إفلاس متاجر سيرز الأميركية يفاقم المخاوف من هيمنة أمازون

اتسعت المخاوف من تداعيات هيمنة شركات التكنولوجيا على استقرار النشاط الاقتصادي بعد إعلان إفلاس سلسلة متاجر سيرز الأميركية هذا الأسبوع، في وقت تتسابق فيه الحكومات لفرض قيود على نفوذ شركات التكنولوجيا.
الأربعاء 2018/10/17
سلاح التخفيضات عاجز عن مجاراة التجارة الإلكترونية

لندن – أشعل إعلان إفلاس سلسلة متاجر “سيرز” الأميركية العملاقة صفارات الإنذار بشأن التغييرات المتسارعة التي تحدثها أنماط الاستهلاك الجديدة وخاصة التجارة الإلكترونية، وما يتبعها من زلزال في بنية النشاط الاقتصادي التقليدي.

وأعلنت المجموعة العريقة التي تأسست في عام 1886 وكانت رائدة في مجال المتاجر الكبرى، أنها وضعت نفسها تحت الحماية القضائية تحت الفصل 11 من القانون الأميركي حول الإفلاس، بعد أن عانت طويلا من صعوبات في مواجهة نمو التجارة الإلكترونية.

وقالت سيرز هولدينغز إنها “تنوي اتخاذ إجراءات لإعادة هيكلة نشاطاتها في أسرع وقت ممكن وتتعهد اتباع خطة لعملية إعادة تنظيم تستغرق فترة قصيرة جدا”.

كما أعلنت المجموعة، التي تمتلك سلسلة متاجر “سيرز ستورز” و”كمارت” أنها تعتزم إغلاق 142 من متاجرها قبل نهاية العام الجاري، بعد إغلاق 103 متاجر أخرى في الربيع الماضي.

وأصبح إدوارد أس لامبرت رئيس مجلس إدارة المجموعة ومديرها العام، رئيسا لمجلس الإدارة فقط، بعد أن تم مؤخرا إنشاء “مكتب لرئاسة مجلس الإدارة والإدارة العامة” للإشراف على إدارة متاعب المجموعة.

وتعاني سلسلة متاجر سيرز المنتشرة أيضا خارج حدود الولايات المتحدة من ديون كبيرة، بسبب تراجع قدرتها على منافسة التجارة الالكترونية خصوصا من قبل المجموعة العملاقة “أمازون”.

ويختزل إفلاس المجموعة حجم التغيير في أسلوب الاستهلاك، الذي أحدث تغييرات قاتلة في الكثير من الشوارع والمراكز التجارية، التي تشكو من أنها تلقى معاملة غير عادلة بسبب خضوعها للعديد من الضرائب، إضافة إلى ارتفاع تكاليفها التشغيلية مقارنة بشركات التجارة الإلكترونية.

وتشير البيانات إلى أن المجموعة التي أقامت إمبراطورية تجارية واسعة في أميركا الشمالية، قد لا تتمكن خلال أيام من تسديد التزامات مالية تبلغ قيمتها نحو 134 مليون دولار.

ويأتي إفلاس سيرز بعد سلسلة انهيارات لعدد كبير من الشركات التجارية بينها “تويز آر أس” التجارية العملاقة لألعاب الأطفال، التي أعلنت في مارس أنها تريد بيع موجوداتها بعدما قامت بتصفية 735 محلا لها في الولايات المتحدة.

دونالد ترامب انتقد مرارا هيمنة أمازون وقال إنها تدفع القليل من الضرائب مقارنة بالشركات الأخرى
دونالد ترامب انتقد مرارا هيمنة أمازون وقال إنها تدفع القليل من الضرائب مقارنة بالشركات الأخرى

وتثير التغييرات الهائلة التي تحدثها شركات التكنولوجيا مخاوف الكثير من الحكومات من زعزعة الاستقرار الاقتصادي والنشاطات التجارية التقليدية، وهي لا تقف عند تجارة التجزئة بل تمتد إلى الكثير من شركات التكنولوجيا الأخرى.

وسبق للرئيس الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن وجه انتقادات لاذعة لتأثير شركة أمازون على متاجر التجزئة ودعا لزيادة الضرائب المفروضة عليها. وأمر بإجراء تحقيق في السجلات المالية للشركة.

ويرى محللون أن ترامب يريد تغيير أسلوب المعاملة الضريبية لأمازون، وهو موضوع كان قد أثاره علنا العام الماضي عندما دعا إلى فرض ضريبة إنترنت على شركات التجزئة رغم أن أمازون تحصل بالفعل ضريبة المبيعات على البضائع التي تبيعها للمستهلكين.

ويقول منتقدون لأمازون إن المجموعة أصبحت قوية جدا بسبب هيمنتها على المبيعات على الإنترنت، والتي يمكن أن تزداد أكثر بعد استحواذها على سلسلة مطاعم “هول فودز”، في صفقة هي الأكبر للمجموعة الأميركية، قدرت بنحو 13.7 مليار دولار.

ويجمع خبراء أن تداعيات غزو تجارة التجزئة بدأت تحدث تغييرات خطيرة في نشاط شوارع المدن وفي سوق العمل، بعد أن أصبحت توفر معظم السلع من الملابس إلى الأجهزة المنزلية وصولا إلى المواد الغذائية.

وتشكو شركات مبيعات التجزئة التقليدية من أنها ضحية منافسة غير عادلة لأن شركات التجزئة عبر الانترنت لا تدفع الكثير من الرسوم والضرائب التي تترتب على المتاجر التقليدية.

وتعاني الكثير من الدول من تراجع حصيلة الضرائب بسبب اختفاء المبيعات عن رقابتها بسبب اتخاذ شركات مبيعات التجزئة عبر الإنترنت مقرّات في ملاذات ضريبية أو بلدان تمنحها إعفاءات كبيرة.

وتسعى دول كثيرة للحد من تهرّب شركات التكنولوجيا العابرة للحدود من الضرائب من خلال اتخاذ مقرات في ملاذات ضريبية تمنحها تسهيلات غير قانونية، الأمر الذي يقلّص إيرادات الحكومات والسلطات المحلية من الضرائب.

وتتصدر المفوضية الأوروبية الجهود العالمية للبحث عن حلول لتداعيات انتشار تجارة التجزئة ونشاط شركات التكنولوجيا العابرة للحدود، وتبذل جهودا كبيرة لوضع نظام يفرض على تلك الشركات دفع ضرائب تستند إلى موقع المستهلك.

ويرى نيكولاس بيتيت الأستاذ في جامعة لييج البلجيكية أن أي شركة تصل إلى وضع مهيمن في دول الاتحاد الأوروبي تخضع لمزيد من التدقيق والمسؤولية.

ويرجح محللون أن تتزايد تحركات الحكومات لوضع شركات العملاقة تحت رقابة مشددة رغم أن تحركاتها لا تزال تقتصر حتى الآن على فرض الغرامات التاريخية من أجل حماية البيانات وحرية المنافسة ومنح الحصول على تسهيلات ضريبية غير عادلة.

10