اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وواشنطن على طاولة التعديل

إدارة ترامب تسعى إلى زيادة الصادرات الأميركية وتعزيز فرص الاستثمار في المغرب.
السبت 2025/03/15
حرص على تمتين العلاقات الثنائية

تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إعادة التفاوض بشأن عدد من الاتفاقيات التجارية، في إطار رؤية ترامب الجديدة لحماية المصالح الأميركية وتقليص العجز التجاري، من بينها اتفاقية التبادل الحر مع المغرب.

الرباط - تتجه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إعادة فتح العديد من الاتفاقيات التجارية للتفاوض من جديد بشأنها بما يخدم المصالح الأميركية، ومن بينها اتفاقيات التبادل التجاري الحر مع المغرب.

وكشفت صحيفة “أفريكا إنتيلجنس” المتخصصة في الشؤون الأفريقية، أن إدارة ترامب ترغب في إعادة التفاوض مع المغرب بشأن اتفاقية التبادل التجاري الحر، بهدف زيادة الصادرات الأميركية إلى المغرب، وتعزيز فرص الاستثمار للشركات الأميركية في السوق المغربي.

بدوره أبدى المغرب، البلد الأفريقي الوحيد الذي يرتبط مع الولايات المتحدة باتفاقية التبادل التجاري الحر، رغبته في إحداث تعديل على الاتفاقية، في إطار تنويع شركائه التجاريين، والاندماج في الأسواق العالمية، وتقليل اعتماده على أوروبا، وهذا ما ذهب إليه وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور عندما دعا خلال كلمته في الحفل السنوي للغرفة التجارية الأميركية بالدار البيضاء في أكتوبر الماضي إلى مراجعة اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة بهدف تحقيق توازن أكثر عدالة في المبادلات التجارية، والتخفيف من عجز الميزان التجاري للمغرب أمام الولايات المتحدة.

محمد لكريني: الحديث حول الاتفاقية يبرز متانة العلاقات بين البلدين
محمد لكريني: الحديث حول الاتفاقية يبرز متانة العلاقات بين البلدين

وفي يوليو الماضي أعرب المسؤول الحكومي خلال أشغال الدورة الثامنة للجنة المشتركة المكلفة بتتبع اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمغرب، عن رغبة الرباط في الاستفادة أكثر من هذه الاتفاقية لزيادة صادراتها، خصوصا من المنتوجات الزراعية، نحو الأسواق الأميركية، رغم أن التبادل التجاري بين البلدين تضاعف بمعدل يتراوح بين 2.5 و3 مرات خلال العقدين الماضيين، إلا أن حجم الواردات المغربية من الولايات المتحدة لا يزال يفوق بكثير حجم الصادرات.

ودخلت اتفاقية التجارة الحرة بين المغرب والولايات المتحدة التي تم توقيعها في الخامس عشر من يونيو 2004 في واشنطن، حيّز التنفيذ في يناير 2006، وتهدف إلى تعزيز التبادل التجاري بين البلدين من خلال إزالة الحواجز الجمركية والتجارية تدريجيا، وتشمل تجارة المنتجات الزراعية والصناعية والخدمات، بالإضافة إلى جوانب أخرى مثل العمل، السياسة البيئية، الصفقات العمومية، وحقوق الملكية الفكرية.

وأفاد محمد لكريني، أستاذ القانون الدولي، بأن “تجديد الحديث حول اتفاقية التبادل الحر التي تجمع المغرب بالولايات المتحدة يبرز أهمية ومتانة العلاقات بين البلدين وشراكتهما في مجموعة من القضايا والتحديات المشتركة سواء كانت اقتصادية أو أمنية، دون أن ننسى أن العلاقات بين البلدين غير متكافئة خصوصا وأننا أمام بلد قوي على جميع المستويات سياسيا، اقتصاديا، تكنولوجيا وعسكريا.”

