إيران تستغل انشغال العالم بكورونا لتنفيذ برامجها العسكرية

دونالد ترامب يأمر البحرية الأميركية بتدمير أي سفن إيرانية تتحرش بالسفن الأميركية في البحر.
الخميس 2020/04/23
استعراض للقوة

لم يثن تفشي فايروس كورونا المستجد وتحذيرات أسرة المجتمع الدولي إيران على وقف مخططاتها العسكرية، حيث أطلقت الأربعاء أول قمر اصطناعي عسكري مستغلة في ذلك انشغال العالم بمكافحة الوباء الذي كشف تردّي الخدمات الصحية التي تقدمها طهران لمواطنيها.

طهران – أعلنت إيران الأربعاء عن إطلاقها أول قمر اصطناعي عسكري بنجاح وذلك في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة صحية بسبب تفشّي وباء كورونا، لكن ذلك لا يمنع طهران من تنفيذ برامجها العسكرية التي تتوجّس منها الولايات المتحدة.

ويأتي هذا التحرّك في وقت تتهم فيه واشنطن طهران بالتورّط في تمويل أنشطتها العسكرية، بينما يتدهور القطاع الصحي في البلاد ما جعل حصيلة وفيات الإيرانيين بسبب كوفيد – 19 هو الأعلى في الشرق الأوسط.

وأعلن الحرس الثوري الإيراني، الأربعاء، أنه أطلق بنجاح أول قمر اصطناعي عسكري للبلاد، في إطار برنامج يقول الأميركيون إنه غطاء لتطوير صواريخ.

وقال الموقع الإلكتروني للحرس (سباه نيوز) إن “قوات حرس الثورة الإسلامية أطلقت بنجاح صباح الأربعاء أول قمر اصطناعي عسكري للجمهورية الإسلامية الإيرانية”.

وأضافت أن القمر “نور 1” أطلق بواسطة حامل الأقمار على مرحلتين من صحراء إيران المركزية، موضحة أن القمر الاصطناعي “استقر في مداره حول الأرض على مسافة 425 كيلومترا”.

مايك بومبيو: أعتقد أنه تجب محاسبة إيران على إطلاقها قمرا اصطناعيا عسكريا
مايك بومبيو: أعتقد أنه تجب محاسبة إيران على إطلاقها قمرا اصطناعيا عسكريا

وفي أول ردة فعل رسمية اعتبر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن إيران انتهكت قرارات مجلس الأمن الدولي عبر إطلاق القمر الاصطناعي ووعد بأن هذه الخطوة ستكون لها تداعيات. وقال بومبيو خلال مؤتمر صحافي عقده في واشنطن “أعتقد أنه يجب محاسبة إيران على ما قامت به”.

وقال وزير الاتصالات الإيراني محمد جواد أزاري جهرومي إنه زار موقع الإطلاق قبل ثلاثة أسابيع وأشاد “بالإنجاز الوطني العظيم”، معربا عن “تهانيه الخالصة للقوة الجوفضائية” لدى الحرس الثوري.

وأضاف الوزير على تويتر “أنها ممتازة” في إشارة إلى القمر الاصطناعي، والقاذف الذي يعمل “بالوقود الصلب والمؤلف من ثلاث طبقات”. وتأتي هذه العملية بعد أكثر من شهرين على إطلاق إيران قمرا اصطناعيا أخفقت في وضعه في المدار في 9 فبراير الماضي.

وأكدت طهران حينذاك أن إطلاق القمر العلمي “ظفر” الذي حصل قبل أيام من الذكرى الحادية والأربعين لانتصار الثورة الإسلامية، ليست له أبعاد عسكرية. وقد دانت فرنسا والولايات المتحدة إطلاق القمر حينها واتهمتا طهران بالعمل على تعزيز خبرتها في مجال الصواريخ البالستية من خلال إطلاق أقمار اصطناعية.

ولكن طهران تشدّد على الطابع “السلمي” لبرنامجها الفضائي وتدحض الادعاءات بأن له بُعدا عسكريّا.

وشجّبت الولايات المتحدة برنامج إيران الفضائي، ووصفت على وجه الخصوص إطلاق طهران صاروخا بهدف وضع قمر اصطناعي في المدار في يناير 2019 بأنه “استفزاز” وانتهاك لقرار مجلس الأمن رقم 2231 الصادر عن الأمم المتحدة.

