إفتاء "الوحدة الوطنية" يعلن الجهاد ضد القوات الروسية في ليبيا

الحملة التي يقودها الصادق الغرياني ضد الوجود الروسي تأتي في سياق صراع النفوذ بين القوى العظمى في ليبيا.
الخميس 2024/05/16
الغرياني يدعو إلى عدم التعامل التجاري مع الروس

طرابلس - أعلنت دار الإفتاء الليبية بحكومة الوحدة الوطنية الحرب على القوات الروسية الموجودة في مناطق شرق البلاد وجنوبها. وأصدرت الدار التي يرأسها المفتي العام المعزول من قبل مجلس النواب منذ نوفمبر 2014 الصادق الغرياني فتوى بوجوب الجهاد ضد القوات الروسية المتمثلة في الفيلق الأفريقي الذي وصفته بالغازي المعتدي، مشيرة إلى أنه واجب شرعًا على أهل ليبيا وبخاصة كتائب فبراير.

واعتبرت دار الإفتاء الليبية أن على كل من يملك المال أو السلاح أو القرار أن يعين كتائب فبراير على ذلك لإخراج العدو المحتل وإخراج من أتى به، وأضافت “تابعنا تطورات التدخل الروسي في ليبيا ووصول قوات وأسلحة روسية تمهيدًا لدخول فيلق أفريقيا إلى ليبيا ودول أخرى مجاورة”، مشيرة إلى أن “الوجود الروسي المسلح على الأرض الليبية المتمثل في الفيلق الأفريقي يعد احتلالا وغزوا للبلاد من دولة كافرة معتدية”.

وتابعت دار الإفتاء أن “وجوب هذا الجهاد الدفاعي ضد القوات الروسية لا يعني الوقوع تحت سيطرة محتل آخر سواء كان أميركا أو الاتحاد الأوروبي أو غيرهما من الدول”. وأضافت أن “استنكار دول الغرب وعلى رأسها أميركا للوجود الروسي، والتظاهر بالتعاون مع الليبيين على مقاومته، هو كاذب يجبُ ألَّا ننخدع به، فإنه مجرد تبادل أدوار”.

واستخلصت دار الإفتاء في فتواها أنه “يجب أن تكون الكلمة النافذة والقرار لأصحاب الأرض المقاومين لهم لا للواقعين تحت نفوذهم أو المتعاونين معهم، ولا لمن أتى بهم ومكنهم من بلادنا”. وجاءت الفتوى تتمة لتصريحات أدلى بها الغرياني أواخر شهر أبريل الماضي، حيث وصف الوجود العسكري الروسي في ليبيا بأنه “احتلال من دولة كافرة ملحدة تجب مقاومته والجهاد ضده”.

◙ فتوى الغرياني وصفت الوجود العسكري الروسي في ليبيا بأنه احتلال من دولة كافرة ملحدة تجب مقاومته والجهاد ضده

وطالب من على شاشة تلفزيون “التناصح”، الذي يديره ابنه سهيل الغرياني، الليبيين الذين يمتلكون السلاح باغتيال من وصفهم بـ”الروس الملاحدة” في الشوارع، ومضايقتهم وعدم التعامل التجاري معهم بالبيع والشراء في مناطق سيطرة خليفة حفتر في جنوب ليبيا وشرقها، واعتبارهم أعداء وغزوا أجنبيا يجب أن يخرج من ليبيا، مبرزا أن “الذين يملكون السلاح في ليبيا عليهم أن يضعوا أيديهم على الزناد وأن يعلنوا الجهاد على هؤلاء المجرمين ولا يسلموا بلادهم لأعدائهم”.

وتابع الغرياني، الذي يرتبط بعلاقات وطيدة مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، أن وجود الجيوش الروسية التي أتى بها حفتر إلى ليبيا احتلالٌ من دولة كافرة، حسب وصفه، وشدد على “اعتبار الوجود الروسي غزوا لا فرق بينه وبين الغزو الفرنسي للجزائر والغزو الإنجليزي لمصر منذ عشرات السنين”، ودعا إلى “إخراجه بكل الوسائل”.

وأوضح الغرياني أن “عددا من البواخر وصلت إلى ليبيا في الأسابيع الماضية تحمل مئات آلاف الأطنان من المعدات والسلاح قادمة من سوريا لدعم الفيلق الروسي الأفريقي الذي قال إن قاعدته الرئيسية ستكون في ليبيا وفق اتفاق بين موسكو وحفتر الذي منح الروس معسكرات في جنوب ليبيا ووسطها”.

وبحسب أوساط ليبية فإن الحملة التي يقودها الصادق الغرياني ضد الوجود الروسي، سواء من خلال دار الإفتاء في طرابلس أو من خلال منصاته الإعلامية النشطة في ليبيا وتركيا، تأتي في سياق صراع النفوذ بين القوى العظمى واصطفاف جماعة الإخوان المسلمين وعموم تيارات الإسلام في ليبيا إلى جانب القوى الغربية في مواجهة الروس باعتبارهم حلفاء الجنرال خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، ومسانديه في معركته التي دشنها منذ عشر سنوات ضد الجماعات المسلحة والميليشيات المرتبطة بجماعة الإخوان.

وتشير الأوساط نفسها إلى أن الغرياني أراد توجيه رسالة تفيد بعدم موافقته على الزيارة التي أداها إلى موسكو وفد من طرابلس يضم عضو المجلس الرئاسي عبدالله اللافي ورئيس أركان قوات المنطقة الغربية محمد الحداد ووزير الخارجية المكلف الطاهر الباعور، وبأنه يستطيع أن يكون مستقلا عن توجهات الفاعلين السياسيين في غرب البلاد.

وجاءت فتوى الغرياني لتزيد من حجم الانقسام السياسي والاجتماعي في البلاد، والذي دعمته حكومة مجلس النواب بتكريس حالة الانقسام الفقهي من خلال القرار الصادر عن رئيسها بإنشاء “الدار العليا للإفتاء” في مدينة بنغازي.

 

4