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “سياق الحديث حول تعديل بنود الاتفاقية يتماشى مع أجندة دونالد ترامب ومصالح بلده الاقتصادية وتعزيز الفرص الاستثمارية، وبذلك سيحاول بشكل أو بآخر إدراج بعض النقاط غير المتضمنة في الاتفاق الثنائي بين البلدين دون أن يمس جوهر الاتفاق في ظل المتغيرات الجيوسياسية والأدوار التي يلعبها المغرب في المنطقة، وأيضا باستحضار اعتراف الرئيس الأميركي ترامب في ولايته الأولى بالأقاليم الجنوبية المغربية وأهمية مبادرة الحكم الذاتي، ولهذا فالنقاش بين الطرفين سيتناول إدراج ما يتعلق بالتطورات والمشاريع التي تشهدها الأقاليم الجنوبية المغربية ضمن اتفاق التبادل الحر بين الولايات المتحدة والمغرب”.

اتفاقية التبادل التجاري الحر بين المغرب والولايات المتحدة دخلت حيّز التنفيذ في يناير من العام 2006

وتابع لكريني أن “اختيار سفير بخلفية استثمارية يخدم هذه الرؤية مع التزام واشنطن بأن تعزز تواجدها بمشاريع تنموية واقتصادية في هذه الأقاليم، واختيار المغرب بوابة أفريقيا لتسهيل عمل الولايات المتحدة في تعزيز استثمارات واشنطن في القارة الأفريقية، وهو ما يفيد بأن الرباط وواشنطن ستدرجان مجموعة من المشاريع والمبادرات الكبرى التي أطلقت في المغرب والتي بمقدورها أن تنعكس إيجابا عليهما مع تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين البلدين”.

وعلى الرغم من تمتع المغرب بوصول السوق الأميركية مع إعفاءات من الرسوم الجمركية على العديد من المنتجات، إلا أن القيود التي تفرضها قواعد المنشأ تجعل من الصعب تحقيق استفادة فعلية من هذا الوصول، إذ إن المنتجات المغربية التي تحظى بأولوية دخول السوق الأميركي يجب أن تستوفي شروطا صارمة تتعلق بالتحويل الثلاثي للمنتوجات، وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة في الإنتاج المحلي قد لا تكون متاحة بسهولة للشركات المغربية الصغيرة والمتوسطة.

وفي آخر تقرير له، أكد معهد واشنطن أن على الولايات المتحدة استخدام التجارة لدعم النمو الاقتصادي في المغرب من خلال التركيز على صناعات مثل التصنيع الخفيف، والتي يمكن أن تساعد في خلق وظائف جديدة، وخاصة للنساء، كما يجب على واشنطن أن تستمر في العمل من خلال “مؤسسة تمويل التنمية الدولية” لتحديد المبادرات التي تعزز الاستثمار الأميركي وتحفز المغرب على تنفيذ الإصلاحات البيئية والعُمّالية.  

ويقول خبراء في الاقتصاد، إن اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمغرب المدفوعة بمصالح إستراتيجية واقتصادية ستحفز الاستثمار في قطاع بطاريات السيارات الكهربائية التي تخصصت فيها المملكة، بما في ذلك من أطراف ثالثة تسعى للاستفادة من الوصول إلى الأسواق الأميركية، علاوة على ذلك، فإن “قانون خفض التضخم” الأميركي لعام 2022 يشجع المستثمرين الأميركيين على تمويل الصناعات التي تقلل من الكربون مثل بطاريات السيارات الكهربائية، وخاصة مع البلدان التي وقّعت اتفاقيات تجارة حرة ثنائية.

ويكرس ترامب دبلوماسية “الأعمال أولا” مع المغرب، بتعيين رجل الأعمال والمستثمر ديوك بوكان الثالث سفيرا جديدا للولايات المتحدة في الرباط، في إشارة إلى أن الإدارة الحالية تعمل على تعزيز حضورها الاقتصادي في الصحراء، وربما إعادة فتح ملف القنصلية في الداخلة. 

4