اتصالات المغرب تعزز تواجدها في أسواق أفريقيا جنوب الصحراء

عززت شركة اتصالات المغرب حضورها في أسواق أفريقيا جنوب الصحراء، ساعية إلى ترسيخ مكانتها كفاعل رئيسي ومنافس قوي في قطاع الاتصالات بالمنطقة، وذلك في إطار إستراتيجيتها التوسعية على الصعيد القاري، بما يمنحها المزيد من المكاسب المستدامة.
الرباط - أبرمت مجموعة اتصالات المغرب اتفاقية شراكة طويلة الأمد مع مؤسسة التمويل الدولية (آي.أف.سي) لدعم فرعيها في كل من تشاد ومالي، عبر منح قرضين بقيمة إجمالية تبلغ 370 مليون يورو (425.5 مليون دولار).
وتهدف هذه الشراكة بالأساس إلى تعزيز خدمات الاتصال وجودة الإنترنت النقال، مع التركيز على توسيع تغطية شبكة الجيل الرابع (4 جي) في البلدين، في ظل النمو المتزايد للطلب على الخدمات الرقمية والتكنولوجية.
ويتيح هذا التمشي فرصًا واعدة للاستثمار والتوسع. وبفضل خبرتها وتجربتها الطويلة، تسعى الشركة الحكومية إلى دعم التحول الرقمي في عدد من الدول الأفريقية، من خلال تطوير البنيات التحتية وتعزيز الابتكار في خدمات الاتصالات.
ولفت محمد بنشعبون المدير العام للمجموعة في بيان حصلت “العرب” على نسخة منه إلى أن الشراكة هدفها تحسين سرعة وموثوقية الوصول إلى الإنترنت لفائدة الأفراد والمؤسسات، مما سيدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدين.
وقال على هامش توقيع الاتفاقية إن اتصالات المغرب التي تنشط في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء منذ عقدين “ستعزز تغطية الشبكة من خلال تحسين جودة الخدمات، ما يتيح الاعتماد واسع النطاق على الجيل الرابع ودعم التنمية.”
وفي إطار مواصلة التوسع وتنويع محفظتها الاستثمارية في المناطق التي تتوفر على آفاق نمو واعدة بالقارة، أكد بنشعبون أن إستراتيجية المجموعة تتمثل في تعزيز خدمات الاتصالات والمنتجات المرتبطة بها لخدمة الشباب الذين تتزايد أعدادهم بوتيرة سريعة.
وأوضح أنه “في جميع عملياتنا، تُعد خدمة بيانات النقال أساسية للوصول إلى الإنترنت، وتساعد خدمات الجيل الرابع في تقليص الهوة الرقمية.”
وتعد اتصالات المغرب من أبرز الفاعلين في قطاع الاتصالات على المستوى الأفريقي، حيث تسهم بدور محوري في تعزيز البنية التحتية الرقمية وتحقيق التنمية المستدامة في عدد من الدول مثل كوت ديفوار والغابون ومالي وموريتانيا والنيجر.
وصرّح مختار ديوب، المدير المنتدب لمؤسسة التمويل الدولية، أن دعم استثمارات الشركات الإقليمية الرائدة مثل اتصالات المغرب يمثل أولوية للمؤسسة، خاصة في الدول الهشة والمتأثرة بالنزاعات.
وأكد أن تعزيز البنية التحتية الرقمية يفتح المجال أمام الابتكار وتنمية المهارات وتوفير فرص عمل في القارة، تماشياً مع رؤية الاتحاد الأفريقي لتحقيق سوق رقمية موحدة وآمنة بحلول 2030.
وساهمت اتصالات المغرب بشكل فعال في ربط القارة بشبكة الاتصالات العالمية ومحاربة الهوة الرقمية التي تفصل القارة عن باقي دول العالم المتقدمة في هذا المجال.
وتشير الإحصائيات إلى أنها استثمرت منذ عام 2006 وحتى الآن أكثر من 4.54 مليار دولار في تطوير نشاطها فروعها في أسواق أفريقيا التي تعمل فيها.
