إيران تعيد تشكيل خارطة التحالفات السياسية الشيعية في العراق

بغداد - تقول مصادر سياسية في بغداد إن إيران تدفع أطرافا سياسية شيعية عراقية لتشكيل تحالف قادر على الصمود خلال الانتخابات المبكّرة المقررة للسادس من يونيو القادم.
وتقوم المقاربة الانتخابية الإيرانية في العراق على تشكيل تحالف شيعي واحد كبير إلى جانب دعم قوائم متوسطة وصغيرة أخرى، وذلك لتوفير خيارات متعددة قادرة على التعامل مع أيّ نتائج عامة يفرزها الاقتراع.
وتقول المصادر إن إيران ترى أن تحالفا بين زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي وزعيم منظمة بدر هادي العامري قد يحقّق النجاح المطلوب خلال الانتخابات المقبلة.
ووفقا للمعلومات، فقد بدأت بوادر الاتفاق بين المالكي والعامري خلال الأشهر الثلاثة الماضية، عبر سلسلة اجتماعات في إيران، حضرها قادة في الحرس الثوري.
ويُصنف المالكي على أنه السياسي الشيعي الأشدّ ولاء لإيران، فيما تنظر طهران إلى العامري بوصفه المدافع الأمين عن مصالحها في العراق.
ويمكن القول إن المالكي والعامري هما آخر حلفاء إيران المخضرمين في المستوى السياسي، بعدما انتقلت طهران من مرحلة دعم الأحزاب التقليدية والرهان عليها، إلى الاعتماد على الميليشيات الشيعية المسلحة وزجها في المعترك السياسي.
وبالرغم من تضرر شعبية المالكي بشدّة خلال الأعوام الأخيرة، وخسارته نحو ثلاثة أرباع وزنه البرلماني، إلاّ أنه لا يزال لاعبا مؤثرا، ويمكنه حشد الدعم الانتخابي في أوساط اليمين الشيعي العراقي المؤيّد لإيران.
وعلى الجانب الآخر، يريد العامري فض شراكته السياسية مع الميليشيات ضمن تحالف الفتح، بعد الفشل في منع مصطفى الكاظمي من الوصول إلى منصب رئيس الوزراء.
ويمثل الصعود السياسي الصاروخي لميليشيا عصائب أهل الحق نموذجا لافتا يؤكد إدراك الإيرانيين لتفاصيل المشهد السياسي الشيعي في العراق.
وكان تمثيل ميليشيا العصائب في البرلمان خلال دورة العام 2014 يقتصر على نائب واحد، لكنه ارتفع خلال دورة 2018 إلى 15 نائبا.
وكان العامري وقيس الخزعلي شريكين ضمن تحالف الفتح النيابي، لكن التوجّه المختلف لكل شريك أثّر على الأداء العام للكتلة.
ويفضل العامري، كما المالكي، الدفاع عن إيران ومصالحها بهدوء وعبر الدهاليز السياسية، بينما يستخدم الخزعلي أسلوبا تصعيديا صداميا، ويلوّح بسلاح الميليشيات دوما.
وعلى غرار الخزعلي، يجري تداول معلومات عن دعم إيران خيار قيادة زعماء الميليشيات الكبيرة لقوائم انتخابية مستقلة، لإبقاء الخيارات في أعلى مستويات القوة.
وفي حال اجتمع المالكي والعامري في تحالف واحد، سيكون لدى إيران في العراق جميع أدوات استمرار الهيمنة على العملية السياسية، إذ سيمكنها تقديم الحليف المناسب لكل طرف من الأطراف الأخرى الشريكة، مثل السنة والأكراد.
ولن تفرط إيران في التمثيل السياسي للميليشيات، لكنها تريد أن توازنه بتمثيل شيعي آخر يعبّر عن القوى السياسية التقليدية.
ويرى مراقبون أن الأطراف السنية والكردية التي يحرجها مع جمهورها التعاملُ السياسي مع قادة الميليشيات، ستجد في تحالف المالكي والعامري بديلا مناسبا، خلال المرحلة المقبلة.
وتقول المصادر إن المفاوضات الفعلية لتشكيل التحالفات ستنطلق في غضون أيّام، بالرغم من الجدل السياسي بشأن موعد الانتخابات.