إيران تجند صحافيين للإيقاع بزملائهم المعارضين

تورط ناشطة إعلامية في قضية اختطاف صحافيين وصفوها بأنها إحدى عميلات الاستخبارات الإيرانية.
الثلاثاء 2020/08/18
روح الله زم كشف معلومات غير مسبوقة عن النظام الإيراني

لا تزال قضية الصحافي الإيراني روح الله زم المحكوم بالإعدام تشغل الرأي العام، بسبب طريقة اختطافه من بغداد بعد استدراجه من مكان إقامته في فرنسا، بمساعدة إحدى زميلاته الصحافيات، التي يقول ناشطون إنها إحدى عميلات الاستخبارات الإيرانية.

باريس – كشف محامي الصحافي الإيراني المعارض، روح الله زم، المحكوم بالإعدام، بعد خطفه من مطار بغداد، في أكتوبر الماضي، أن جهات في الحرس الثوري انتحلت صفة مكتب المرجع الشيعي بالعراق، علي السيستاني، واستدرجته إلى بغداد، بالتعاون مع زميلة صحافية إيرانية مقيمة في تركيا.

وقال المحامي الإيراني حسن فرشتيان المقيم في باريس، أن موكله وصديقه الصحافي زم “جاءني في مكتبي في باريس قبل يوم من رحلته إلى العراق وكان برفقته حارسان مسلحان من الأمن الفرنسي جلسا في غرفة الانتظار، وقد غضبت بوجهه عندما أخبرني بنيته السفر إلى العراق للقاء السيستاني، وقلت له هذه خدعة ستودي بك إلى الهلاك”.

وأضاف المحامي في مقال نشره موقع “سحام نيوز” المعارض أن زم اتصل به قبل أيام وطلب منه موعدا، لأخذ استشارة حول سفره المرتقب للعراق وإجراء مقابلة مع السيستاني.

وأكد فرشتيان أن زم كان واثقا من أن لا شيء خطيرا سيحدث له لأن عناصر مكتب السيستاني سيرافقونه إلى النجف فور وصوله وحتى عودته من المطار، وقد تلقى وعودا من جماعة في العراق انتحلت صفة مكتب السيستاني ووعدته بمساعدته بمبالغ مالية كبيرة لفتح قناة تلفزيونية في أوروبا، فدفعه حماسه وشغفه الصحافي إلى قبول هذا العرض دون التفكير في العواقب. وأضاف “تم استغلال اسم السيستاني لأول مرة وببساطة لأغراض سياسية واستخباراتية، وإغرائه من خلال المال ووعده بقناة تلفزيونية كان يحلم بها”.

وكان نشطاء إيرانيون، ومن بينهم زملاء زم السابقون، تحدثوا عن تورط ناشطة إعلامية في قضية اختطافه ووصفوها بأنها إحدى عميلات الاستخبارات الإيرانية اللواتي يُطلق عليهن لقب “السنونوات”، وهو الأمر الذي أشار إليه فرشتيان أيضا.

واتهم هؤلاء الناشطون شيرين نجفي، وهي إحدى كوادر موقع “آمد نيوز” الذي أسسه زم، والتي كانت تقيم في تركيا، بالتورط في “المؤامرة” من خلال إقناعه بالذهاب للعراق لإبرام عقد عمل وتلقي دعم مالي بمبلغ 15 مليون يورو، من قبل أشخاص يدّعون أنهم مرتبطون بمكتب السيستاني، الأمر الذي نفاه مكتب السيستاني في بيان رسمي، في حينه.

نشطاء تحدثوا عن تورط زميلة لروح الله زم في اختطافه، ووصفوها بأنها إحدى العميلات المعروفات باسم «السنونوات»

وأعلن الحرس الثوري الإيراني في 14 أكتوبر الماضي، في بيان، “استدراج واعتقال زم في عملية استخباراتية” ووصفها بـ”المعقدة والاحترافية”، بينما ذكرت مصادر مطلعة أن عناصر موالية لطهران في المخابرات العراقية هي التي سلمته في 12 أكتوبر 2019، من مطار بغداد إلى استخبارات الحرس الثوري فور وصوله وبعد احتجازه لساعات.