وخلال السنتين الأخيرتين، خصصت الفروع 24.7 في المئة من إيراداتها، بما يعادل 450 مليون دولار، لتحسين شبكات الاتصال وتوسيع تغطية الصوت والبيانات مع تطوير شبكة الألياف البصرية .
ومع وجود أكثر من 57 مليون زبون في الخارج، تقدم اتصالات المغرب مجموعة كاملة من الخدمات من الاتصالات الثابتة إلى النقالة، وكذلك خدمة البيانات عالية التردد.
ويرى الخبير الاقتصادي إدريس الفينة رئيس المركز المستقل للتحليلات الإستراتيجية أنه في ظل التحولات التكنولوجية السريعة، أصبح من الضروري أن تتبنى المجموعة نهجًا جديدًا في القيادة يواكب التحول الرقمي والتوسع داخل أفريقيا.
وقال في تصريح لـ”العرب”، إن قيادة الشركة “ستعتمد على مقاربات مالية واستثمارية أكثر مرونة وجرأة، بدلاً من التركيز التقليدي على تطوير البنية التحتية التقنية فقط، كون المجموعة تمتلك القدرة على إعادة هيكلة الاستثمارات، وإدارة الموارد المالية بكفاءة أكبر.”
وتعمل المجموعة على تطوير المحتوى الخاص بالقارة لمواكبة التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم في هذا المجال، حيث قامت في العقد الأخير باستثمارات مد خط الألياف البصرية الذي يربط المغرب بكل من بوركينافاسو والنيجر مرورا بموريتانيا ومالي.
ومع القيادة الجديدة جددت اتصالات المغرب التزامها باعتماد نموذج حوكمة يعزز الأداء والابتكار ويوفر قيمة مضافة، بعدما تجاوز عدد زبائنها 79 مليون، من بينهم 57 مليون بفروعها الأفريقية التي تعمل تحت علامة تجارية موحدة “موف أفريكا.”
وتلعب المجموعة دوراً محورياً في خدمات الربط الرقمي على المستوى الإقليمي، من خلال فروع لها في 10 بلدان أفريقية مما يجعلها واحدة من مجموعات الاتصالات الرائدة في القارة، ومع وجود ملايين المشتركين وحضورها القوي في غرب ووسط أفريقيا.
وتسعى الآن إلى تعزيز شبكة كابلات الألياف البصرية التي سبق أن نشرتها المجموعة لتحسين نظم الاتصال وتأمين حركة التجارة الدولية عبر القارة.
وكابل غرب أفريقيا مصمم لتلبية الحاجيات المتزايدة للشركات التابعة لها من حيث الاتصال بشبكة الإنترنت، بالإضافة إلى إحداث بنية تحتية دولية خاصة بها تسمح بدعم تطور استخدام البيانات الثابتة والمتنقلة للعملاء بتكاليف أقل.
وفي إطار الديناميكية التي تعرفها اتصالات المغرب، وقعت مؤخرا مذكرة تفاهم مع فودافون بزنس تعزز التواجد الحالي للمجموعة البريطانية في 8 بلدان أفريقية من خلال فوداكوم، كما تدعم طموح المغرب في أن يصبح قطباً رقمياً رئيسياً مع حلول سنة 2030.
وستعمل الشركتان على الاستجابة لاحتياجات مستخدمي اتصالات المغرب الإقليميين والدوليين العاملين في قطاعات رئيسية مثل الخدمات اللوجستية والتصنيع وتجارة البيع بالتجزئة والمرافق العمومية.
ومن المتوقع أن يتحقق ذلك من خلال تقديم محفظة موحدة من الخدمات التي يمكن توزيعها بسرعة في أسواق متعددة.
ويؤكد المسؤولون أن تواجد اتصالات المغرب في أفريقيا سيكون مستداما وعلى المدى الطويل، حيث ذهب بنشعبون، إلى الحديث على أن خدمات البيانات، خاصة النقالة منها، تُعد محوراً رئيسياً في تمكين الوصول إلى الإنترنت بهذه المنطقة.
وأشار أيضا إلى أن توسيع شبكة الجيل الرابع سيتيح تقديم خدمات جديدة مثل موبيل موني، وهو ما يعزز الإدماج المالي والتنمية المستدامة.