إعلاميون يكممون أفواههم احتجاجا على انتهاكات أردوغان

يزداد الغضب في الأوساط الإعلامية التركية بسبب الانتهاكات المتواصلة لحقوق الصحافيين إثر قيامهم بعملهم، ولاسيما في الآونة الأخيرة بعد موجة من الاعتقالات لصحافيين كشفوا ما تحاول إخفاءه الحكومة التركية من تداعيات تدخلاتها الخارجية وتأثيرها على البلاد.
أنقرة - ظهر مقدمو برنامج “العدسة”، على شاشة قناة “تيلي 1” التركية، بأشرطة سوداء على أفواههم على الهواء مباشرة حاملين لافتة كتب عليها “الصحافة ليست جريمة”، للاحتجاج على اعتقال الصحافيين الأتراك.
وقالت المذيعة توبا إيملك، “نظمنا هذا الاحتجاج لمدة دقيقة بهدف رفع مستوى الوعي لأصدقائنا الصحافيين ممن يدافعون عن حرية الصحافة، وإثبات أن الصحافة ليست جريمة”.
ويأتي ذلك بعد اعتقال باريش بهليوان رئيس تحرير صحيفة “أوضة تي.في”، ومدير النشر بالموقع، باريش تكر أوغلو، والصحافية هوليا كيليج، ابنة نائب رئيس مانسيا عن حزب الشعب الجمهوري، وذلك بسبب نشر تقرير بعنوان “وصلت لقطات رجل المخابرات التركي الذي دفن بلا جنازة، وفي صمت، إلى موقع أوضة تي.في”، وبعد إجراءات التحقيقات معهم أصدرت النيابة أمرا بحبسهم، وفق ما ذكر موقع تركيا الآن.
وكشفت جريدة “جمهورييت” التركية، عن تعرض رئيس تحرير موقع “أوضة تي.في” باريش بهليوان للضرب والتعذيب داخل مقر اعتقاله من قبل السلطات التركية.
وأوضحت الصحيفة، أن بهليوان نقل إلى سجن مدينة سيلفري، وأساء الحراس معاملته على نحو بالغ، وتعرض للضرب من أحد الحراس على ظهره بقوة، ما تسبب له في إصابة بليغة.
ويشتكي الصحافيون المحتجزون أيضا من طول فترة الحبس الاحتياطي، والحبس الانفرادي، والتعذيب النفسي والجسدي، وعدم المراعاة الطبية للمرضى منهم، وتكديس المحتجزين في عنابر بطاقة استيعاب لا تتماشى مع العدد الفعلي الموجود بها.
وتأتي هذه الأخبار بالتزامن مع إطلاق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصريحات متتالية حول حقوق الإنسان وإساءة معاملة اليونانيين للمهاجرين على الحدود التركية اليونانية، فيما يؤكد الناشطون الحقوقيون أن العديد من المعتقلين السياسيين والصحافيين يتلقون معاملة سيئة وتعنيفا قاسيا في السجون التركية.
واعتبر أيدن أونال المستشار السابق وكاتب أردوغان إغلاق صحيفة “أوضه تي.في” واعتقال صحافيين يعملون فيها على خلفية تناولهم لتقرير بشأن مقتل رجل مخابرات تركي في ليبيا، يسحبان البلاد إلى حالة من الفوضى، وقال في تغريدة على تويتر ”حزب العدالة والتنمية يسحب تركيا وبسرعة إلى حالة من الفوضى“.
بدوره، نظم اتحاد الصحافيين الأتراك، الثلاثاء، وقفات احتجاجية في 5 مدن تركية بينها العاصمة أنقرة، ضد اعتقال عدد من أعضائه، للمطالبة بالإفراج الفوري عنهم.
ونقل موقع “أوضة تي.في”، المؤتمر الصحافي الذي ألقى فيه القائمون على الاتحاد الضوء على ما يقع بالبلاد وأصدروا خلاله بيانا أكدوا فيه أن “الصحافة ليست جريمة”.
وطالب البيان بالكشف عن المبررات التي دفعت إلى اعتقال الصحافيين بشكل غير قانوني، مشيرا إلى أن تلك الاعتقالات تؤكد أن النظام القضائي في تركيا “لا يسير بشكل مستقل”.
وقال الاتحاد في بيانه “نحن ننشد العدالة؛ لأنه لا يمكننا الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في بلد يغتصب فيه حق الشعب في الحصول على الحقيقة، ويعتقل فيه الصحافيون بشكل غير قانوني”.
وتم توقيف 28 صحافيا خلال 15 يوما، بينهم ثمانية صحافيين لتطرقهم إلى أخبار متعلقة بالسياسة الخارجية لتركيا.
وأوضح الاتحاد أن “ذنب هؤلاء الصحافيين أنهم أرادوا إيصال الحقيقة للأتراك وليس أكثر من ذلك، لقد اتهمتهم السلطات بالخيانة لمجرد أنهم سعوا لكشف الحقائق، ونسيت أن مهنتهم هدفها الرئيسي حماية مصالح المجتمع لا الزمرة الحاكمة”.
من جهتها، أعربت منظمة الأمن والتعاون الأوروبي عن قلقها الشديد من اعتقال العديد من الصحافيين في تركيا، لنشرهم تقارير حول قضية ذات اهتمام عام.
وطالبت المنظمة الأوروبية في بيان، السلطات التركية بإطلاق سراح الصحافيين على الفور، مشددة على أنه يجب أن يكون الصحافيون قادرين على العمل بحرية ومتابعة عملهم في إعلام الجمهور دون رقابة أو ضغط أو تخويف.
وأضاف البيان أن اعتقال الصحافيين بسبب عملهم يهدد بشكل خطير حرية وسائل الإعلام ويحد من قدرتهم على الإبلاغ عن القضايا ذات الاهتمام العام.
وأصدرت 40 نقابة للمحامين في تركيا، السبت الماضي، بيانا مشتركا أدانت فيه الاعتقالات الأخيرة التي طالت صحافيين أتراكا، مؤكدة أن “الصحافة ليست جريمة”. وأكد البيان، على حرية الصحافة والصحافيين، ودورهم في إطلاع الرأي العام على ما خفي عنهم من حقائق يتعمد النظام الحاكم التعتيم عليها.
وأعرب البيان عن رفضه الشديد لاعتقال الصحافيين، وحجب موقع “أوضه تي.في”، مشددا على أن “الصحافة ليست جريمة، بل مهنة سامية مهمتها نشر الوعي والحقائق بين الناس، ولاسيما في ظل وجود أنظمة تتعمد إخفاء الحقائق”.
وأوضح أن “حجب الموقع الإخباري واعتقال الصحافيين هما من الضغوط التي يمارسها النظام على حرية التعبير، لترهيب أصحاب الرأي، بينما يؤكد الدستور على أن الصحافة مهنة حرة لا تخضع للمراقبة”.
وأفاد بأن “التحقيقات التي يمارسها النظام على خلفيات سياسية انتهاك للحقوق، التي تنص عليها القوانين الدولية”.
وختمت نقابات المحامين بيانها مطالبة بالإفراج الفوري عن الصحافيين، ورفع الحجب المفروض على الموقع الإخباري، موضحة “أن هذه الممارسات تتعارض مع مقتضيات المجتمع الديمقراطي، والدستور، والقانون”.