إلغاء قيد على الإعلام العراقي ضمن حزمة من القوانين تحتاج التعديل

هيئة الإعلام والاتصالات أصدرت في وقت سابق معايير وشروط يجب توفرها في ضيوف القنوات الفضائية العراقية.
الخميس 2021/08/12
لا لتكميم الأفواه ومراقبة الأقلام أيضا

بغداد - أصدر مجلس الأمناء في هيئة الإعلام والاتصالات العراقية الأربعاء، قرارا بإلغاء التعميم الصادر للمؤسسات الإعلامية بخصوص اختيار الضيوف في البرامج الحوارية، بعد موجة انتقادات طالت القرار الذي اعتبر تكميما للأفواه وتضييقا على وسائل الإعلام.

وأصدرت هيئة الإعلام والاتصالات، في وقت سابق، معايير وشروط يجب توفرها في ضيوف القنوات الفضائية العراقية. أبرزها استضافة ذوي الاختصاص والكفاءة العالية ومن له القدرة على تدارك المواقف الحرجة وعدم الوقوع في الأخطاء التي تؤدي إلى تأزيم الوضع السياسي والأمني وحتى الاجتماعي.

وطالبت بتجنب دعوة أفراد أو جهات "محظورة دستوريا وقانونيا أو مدانين وفق أوامر قضائية"، مشددة على "عدم السماح لضيوف البرامج بطرح الحوارات التي تشكل تهديدا للنظام الديمقراطي في العراق وتساهم في تعطيل الانتخابات".

وانتقد صحافيون وإعلاميون هذا القرار وأكدوا أنه يأتي قبل الانتخابات المزمع إجراؤها بعد حوالي شهرين، لمنع الحديث عن الفساد والمخالفات الانتخابية، والتأثير على الحملات الانتخابية لمرشحين لديهم شبهة فساد.

وأضافوا أن هيئة الإعلام والاتصالات تفرض نوعية الضيوف المسموح لهم الظهور في الإعلام، لتمنع طرح أي موضوع يمس النظام.

وتضمن قرار الهيئة بنودا أثارت الجدل مثل "عدم تناول الوثائق السرية وغير المصرح بها من قِبل الجهات المعنية فضلاً عن القضايا المعروضة أمام القضاء منعا للتشويش على سير العدالة، والتأكيد على اتخاذ الخطوات اللازمة للتأكد من صحة المعلومات قبل طرحها".

وهذا البند اعتبره المتابعون بمثابة منع لأي دور للإعلام في كشف عمليات وشبكات الفساد المنتشرة في العراق، خصوصاً وأن التأكد من صحة الوثائق أمر خاص بالقضاء والجهات التحقيقية، وليس المؤسسات الإعلامية.

وقال الصحافي محمود النجار في تغريدة على حسابه في تويتر، "يريدون من الصحافيين أن يصوروا المهرجانات، ويعرضون تقارير عن عالم البحار، ويفرضون قوانين مستبدة تجبر على الابتعاد عن الملفات الساخنة التي تتعلق بالفساد، والقضايا الحساسة، والسلاح المنفلت وانتهاكات الميليشيات".

ويعتبر إلغاء هذا القرار بمثابة انتصار صغير للصحافيين والوسط الإعلامي، في حين أن الانتصار الحقيقي يكون بتعديل القوانين المقيدة لحرية الصحافة والإعلام في البلاد.

وتتناقض مواد قانونية عدة متعلقة بجرائم النشر مع المادة 38 من الدستور العراقي التي تكفل حرية التعبير، لذلك يطالب خبراء إعلام  بتغيير تلك القوانين التي توفّر منافذ لقمع الحريات في الوقت المناسب.

ويعترض صحافيون وحقوقيون على استمرار اعتماد القضاء العراقي على قانون المطبوعات لعام 1967 ومواد جرائم النشر ضمن قانون العقوبات لعام 1969 وقانون الأفلام والمصنفات السينمائية لعام 1973، فضلاً عن قانون وزارة الإعلام المنحلة لعام 2000 وغيرها من القوانين.

وأصدر البرلمان العراقي عام 2011 تشريعا يحمل اسم "قانون حماية الصحافيين"، كقانون جديد يحمي الحريات الصحافية، إلا أن رؤساء منظمات معنية بحرية الصحافة ونقابيين أبدوا تحفظهم عليه، مشيرين إلى أنه لا يلغِي قوانين النظام السابق بل يعيد تفعيلها.

والاعتراض الأبرز يتعلق بأن ما شُرّع من قوانين بعد عام 2003 من بينها "قانون حماية الصحافيين"، جاءت لتفعيل قوانين النظام السابق.

وقال رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة مصطفى ناصر إن "القضية لا تتعلق فقط بترك قوانين النظام السابق فاعلة فحسب، بل ذهب الفاعل السياسي إلى إنتاج قوانين جديدة تعيد العمل بها، كما حصل مع ما يسمّى بقانون حماية الصحافيين"، وأضاف أن "واحدة من مواد هذا القانون تنص على عدم جواز التعدي على معدات الصحافي وأدواته إلا بحدود القانون، ما يعني تفعيلاً للتشريعات التي تعود إلى الحقبة الدكتاتورية".

ويشير خبراء في القانون إلى أن الدولة العراقية تعتمد على المادة 130 من الدستور في التمسك بالقوانين التي تقوّض حرية التعبير عن الرأي، والتي تنص على أن "بقاء التشريعات النافذة معمول بها، ما لم تُلغَ أو تعدّل، وفقاً لأحكام هذا الدستور"، إلا أنها تتعارض مع المادة 13 ثانياً من الدستور، التي تقضي بعدم جواز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور، بالتالي تعدّ هذه القوانين باطلة.

وكانت مواد جرائم النشر في قانون العقوبات لعام 1969، تحديداً المادتين 225 و226، عُلّق العمل بهما في فترة الحاكم المدني الأميركي للعراق بعد عام 2003، إلا أنهما فُعّلتا مرة أخرى بعد عام 2007.

ويرى إعلاميون أن الإرادة السياسية تريد الإبقاء على القوانين الموروثة للتلويح بالسجن تحت عناوين مختلفة، لتخويف صناع الرأي العام والصحافيين، إضافة لإدراكهم بأن تلك القوانين ستمكّنهم من قمع أي انتفاضة ضدهم.

18