من جهتها، نفت شيرين نجفي، المشرفة في موقع “آمد نيوز”، خلال مقابلة مع قناة “إيران إنترناشيونال”، أي دعوة أو دور لها في رحلة زم إلى العراق. وقالت إن روح الله زم ذهب إلى العراق بدعوة من عدد من أصدقائه الذين كانوا أعضاء في مكتب آية الله السيستاني، لمقابلتهم.

وأضافت نجفي إن “آخر مرة أجرت فيها اتصالا هاتفيا مع روح الله زم كانت في الليلة التي سبقت اعتقاله”. وتابعت أنها كانت على صلة وثيقة بزم وأسرته منذ انطلاق “آمد نيوز”، موضحة “حتى أن السلطات الإيرانية تعرف أنني الشخص الثاني في آمد نيوز، وأشعر بعدم الأمان حقا، ففي أي لحظة قد يتم توقيفي وقد تحدث الكثير من الكوارث”.

غير أن زوجة الصحافي الإيراني زم صرحت في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” في نسختها الفارسية، بأن روح الله زم لم يكن وحيدا بعد وصوله إلى العراق، حيث كانت تنتظره هناك مساعدة له في إدارة موقعه المعارض تدعى شيرين نجفي، لكن لم يتم اعتقالها على غرار زوجها.

وبعد سلسلة محاكمات واعترافات تلفزيونية، حكمت محكمة الثورة الإيرانية على زم بالإعدام، ما دفع بفرنسا وعدة منظمات دولية وحقوقية أن تصدر بيانات إدانة وتطالب بإلغاء الحكم ”التعسفي”.

تضييق مطبق على الحريات
تضييق مطبق على الحريات

واتهم زم بـ”الفساد في الأرض” من خلال الدعاية ضد النظام والتحريض الإعلامي على التظاهرات وأعمال الشغب والعمل ضد الأمن القومي والتخابر مع أجهزة استخبارات أجنبية.

وبثّ التلفزيون الرسمي الإيراني مقطعا من اعترافات روح الله زم، تكلم فيه ضد محمد حسين رُستمي، أحد من يسمون بـ”المدافعين عن الحرم الزينبي”، والذي تم اعتقاله عام 2016 بتهمة التجسس، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات، وقال زم إنه تلقى أخبارا من رستمي وأرسل له ثمنها من إحدى الصرافات.

وقال زم في الاعتراف الذي تم بثه، في 17 أكتوبر “کنت على اتصال مع رجل يدعى محمد حسين رستمي، كان في سوريا. وفي اتصالاتي معه سألته عن إمكانية الحصول على معلومات وأکد مرارا أنه يتمتع بقدرة كبيرة على إمكانية الوصول”.

يشار إلى أن الشخص المذكور في الفيديو هو محمد حسين رستمي. وهو مدير موقع “عماريون”، أحد المواقع التي أطلقت لمحاربة معارضي ومنتقدي النظام الإيراني في الفضاء السيبراني. وكان رستمي أحد الشخصيات التي وُصفت بأنها “قوة قيمة وولائية”، إذ تطوع بالسفر إلى سوريا، لكنه قُبض عليه في 5 أكتوبر 2016، وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات بتهمة التجسس لصالح إسرائيل.

وأثناء اعتقال رستمي، کتبت قناة “آمد نيوز” في “تلغرام” أن رستمي حُكم عليه بالسجن لمدة 8 سنوات بتهم “كاذبة”، ويقول ناشطون إن الهدف الرئيسي من وراء اعتقال زم هو التعرف على من كانوا يتواصلون معه في جهاز الحرس الثوري، وبيت المرشد، حيث كان الموقع ينشر خلال الأعوام الماضية، تقارير خاصة وغير مسبوقة من داخل أروقة النظام.

18