إيران تواجه اتهامات غربية بإسقاط الطائرة الأوكرانية

بالرغم من أنها نفت ضلوعها في إسقاط الطائرة الأوكرانية إلا أن إيران باتت تواجه اليوم أكثر من أي وقت مضى اتهامات غربية متزايدة بتعمدها استهداف الطائرة المنكوبة التي راح ضحية تحطمها 176 شخصا، وسط دعوات إلى الإسراع بإجراء تحقيق شفاف ومستقل يضمن كشف حقيقة سقوط الطائرة بوينغ – 737.
كييف - سلّم مسؤولون أميركيون “معلومات مهمة” لكييف تتعلق بالطائرة التي تحطّمت في إيران، وفق ما أفاد به وزير الخارجية الأوكراني فاديم بريستايكو الجمعة.
وقال بريستايكو في تغريدة له عبر تويتر “التقينا، أنا والرئيس فلاديمير زيلينسكي، بممثلين عن الولايات المتحدة. حصلنا على معلومات مهمة سيحللها خبراؤنا”.
وتأتي هذه المستجدات في الوقت الذي تواجه فيه إيران اتهامات باستهداف الطائرة الأوكرانية بوينغ -737 التي تحطمت بالتزامن مع إطلاق طهران صواريخ استهدفت قواعد عراقية تستضيف قوات أجنبية.
وبالرغم من نفي طهران مسؤوليتها عن سقوط الطائرة فإن العديد من الأطراف لمحت إلى أن إيران هي التي استهدفتها، وآخر هذه الأطراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي قال ’’لدي شكوك بخصوص تحطم الطائرة الأوكرانية’’.
ومنذ بدء الحديث عن فرضية استهداف الطائرة بصاروخ، تهاطلت على أوكرانيا طلبات تقديم المساعدة للقيام بتحقيق ’’شفاف في الحادثة’’.
وتزداد الضغوط على طهران بعد إعلان العديد من الخطوط الجوية عن إيقاف رحلاتها من وإلى إيران.
وقالت وكالة النقل السويدية الجمعة إنها أوقفت مؤقتا رحلات شركة الخطوط الجوية الإيرانية بين السويد وإيران بعد تحطم الطائرة الأوكرانية.
وقالت الوكالة في بيان “السبب هو الغموض المحيط بالحادث وأمن الطيران المدني”.
وأكدت وزارة الخارجية السويدية أن سبعة سويديين و17 شخصا يقيمون في السويد لقوا حتفهم في الحادث.
وبدوره قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الجمعة إن على إيران ألا تخفي الأسباب وراء تحطم الطائرة الأوكرانية وإلا فإنها ستخاطر بتصعيد مشاعر الارتياب في المنطقة وخارجها.
ولدى وصوله لحضور اجتماع طارئ لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل لمناقشة الأزمات في إيران وليبيا، قال ماس “المهم في الوقت الراهن توضيح الأمر بشكل تام. هناك إشارات إيجابية تدل على أن إيران تشرك دولا أخرى في استيضاح ما حدث”.
وأضاف “هذا شيء لا يمكن إخفاؤه. إذا حدث ذلك فستتولد مشاعر ريبة جديدة وهذا هو آخر شيء نحتاجه الآن”.
ومن جانبه، دعا رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل إلى إجراء تحقيق شامل وشفاف في حادثة تحطم الطائرة، والتي أسفرت عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 176 شخصا.
وقال ميشيل في تغريدة على تويتر الجمعة “أؤيد دعوة الرئيس فلاديمير زيلينسكي، ورئيسي الوزراء الكندي والبريطاني جاستن ترودو وبوريس جونسون، إلى تحقيق شفاف وشامل في تحطم الطائرة الأوكرانية”.
ولكن إيران تتشبث بروايتها التي قالت فيها إن لديها أدلة مقنعة على عدم سقوط الطائرة بصاروخ. واجتمع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الجمعة.
وقال زيلينسكي في تصريحات صحافية “إن فرضية ضرب الطائرة بصاروخ ليست مستبعدة، لكن ليست مؤكدة أيضا” وذلك قبل إعلان كييف أنها تلقت من واشنطن “معطيات مهمة”.