ويدعو القرار إيران إلى “الامتناع عن القيام بأي نشاط يتعلّق بالصواريخ البالستية المصمّمة لحمل رؤوس نووية، بما في ذلك تلك التي تستخدم فيها تكنولوجيا الصواريخ البالستية”.

استفزازات إيرانية في البحر
استفزازات إيرانية في البحر 

وتؤكد طهران التي تنفي التخطيط لامتلاك سلاح ذري، أن برامجها البالستية والفضائية لا تنتهك القرار.

وتفاقم العداء المزمن بين طهران وواشنطن منذ أن قرر دونالد ترامب في مايو 2018 الانسحاب من جانب واحد من الاتفاقية النووية الدولية مع إيران الموقّعة في 2015، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية على إيران.

وبلغ التوتر أشدّه بعد قتل الولايات المتحدة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني في غارة في بغداد في 3 يناير الماضي.

ومؤخرا، وضعت حادثة جديدة البحرية الأميركية والحرس الثوري وجها لوجه في 15 أبريل في مياه الخليج، وتؤمن إيران بأحقيتها في منطقة الخليج وتستنكر الوجود العسكري الأميركي في هذا المدخل البحري الحيوي لإمدادات النفط العالمية.

ورد الرئيس الأميركي الأربعاء على الاستفزازات الإيرانية في البحر بإصدار أوامر للبحرية الأميركية بتدمير أي زوارق إيرانية إذا تحرشت بالسفن الأميركية في البحر، بعد أسبوع من اقتراب 11 زورقا تابعا للحرس الثوري الإيراني بدرجة خطيرة من سفن أميركية في الخليج.

وكتب ترامب على تويتر “وجهت البحرية الأميركية بتدمير أي زوارق إيرانية إذا تحرشت بسفننا في البحر”.

وتكررت حوادث اقتراب الزوارق العسكرية الإيرانية بشدة من السفن الأميركية في عامي 2016 و2017. وفي عدة مناسبات أطلقت السفن التابعة للبحرية الأميركية طلقات تحذيرية  على الزوارق الإيرانية لدى اقترابها بشدة منها. وللبحرية الأميركية سلطة اتخاذ إجراء للدفاع عن النفس، لكن تصريحات ترامب تمضي إلى أبعد من ذلك حيث من المرجح أن تزيد من حدة التوتر بين إيران والولايات المتحدة.

 وفي رد لها على قرار الرئيس الأميركي قالت إيران الأربعاء إنه ينبغي للولايات المتحدة التركيز على إنقاذ جيشها من فايروس كورونا. ونقلت وكالة أنباء الطلبة عن المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبوالفضل شكارجي قوله “ينبغي على الأميركيين، بدلا من ترهيب الآخرين، أن يركزوا كل جهودهم على إنقاذ أفراد قواتهم الذين أصيبوا بفايروس كوفيد – 19”.

ويأتي الإعلان عن إطلاق القمر الاصطناعي العسكري الأربعاء على خلفية أزمة صحية خطيرة في إيران وهي من الدول الأكثر تضررا من جائحة فايروس كورونا المستجد. وتتهم طهران واشنطن الولايات المتحدة بممارسة “الإرهاب الاقتصادي”، إذ تواجه طهران كلا من الوباء والعقوبات الأميركية التي تخنق اقتصادها منذ 2018.

ومنذ عدة أسابيع تؤكد إيران أن العقوبات الأميركية أضعفت قدرتها على مكافحة الوباء من خلال خنق البلاد ماليا، والحد من قدرتها على الاقتراض في السوق الدولية. ويفترض نظريا أن تكون السلع الإنسانية مثل الأدوية والمعدّات الطبية على وجه الخصوص معفاة من العقوبات، ولكن في الواقع تفضّل البنوك الدولية رفض أيّ تحويل على صلة بإيران أيا كان المنتج المعني، بدلا من التعرّض لسياط العقوبات الأميركية الانتقامية. ولكن الولايات المتحدة تردّ على إيران باتهامها بالسعي وراء مضاعفة الإنفاق العسكري عوض الاهتمام بالقطاع الصحي. وتؤكد تحرّكات إيران هذه التخمينات، حيث تباهت مؤخرا بشراء طائرات مسيّرة قادرة على حماية شريطها الحدودي.

وسجّلت إيران رسميا أكثر من 5300 وفاة بسبب فايروس كورونا، ونحو 85 ألف إصابة، وهي أعلى حصيلة في الشرق الأوسط.

5