اتساع قلق اللبنانيين مع استكمال خطوات تحرير أسعار الوقود

بيروت - استكملت السلطات اللبنانية خطوات تحرير أسعار الوقود بزيادة جديدة أعلنت عنها وزارة الطاقة الأربعاء لتزداد بذلك معاناة المواطنين الذين وجدوا أنفسهم في ورطة ما فتئت تتسع بسبب الأزمة المالية الخانقة.
ورفعت وزارة الطاقة أسعار المحروقات بشكل كبير في البلاد وذلك بنحو 24 في المئة للبنزين و15 في المئة للمازوت (الديزل) عن أسعار الأسبوع الماضي، بالتزامن مع خطوات لخفض الدعم عن المشتقات النفطية، إلى جانب ارتفاع أسعار الخام عالميا.
وأصبح السعر الجديد لصفيحة (20 لترا) البنزين الخالي من الرصاص 98 أوكتان عند 312.7 ألف ليرة (206.4 دولارات وفق السعر الرسمي)، بينما سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان فباتت تتداول عند نحو مئتي دولار. أما سعر صفيحة الديزل فوصلت إلى 178.7 دولار.
وعلق ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا في حديث لإذاعة “صوت لبنان” المحلية الخاصة على الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات قائلا إن هذا “الارتفاع الجنوني لأسعار البنزين اليوم، ضربة موجعة للمواطن ولأصحاب المحطات". وأوضح أبو شقرا أن "راتب المواطن أصبح بقيمة أربع صفائح من البنزين".
وتأتي الخطوة في إطار مسار رفع الدعم تدريجيا عن الوقود مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان، فيما تغرق البلاد في دوامة انهيار اقتصادي صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم.
وتعد أزمة الوقود إحدى أبرز انعكاسات أزمة اقتصادية حادة يعانيها لبنان منذ أواخر 2019، وتسببت بانهيار مالي، وعدم وفرة النقد الأجنبي الكافي لاستيراد السلع الأساسية، كالأدوية وغيرها.
وبينما يبلغ السعر الرسمي للدولار لدى البنك المركزي 1515 ليرة، إلا أن سعره في السوق الموازية يتجاوز 20 ألف ليرة لكل دولار واحد.
وتأتي الخطوة بعد يوم من إعلان محمود محيي الدين وهو مدير تنفيذي بصندوق النقد الدولي في أعقاب اجتماع مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أنه يأمل في أن يكون بالإمكان بدء مفاوضات بشأن برنامج مع لبنان قبل العام الجديد لمحاولة انتشال اقتصاد البلد من أزمة خانقة.

ويعتبر الكثيرون برنامج صندوق النقد الدولي الطريق الوحيد أمام لبنان للحصول على مساعدات مالية أجنبية يحتاجها بشدة للخروج من واحدة من أشد موجات الكساد الاقتصادي في العالم.
وقال محيي الدين في بيان “نأمل أن يؤدي الجهد الذي يبذل اليوم للوصول إلى كل البيانات والمعلومات الكافية لخطاب النوايا الذي سيكون تحت إمرة الحكومة ومصرف لبنان المركزي، لكن في البداية يجب توفر كل البيانات المطلوبة".
وأوضح أن أي شروط قد يطلبها صندوق النقد “لن تكون أقسى مما نراه في لبنان اليوم”. وأضاف قائلا “أتصور أنه بعد نجاح هذا البرنامج يمكن إعادة الثقة المطلوبة إلى الاقتصاد، ونحن نراهن إيجابا على قدرة الاقتصاد والشعب اللبناني وقدرتهما العالية على التجاوب مع الإشارات الإيجابية إن حدثت".
ومنذ عام، يشترط المجتمع الدولي تطبيق إصلاحات بنيوية في قطاعات رئيسة مقابل توفير الدعم المالي.
وجاءت الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود بينما تستمر العديد من محطات الوقود في إغلاق أبوابها، فيما لم يؤد رفع الأسعار تباعاً خلال الأسابيع الماضية الى حلّ معاناة اللبنانيين الذين ما زالوا ينتظرون لساعات في طوابير طويلة لتعبئة خزانات سياراتهم، من دون أن يوفّقوا في أحيان كثيرة.
ومنذ نهاية يونيو الماضي ارتفع سعر 20 لترا من البنزين بمعدل أكثر من ثلاثة أضعاف. ومع السعر المعلن الأربعاء بات الحد الأدنى للأجور المحدد بنحو 675 ألف ليرة يكفي لشراء ستين لتراً من البنزين تقريباً، وهي الكمية المطلوبة إجمالاً لملء خزان وقود سيارة من الحجم المتوسط، في بلد يعيش نحو 80 في المئة من سكانه تحت خط الفقر.
ومنذ أشهر تعمل السلطات على رفع الدعم تدريجا عن استيراد سلع رئيسية أبرزها الوقود مع نضوب احتياطي المركزي بالدولار، على وقع أزمة اقتصادية غير مسبوقة صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.
وقال ميقاتي في مقابلة مع محطة “سي.أن.أن” الشهر الماضي إن "الدعم يجب أن يتوقف تماماً”، مشيراً إلى أنّ 74 في المئة من أموال الدعم خلال العام الماضي “أسيء استخدامها من قبل التجار والفاسدين".
وكان عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس قد قال بعد الزيادة الماضية إن زيادة الأسعار “ليست نهائية”، لافتاً إلى أنّ رفع الدعم لا يعني اختفاء الطوابير التي تحددها كمية المحروقات المتوفرة في السوق.
وتنعكس أزمة الوقود على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية. وتراجعت خلال الأشهر الماضية، قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية لكافة المناطق، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً.