اتفاق القاهرة الليبي سيناريو مكرر لتفاهمات سرعان ما ينفرط عقدها

تجارب الليبيين مع اللجان طويلة، وهي غالبا ما تعني ترحيل الملفات وترقب النتائج بعيدا عن أي جهود جدية لحلحلة الأزمة.
الثلاثاء 2024/03/12
أي مخرج للأزمة؟

ينظر مراقبون إلى الاتفاق الذي تم الأحد في القاهرة بين رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة على أنه سيناريو مكرر من تفاهمات سابقة سرعان ما ينفرط عقدها لتعود الأمور إلى مراوحة مكانها.

ويشكك المراقبون في إمكانية البناء على الاتفاق للخروج من حالة الجمود السياسي الذي تعيشه البلاد منذ سنوات، ويُتهم السياسيون بالسعي للحفاظ عليه، خشية أن يخسروا مناصبهم في الانتخابات المقبلة.

وسبق لمجلسيْ النواب والدولة أن تفاهما حول عدة ملفات لم تسلك طريقها إلى التنفيذ، من بين ذلك التفاهمات التي جرت بين الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة خالد المشري ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح بشأن تغيير حكومة الوحدة الوطنية.

سعد بن شرادة: اتفاق القاهرة الثلاثي هدفه تعطيل الذهاب إلى انتخابات
سعد بن شرادة: اتفاق القاهرة الثلاثي هدفه تعطيل الذهاب إلى انتخابات

وقبل ذلك اتفق الطرفان على تغيير المناصب السيادية، وهو الاتفاق الذي ظل معلقا منذ حوالي ثلاث سنوات. وكان آخر التفاهمات وأهمها اتفاق لجنة 6+6 حول القوانين الانتخابية الذي تم منذ يونيو الماضي ومازال الجدل قائما بشأنه إلى اليوم.

ويطرح البيان الختامي لاجتماع القاهرة أكثر من سؤال حول فرص تجاوز النفق والتأسيس للحل السياسي بأبعاده المتعددة وفي مقدمتها تشكيل حكومة جديدة موحدة وتحديد موعد الاستحقاقين الانتخابيين المنتظرين الرئاسي والبرلماني.

وشدد البيان الختامي للاجتماع الثلاثي على وجوب تشكيل حكومة موحدة مهمتها الإشراف على العملية الانتخابية وتقديم الخدمات الضرورية للمواطن.

واتفق المجتمعون على تشكيل لجنة فنية خلال فترة زمنية محددة للنظر في التعديلات المناسبة لتوسيع قاعدة التوافق والقبول بالعمل المنجز من لجنة 6+6 وحسم الأمور العالقة حيال النقاط الخلافية حسب التشريعات النافذة، وذلك انطلاقا من مرجعية الاتفاق السياسي وملاحقه.

كما اتفقوا على توحيد المناصب السيادية بما يضمن تفعيل دورها المناط بها على مستوى الدولة الليبية، مع دعوة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والمجتمع الدولي إلى دعم هذا التوافق في سبيل إنجاحه.

وأجمعوا كذلك على عقد جولة ثانية بشكل عاجل لإتمام الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ، وثمنوا دور جامعة الدول العربية في تقريب وجهات النظر للوصول إلى إتمام العملية الانتخابية في ليبيا.

ورغم بعض الجوانب الايجابية الواردة في الاتفاق إلا أنه فسح المجال واسعا أمام مرحلة جديدة من الخلافات، وخاصة من حيث الحديث عن تشكيل اللجنة الفنية التي ستنظر في التعديلات المتعلقة بالقوانين الانتخابية محل الخلافات، ولاسيما بين مجلسيْ النواب والدولة وبين الأطراف السياسية المهيمنة على المشهد العام سواء في غرب البلاد أو في بقية المناطق.

وتجارب الليبيين مع اللجان طويلة، وهي غالبا ما تعني ترحيل الملفات وترقب النتائج بعيدا عن أي جهود جدية لحلحلة الأزمة التي مازالت البلاد تعرفها منذ 13 عاما.

شكوك في إمكانية البناء على الاتفاق للخروج من حالة الجمود السياسي، ويُتهم السياسيون بالسعي للحفاظ عليه، خشية أن يخسروا مناصبهم في الانتخابات المقبلة

ويُرجَّح أن يستمر الجدل حول مسألة توحيد المناصب السيادية لفترة طويلة، لاسيما أن هذا الملف مازال يواجه عراقيل شتى بعد مرور ثلاث سنوات على اتفاق بوزنيقة المغربية الموقع في يناير 2021.

وبحسب الاتفاق، فإن مصرف ليبيا المركزي وهيئة الرقابة الإدارية سيكونان من حصة شرق ليبيا، بينما سيحصل غرب البلاد على ديوان المحاسبة والنائب العام والمفوضية العليا للانتخابات، على أن تكون المحكمة العليا وهيئة مكافحة الفساد للجنوب الليبي.

وإذا كانت الأسرة القضائية قد نجحت في حلحلة الملف بخصوص منصبي النائب العام ورئيس المحكمة العليا، فإن الخلافات مازالت محتدمة بخصوص المناصب الرقابية، وكذلك المفوضية العليا للانتخابات.

وفي السياق ذاته قال عضو المجلس الأعلى للدولة سعد بن شرادة “أعتقد أنه ليس اتفاقا، وإذا كان فهو يمثل كارثة وسيعود بنا إلى ما قبل المربع الأول، ربما يرجعنا إلى عام 2015 لأننا عندما نتحدث عن تعديل أو اتفاق على القوانين الانتخابية (فإن ذلك) يعني (أن) مخرجات 6+6 ملزمة للمجلسين وصوت عليها المجلسان و(هو ما) عدل في التعديل الدستوري، وهذا يعني إطالة الأزمة”.

وأضاف أن “الوصول إلى تشكيل حكومة جديدة والسير إلى الانتخابات سيأخذ (سيستغرقان) سنوات طويلة خاصة إذا كان أحد الأطراف معرقلا بدعوى عدم تشكيل حكومة جديدة إلا بعد الاتفاق على القوانين الانتخابية، وأعتقد أن الاتفاق هدفه تعطيل الذهاب إلى انتخابات”.

ويستبعد أن يمضي رئيس المجلس الرئاسي ورئيس المجلس الأعلى للدولة قدما في اتفاقهما مع رئيس مجلس النواب، لأنهما ملتزمان بالكثير من التوافقات الداخلية الشخصية والفئوية مع عبدالحميد الدبيبة. ولا يعدو اتفاق القاهرة أن يكون سوى خطوة على طريق طويل من العراقيل والصراعات والمبادرات الفاشلة والجهود غير المجدية.

 

اقرأ أيضا:

        • الدبيبة وحيدا..

1