اتفاق إدلب على خطى هدنات سابقة لن يصمد طويلا

أردوغان يتوعد بالرد على الانتهاكات والهجمات المحتملة من طرف النظام السوري في إدلب.
السبت 2020/03/07
الكل يبقي الأصابع على الأزندة

إدلب – تلقى المجتمع الدولي خبر اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنته موسكو وأنقرة ودخل حيز التنفيذ ليل الخميس / الجمعة بأريحية لما يتضمنه من بوادر تهدئة ستجنب المحافظة أزمة إنسانية جديدة.

 وشهدت إدلب الجمعة غيابا تاما للطائرات الحربية عن أجوائها في هدوء نادر يعقب ثلاثة أشهر من تصعيد عسكري لقوات النظام بدعم روسي.

وبدأت عند منتصف ليل الخميس / الجمعة هدنة أعلنها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان إثر لقاء طويل جمعهما في الكرملين.

ورحّبت الإدارة الأميركية بهذه الهدنة، حيث قالت الجمعة، إن توصل تركيا وروسيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة إدلب يعد بارقة أمل لتخفيف الأزمة الإنسانية في المنطقة وإبعاد الخطر القائم.

وأكد بيان لوزارة الخارجية الأميركية “نؤيد اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه تركيا وروسيا والذي نأمل أن يبعد الخطر القائم في إدلب، ويخفف من الأزمة الإنسانية الرهيبة الناجمة عن هجمات نظام الأسد وروسيا وإيران وقوات حزب الله”.

وتابع “الجزء الأهم الآن هو أن نرى مدى التزام الأسد وداعميه بوقف إطلاق النار الدائم المنصوص عليه في الاتفاقية”.

لا يعد وقف إطلاق النار الحالي في إدلب هو الأول، سكان المحافظة لا يعولون على الهدنة ولا يعلقون عليها آمالا كبيرة

ويعتقد المراقبون في المقابل أن هذا الاتفاق الجديد لن يصمد كثيرا كغيره من الاتفاقات السابقة، خاصة عقب التهديدات التي أعلنها أردوغان على متن الطائرة أثناء عودته من العاصمة الروسية موسكو.

وقال أردوغان “تركيا ستكون على أهبة الاستعداد دائما للرد على الانتهاكات والهجمات المحتملة من طرف النظام السوري في إدلب”.

وأضاف أنّ وقف إطلاق النار سيحافظ على أمن الحدود التركية، واستقرار إدلب وأمن المدنيين وعودة الحياة فيها لطبيعتها، وسلامة الجنود الأتراك هناك.

ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد دارت اشتباكات متقطعة مع تبادل لإطلاق النار في الساعات الثلاث الأولى من الجمعة، ثم توقفت لاحقا.

وفيما لم تعلّق دمشق بعد على الاتفاق، أفادت وكالة الأنباء الرسمية “سانا” أن “الهدوء ساد محاور العمليات”.

وأكدت أن “وحدات الجيش جاهزة للرد بقوة على أي محاولة خرق من قبل التنظيمات الإرهابية” التي تتهم دمشق أنقرة بدعمها.

وينصّ الاتفاق على تسيير دوريات مشتركة بدءا من مارس، على مسافة واسعة في محيط طريق “أم فور” الدولي الذي يربط محافظة اللاذقية الساحلية بمدينة حلب. ويتطلع الطرفان إلى إنشاء “ممر آمن” بمسافة ستة كيلومترات على جانبي الطريق، ما يعني ضمنيا منطقة عازلة بطول 12 كيلومترا.

ورغم تعهد الرئيسين الروسي والتركي بأن يكون اتفاق وقف إطلاق النار “مستداما” وأملهما أن “يوقف معاناة المدنيين”، إلا أن السكان لا يعلّقون آمالا كبيرة عليه.

وفي مخيم للنازحين قرب بلدة كفرلوسين الحدودية مع تركيا شمال إدلب، يقول أحمد قدور (29 عاما) النازح من ريف حلب الغربي مع زوجته وطفليه “عن أي هدنة يتحدثون؟”.

ويضيف “لا ثقة لدينا بالنظام وروسيا بشأن وقف إطلاق النار رغم اعتقاد الناس أنه صادق.. فالنظام في كل مرة يستهدف التجمعات ويرتكب المجازر”.

اتفاق سيبقى حبرا على ورق
اتفاق سيبقى حبرا على ورق

وأمل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الخميس أن يؤدّي الاتفاق إلى “وقف فوري ودائم للعمليات القتالية” بعدما تحمل السكان “معاناة هائلة”.

ورحب برنامج الأغذية العالمي بالاتفاق، منتقدا في الوقت ذاته عدم تضمنه إرساء “منطقة آمنة للنازحين المدنيين”.

وتسبّب الهجوم الذي بدأته قوات النظام بدعم روسي منذ ديسمبر ضد مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى معارضة أقل نفوذا في إدلب ومحيطها بالكارثة الإنسانية الأسوأ منذ اندلاع النزاع، مع نزوح حوالي مليون شخص وفق الأمم المتحدة. وبحسب المرصد، أودى القصف بحياة نحو 500 مدني.

ولا يعد وقف إطلاق النار الحالي الأول في إدلب التي تعرضت خلال السنوات الأخيرة لهجمات عدّة شنتها قوات النظام بدعم روسي وسيطرت خلالها تدريجيا على أجزاء واسعة من المحافظة. ومع تقدمها الأخير في جنوب إدلب وغرب حلب، باتت قرابة نصف مساحة المحافظة تحت سيطرة قوات النظام.

وتوتّر الوضع في محافظة إدلب شمال سوريا الأسبوع الماضي إثر مقتل 34 جنديا تركيا بضربة جوية نسبتها أنقرة إلى دمشق. ومنذ فبراير، تجاوز عدد القتلى من الجنود الأتراك عتبة الخمسين في إدلب، في أكبر حصيلة قتلى تكبدتها أنقرة منذ بدء تدخلها في سوريا عام 2016.

وردّت أنقرة على مقتل جنودها بقصف مواقع لقوات النظام بالمدفعية وطائرات مسيّرة موقعة العشرات من القتلى. كما قررت تركيا في خطوة تزعج أوروبا فتح حدودها مع اليونان، ما تسبب بتدفق الآلاف من اللاجئين والمهاجرين نحو الحدود وأثار غضب دول الاتحاد الأوروبي التي اتهمتها بمحاولة “ابتزازها”.

2