القوى الوطنية بزعامة محمود جبريل وتولى مهمة نائب رئيس التحالف، كما عمل مستشارا لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وحظي بعضوية منتدى الحوار السياسي الليبي، وهو يشغل إلى حد الآن مهمة مستشار لدى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة بالإضافة إلى مهمة رئيس مجلس إدارة الشركة الليبية لإدارة المشاريع المشتركة مع القطاع الخاص، فضلا عن رئاسته هيئة السلامة الوطنية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية.
وحاول جهاز المخابرات العامة التنصل من الحادثة بالرد على النتائج الأولية للتحقيق حيث اعتبر أن الأيام القادمة ستكون صعبة على أعداء الوطن والمواطن.
وقال ردا على ما وصفه بالحملة الشرسة التي تشنها بعض صفحات التواصل الاجتماعي، وللرد أيضا على ما صدر عن الصفحة الرسمية لمكتب النائب العام في قضية محاولة اغتيال المواطن عبدالمجيد مليقطة، إنه بشكل عام أسمى من أن يكون أداة للقيام بمثل هذه الأعمال، فالجهاز أنشئ لحماية الوطن والمواطن وحماية مؤسسات الدولة، والكشف عن عمليات الإرهابيين والمخططات المخابراتية وعملائهم من الداخل لأجل حماية الأمن القومي الليبي.
وأضاف أن الجهاز، مثله مثل أي مؤسسة ما بعد سنة 2011، قام بتنسيب موظفين له بعقود أو بتعيينات رسمية، موضحا أن الأعضاء الذين أشار إليهم مكتب النائب العام بالتبعية لإدارة الأمن القومي في الجهاز قد يكونون ممّن سبق لهم أن تحصلوا على عقود عمل في فترة سابقة.
وبحسب مراقبين سيفسح الكشف عن تورط عناصر من جهاز المخابرات في محاولة اغتيال مليقطة المجال للكشف عن أحداث أخرى تورط فيها محسوبون على مؤسسات رسمية. وفي هذا السياق أبلغ الصحافي محمود المصراتي النائب العام في رسالة بتعرضه لمحاولة اغتيال خارج ليبيا قبل أشهر، على يد محمد حسين العائب ابن رئيس جهاز المخابرات في طرابلس.
وقال المصراتي “المدعو متورط قبل أشهر في محاولة تدبير عمل لاستهدافي في الخارج ووصلني حينها تحذير من جهة معينة ولم يفلح في فعلته”، وأضاف “علمت بقبضكم على المجرم بتهمة تورطه في محاولة اغتيال عبدالمجيد مليقطة بسيارة مفخخة على طريقة رفاقه الدواعش”، مردفا “هذا بلاغ رسمي مني لكم بذلك راجيًا اتخاذ ما يلزم من إجراءات خلال مواجهته بالتحقيقات”.
وقال المصراتي المقيم في تونس إنه مستعد للمثول أمام وكيل النائب العام في بنغازي أو أمام النائب العام “عبر أي وسيلة اتصال ترونها مناسبة”.