"إهانة الرئيس" تهمة للمنتقدين بعلم أردوغان أو دونه

دون أن يشتكي الرئيس رجب طيب أردوغان من معظمهم، تقوم مديرية الأمن بإدارة قضايا إهانة الرئيس وتحويلها إلى محاميه وهو ما ساهم في محاكمة 63 ألف مواطن بتهمة إهانة أردوغان.
أنقرة – تداول مستخدمو مواقع التواصل في تركيا على نطاق واسع مقطع فيديو للبرلماني عن حزب الشعب الجمهوري المعارض علي ماهر باشارير يعقد فيه مقارنات بين عدد الأتراك الذين حوكموا بتهمة “إهانة الرئيس” في فترات رئاسية مختلفة. وقال النائب إنه في فترة حكم أحمد نجدت سيزار تمت محاكمة 160 مواطنا أما في فترة حكم عبدالله غول فقد تمت محاكمة 8 مواطنين.
وسخر باشارير من القضاء التركي واصفا ما يفعله بـ”الفضيحة”، إذ قال إنه “لأول مرة في تاريخ الجمهورية التركية تتم محاكمة 63 ألف مواطن بسبب إهانة الرئيس”.
وتُعتبر “إهانة الرئيس” جريمة وفقا للمادة 299 من قانون العقوبات التركي الذي اعتُمد في عام 1926. وإذا أُدين شخص بتلك التهمة، يُعاقب بالسجن لمدة يمكن أن تصل إلى أربع سنوات، وقد تزيد هذه المدة إذا كانت الإهانة علنية.
وكان أحمد سيفير المتحدث باسم الرئيس التركي السابق عبدالله غُول قال في كتاب ألفه “إنَّنا نقف في مواجهة حكومة، أو على وجه الدقة في مواجهة رجل يرى أنَّ الكتب أكثر خطورة من القنابل”. وحوكم سيفير بتهمة “إهانة الرئيس” بسبب ما جاء في كتابه.
واعتبر أوزغور أكتوتون رئيس رابطة خريجي علم الاجتماع، لصحيفة بيرغون التركية بأنه على الرغم من أن تركيا “مجتمع من المخبرين” منذ عهد الإمبراطورية العثمانية، فإنه “من المدهش مدى تفشي استخدام البلاغات بشأن كل مسألة”.
وتهكم باشارير في مقطع الفيديو المتداول “سأخبركم الفضيحة أين: تقوم مديرية الأمن والمدعي العام بإدارة هذه القضايا حتى من دون أن يشتكي الرئيس رجب طيب أردوغان من معظمهم”، وأضاف “وفيما يجب عليهم إرسال هذه القضايا إلى قصر الرئيس يتم إرسالها مباشرة إلى محامي أردوغان أحمد أوزال الذي لا يمتلك توكيلا رسميا في القضايا”.
ويؤكد النائب عن حزب الشعب الجمهوري أن كلفة الوكالة لكل قضية تبلغ 4 آلاف و80 ليرة، وأضاف أنه تم النظر في 11 ألف قضية ما مكن محامي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من ربح 38 مليونا و890 ألف ليرة وهو ما يعادل نحو 5 ملايين دولار من أتعاب محاماة، نظير مرافعاته في العدد الضخم من قضايا إهانة الرئيس.
وأكد أن على الرئيس تولي أمر تقديم القضايا، لكن لأن المحكمة ترى أن الرئيس رجل مهم ومشغول جدا يتم تحويل القضايا مباشرة إلى محاميه.
وطالب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري علي ماهر باشارير في سياق آخر البرلمان التركي باستجواب وزير العدل عبدالحميد غول “حول المبلغ الذي يحصل عليه أحمد أوزال؛ محامي الرئيس التركي، مقابل ترافعه في قضايا إهانة الرئيس التي يختصم فيها المواطنين”.
وتابع النائب التركي في كلمته في البرلمان “هل من واجب القضاء إثراء محامي الرئيس؟”.
ويذكر أن نائب رئيس مجموعة حزب الشعب الجمهوري أوزجور أوزال كان قد أوضح أن 903 أطفال دون سن 18 عاما مثلوا أمام المحكمة بتهمة إهانة أردوغان.
ويعد أردوغان أكثر الرؤساء الأتراك ملاحقة لمعارضيه بتهمة إهانة رئيس الجمهورية.
ووفق بيانات وزارة العدل في تركيا، شهد عام 2019 التحقيق مع 36 ألف شخص بتهمة إهانة الرئيس رجب طيب أردوغان، خضع 12 ألفا منهم للمحاكمة، وتمت إدانة 3 آلاف و831 منهم، بينهم نحو 308 أطفال.
وبحسب بيانات “نقابة المحامين الأتراك” المركزية في أنقرة، فقد خضع 128 ألفا و872 شخصا بينهم 100 قاصر، للتحقيق بذريعة إهانة الرئيس التركي في الفترة الممتدة بين الأعوام 2014 و2019. وقد أدين منهم نحو عشرة آلاف شخص، زُجوا في المعتقلات، من بينهم نواب ورؤساء بلديات.
وجاء في حساب:
وفي الوقت الذي تفرض فيه حكومة حزب العدالة والتنمية سيطرتها على وسائل الإعلام المختلفة، مع اختفاء الإعلام المعارض والزج بالصحافيين في السجون، تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة ينفس فيها الأتراك عما يغضبهم ويوجهون انتقادات للحكومة والرئيس، رغم تعرضهم للمساءلة القضائية.
وتخضع الحسابات على منصات التواصل الاجتماعي في تركيا لرقابة مشددة، ويمكن أن تؤدي على سبيل المثال تغريدة على موقع تويتر بصاحبها إلى السجن بتهم أبرزها “إهانة الرئيس”.
وتحولت قضايا أردوغان المرفوعة ضد المنتقدين له في التغريدات إلى مادة للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال ناشطون إن أردوغان نصب نفسه الرئيس الأكثر إهانة في العالم. وتتصدر عبارة Erdoğan’a hakaret التي تعني إهانة أردوغان الترند على تويتر.
ويقول مراقبون إن استخدام أردوغان للمادة 299 من قانون العقوبات التركي كأداة لتخويف معارضيه تكتيك فعَّال للغاية إذ بمقدوره أن يزج بشخصيات بارزة في السجن.
ومن جانب آخر، خصصت السلطات الأمنية التركية أجنحة في سجن سيليفري للمدانين بتهم إهانة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وفق المادة 299 من قانون العقوبات التركي كما أكدت مجموعات حقوقية تركية، اعتبرت أن هذا الإجراء يدل على نية النظام التركي اعتقال المزيد من المعارضين.
وقال محاميان تركيان لوسائل إعلام محلّية، الأحد، إن السلطات أنشأت هذه الأجنحة في سجن سيليفري استعدادا لاعتقال المزيد بعد ارتفاع أعداد المحتجزين بذريعة إهانة أردوغان.
وإلى جانب ذلك، اعتبرت نقابة المحامين التركية أن التحول إلى النظام الرئاسي ساهم في تضاعف أعداد الموقوفين على خلفية المادة 299، الخاصة بإهانة الرئيس، مشيرة إلى أنها لم تصدر حتى الآن إحصاءات عام 2020، إلا أنها قدرت عددهم بعشرات الآلاف.