إيران تستغل الأزمات السياسية لكتم أصوات الصحافيين

السلطات القضائية أصدرت مذكرة اعتقال بحق رئيس تحرير وكالة "خبر أون لاين" بسبب نشره مقالا أهان قاسم سليماني.
الجمعة 2020/01/10
نرجس محمدي تدفع ثمن الكلمة في السجن

باريس - دانت منظمة مراسلون بلا حدود الاعتقالات التعسفية لأربعة صحافيين في شمال إيران في 26 ديسمبر الماضي، مما رفع عدد الصحافيين المحتجزين منذ بدء موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة في منتصف نوفمبر إلى 12، إضافة إلى المعاملة المهينة والضرب لصحافيات بارزات معتقلات خلال الأسبوعين الماضيين.

وألقت السلطات الإيرانية القبض على الصحافيين الأربعة: جيلف جواهري وكافه مزداري وفوغ سمينيا وأحمد زاهيدي لانجرودي، من ضمن العديد من الأشخاص خلال أربعينية أحد المتظاهرين الذين قُتلوا في احتجاج في 16 نوفمبر الماضي. في مقاطعة جيلان الشمالية.

وأفرجت السلطات عن جميع الذين اعتقلتهم باستثناء الصحافيين الأربعة، الذين طالبتهم بدفع كفالة قدرها 100 مليون تومان (27000 يورو)، ولا يزالون محتجزين دون معرفة محاميهم أو عائلاتهم. وقالت المنظمة إن اعتقالهم واحد من الإجراءات العديدة التي اتخذتها السلطات الإيرانية لزيادة التضييق على الصحافيين منذ بداية موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

وتتعرض أيضا الصحافيات المسجونات إلى الإساءة النفسية والجسدية، كما حدث للصحافية والناشطة في مجال حقوق الإنسان نرجس محمدي في سجن إيفين سيء السمعة بطهران، عندما طالبت بلقاء محاميها في 25 ديسمبر الماضي، لكنها تفاجأت بمدير السجن غلام رضا زياي وممثلًا لوزارة الاستخبارات، أخبروها بأنها ستنقل إلى سجن زنجان، على بعد 300 كيلومتر شمال غرب طهران. وحين اعترضت، بدأ مدير السجن والحراس يضربونها بشدة ثم نقلوها في سيارة إسعاف سجن زنجان.

وتحدثت محمدي في رسالة مفتوحة من سجن زنجان، عن ما حصل، وهو ما يؤكده تقرير الطبيب الشرعي بأنها أصيبت برضوض وكدمات أخرى، إلا أن إدارة سجن إيفين والمتحدث باسم وزارة العدل ينفيان الاعتداء عليها.

ومحمدي البالغة 47 عاما، المتحدثة السابقة باسم مركز المدافعين عن حقوق الإنسان في إيران، محتجزة منذ مايو 2015 وتقضي عقوبة بالسجن لمدة عشر سنوات. بتهمة الدعاية المناهضة للحكومة، وعضوية الجماعة المحظورة المعارضة لعقوبة الإعدام، والتواطؤ ضد الأمن القومي”.

وقال “مراسلون بلا حدود” إن القائمة الطويلة للصحافيين الذين تعرضوا للمعاملة اللاإنسانية والإهانة في سجون إيران، تضم أيضا هنغامة شاهيدي، المحتجزة منذ 18 شهراً. وكان من المفترض أن تكون قد نُقلت من سجن إيفين إلى مستشفى لإجراء فحوص لحالة قلبها، مطلع يناير الجاري، بعد شهور من الانتظار.

ولكن بدلاً من نقلها إلى وحدة أمراض القلب، تم نقلها إلى مستشفى للأمراض النفسية. ولم يتم نقلها مؤخرا إلى سجن إيفين إلا بعد الاحتجاجات الشديدة والمقاومة. وشهيدي، هي أيضاً ناشطة في مجال حقوق المرأة ومستشارة سابقة للسياسي الإصلاحي مهدي كروبي، اعتقلت في يونيو 2018 وحُكم عليها في ديسمبر 2018 بالسجن 12 سنة وتسعة أشهر بتهمة “إهانة النظام القضائي وممثليها” وتقول عائلتها ومحاميها إنها تعاني من عدة أمراض وهي في حالة صحية سيئة للغاية.

وقال رضا مويني، رئيس مكتب إيران/ أفغانستان في “مراسلون بلا حدود”، “يجب على جافيد رحمن، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران، التدخل بشكل عاجل”. واضاف”بأن المعاملة اللاإنسانية والمهينة لسجناء الرأي، بمن فيهم الصحافيون والمواطنون، تشكل انتهاكا صارخا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي تعد إيران طرفا فيه”.

كما اعتقلت السلطات الإيرانية، مساء الإثنين، أربعة مواطنين في مدينة شهر رضا التابعة لمحافظة أصفهان وسط البلاد، بتهمة “إهانة قاسم سليماني” الذي لقي مصرعه بغارة أميركية فجر الجمعة الماضي، قرب مطار بغداد الدولي في العراق. ونقل موقع “سينا خبر” المحلي، عن أمير حسين رزاز زاده، المدعي العام لمدينة شهر رضا، قوله إنه تم اعتقال أربعة أشخاص بتهمة إهانة قاسم سليماني، الذي قتلته الولايات المتحدة مؤخرا في العراق.

وحذر زاده مستخدمي الإنترنت في إيران من توخي الحذر بشأن تعليقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي ضد سليماني، مؤكدا أن “إهانة الأخير تعتبر تطاولا على المقدسات ويعاقب عليها القانون”. والجمعة الماضية، أصدرت السلطات القضائية مذكرة اعتقال بحق رئيس تحرير وكالة أنباء “خبر أون لاين” بتهمة إهانة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني.

وقالت وكالة أنباء “تسنيم” الإيرانية، إن “السلطات القضائية أصدرت مذكرة اعتقال بحق رئيس تحرير وكالة أنباء خبر أون لاين بسبب نشره مقالا على موقع الوكالة أهان فيه الجنرال قاسم سليماني”. وكانت الوكالة نشرت في موقعها الرسمي أن أسعار النفط ترتفع في الأسواق الدولية بعد مقتل الجنرال قاسم سليماني، دون أن تصف فيها الأخير بـ”الشهيد”.

واعتبرت وسائل الإعلام المتشددة في إيران وصف سليماني بـ”القتيل” إهانة، مشيرة إلى أنه “شهيد”، فيما سارعت الوكالة الإيرانية إلى حذف الخبر بعدما تلقت موجة انتقادات من الإيرانيين. ووكالة خبر أون لاين تابعة وممولة من رئيس البرلمان علي لاريجاني ويرأس تحريرها الصحافي الإيراني “حسين واحدي بور”.

وتحتل إيران المرتبة 179 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2019 الصادر عن مراسلون بلا حدود.

18