واعتبر زيلينسكي أن الحادث أسوأ كارثة طيران مدني تشهدها إيران منذ العام 1988 عندما أعلن الجيش الأميركي إسقاط طائرة تابعة لخطوط الطيران الإيرانية بالخطأ، ما أسفر عن مقتل 290 شخصا كانوا على متنها. وهو الأكثر دموية بالنسبة للكنديين منذ الاعتداء على بوينغ – 747 التابعة لشركة “أير إنديا” في 1985 عندما قتل 268 كنديا.
وأفاد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن عدة مصادر استخباراتية أشارت إلى أن صاروخا إيرانيا أسقط طائرة الخطوط الأوكرانية الدولية، بعد إقلاعها من طهران مضيفا أن الأمر “قد لا يكون متعمدا”.
وطرح مسؤولون أوكرانيون، الخميس، 3 فرضيات تفسر أسباب سقوط الطائرة التي كانت متجهة من طهران إلى كييف. وقال مجلس الدفاع والأمن الوطني الأوكراني، في بيان، إن الطائرة ربما “تعرضت لعمل إرهابي، أو أصيبت بصاروخ أرض جو”. وأضاف أن السبب الثالث الذي قد يفسر تحطم الطائرة “هو تعرض محركها لانفجار إثر مشاكل فنية”.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أبدى استعداده لتقديم “أي مساعدة ضرورية” في التحقيق، رافضا الرد صراحة على سؤال عمّا إذا كان الاتحاد على قناعة بقدرة إيران على القيام بتحقيق مستقل.
وتعززت الشكوك الغربية حول مسؤولية طهران في الحادث إثر امتناعها فور وقوعه عن تسليم صندوق الطائرة الأسود ما جعلها عرضة لانتقادات كثيرة. ولكن إيران حاولت أن تستدرك الجمعة من خلال الحديث عن عزمها تحميل بيانات الصندوقين الأسودين للطائرة الأوكرانية التي تحطمت على أراضيها.
وقالت إيران أيضا إن التحقيق قد يستغرق شهرا أو شهرين لاستخلاص المعلومات من مسجلي الصوت وبيانات الطيران. وقالت إنها قد تطلب مساعدة روسيا أو كندا أو فرنسا أو أوكرانيا إذا اقتضى الأمر، في محاولة يبدو من خلالها أن طهران تناور لنفي كل الشكوك التي تحوم حول دور قامت به لإسقاط الطائرة.
وأضافت طهران الجمعة أن التحقيق قد يستغرق عاما أو عامين. وكانت إيران قد أطلقت صواريخ في بداية هذا الشهر استهدفت قواعد عراقية تستضيف قوات أجنبية أغلب جنودها أميركيون وذلك ردا على قتل الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس قاسم سليماني.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، عبر الإيرانيون عن غضبهم بسبب عدم إغلاق المطار بعد إطلاق الصواريخ الإيرانية. وكان العشرات من ركاب الطائرة إيرانيين يحملون جنسية مزدوجة.
وقال علي عابد زادة رئيس هيئة الطيران المدني الإيرانية في مؤتمر صحافي في طهران عقده الجمعة للرد على الانتقادات التي وجهت لبلاده بشأن دورها في الحادث المميت “نفضل تحميل بيانات الصندوقين الأسودين في إيران. لكن لو وجدنا صعوبة في ذلك بسبب الأضرار التي لحقت بالصندوقين فسنطلب المساعدة”.
وبدوره قال مكتب التحقيق والتحليل لسلامة الطيران المدني الفرنسي إنه سيشارك في التحقيق في تحطم الطائرة الأوكرانية. وقد ساعد المكتب في تحليل بيانات مسجل رحلة طائرة البوينغ التي تحطمت في إثيوبيا العام الماضي. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان “من المهم استيضاح الأمر قدر المستطاع وبأسرع وقت ممكن”.
وذكر مسؤول أميركي مستشهدا ببيانات من الأقمار الصناعية، أن واشنطن خلصت بدرجة عالية من اليقين إلى أن الصواريخ المضادة للطائرات أسقطت الطائرة عن طريق الخطأ.
وأشار المسؤول إلى أن البيانات أظهرت أن الطائرة حلقت لمدة دقيقتين بعد مغادرتها طهران عندما جرى رصد البصمتين الحراريتين لصاروخين أرض جو.