إصلاح الشرطة أولى الخطوات الأميركية لاقتلاع جذور العنصرية

المجلس البلدي في مينيابوليس بولاية مينيسوتا يقرر تفكيك شرطة المدينة المتهمة بممارسات عنيفة ضد الأميركيين السود وإعادة بناء نموذج جديد للسلامة العامة.
الثلاثاء 2020/06/09
نموذج جديد

تمثل تعهدات سلطات مينيابوليس ببناء نموذج جديد للشرطة المدنية والمبادرة التشريعية التي تقدم بها ديمقراطيون في مجلس النواب انعكاسا لتطلع الأميركيين إلى التصدي للعنصرية في البلاد، إذ يدرك الكثيرون أن المشكلة متجذرة في المجتمع وأن الاحتجاجات ليست كافية لوقفها بل يتطلب الأمر إصلاحات جذرية.

واشنطن- يأمل الأميركيون في إحداث تغيير عميق في المجتمع ينهي العنصرية ضد السود في البلاد من خلال البدء بإصلاح الشرطة، ففي حين تعهدت سلطات مينيابوليس ببناء نموذج جديد لشرطة المدينة قدم مشرعون ديمقراطيون مشروع قانون جديد يهدف إلى إصلاح هذا الجهاز في البلاد ويحظر استخدام أساليب من بينها تقييد الرقبة وهي الطريقة التي أدت إلى وفاة الأسود جورج فلويد ما أجج احتجاجات عارمة تجاوزت حدود الولايات المتحدة.

وتعهدّت سلطات مينيابوليس ببناء نموذج جديد لشرطة المدينة، بعد أسبوعين من مصرع الأميركي الأسود جورج فلويد على يد شرطي أبيض يمثل الاثنين للمرة الأولى أمام القضاء بتهمة القتل.

وعلى وقع التظاهرات، قرر المجلس البلدي في مينيابوليس بولاية مينيسوتا الأحد تفكيك شرطة المدينة التي لن تعود موجودة بشكلها الحالي.

وأعلنت رئيسة المجلس البلدي ليزا بيندر لشبكة “سي.أن.أن”، “نحن ملتزمون بتفكيك أجهزة الشرطة كما نعرفها في مدينة مينيابوليس وإعادة بناء نموذج جديد للسلامة العامة يضمن فعلا أمن مجتمعنا، وذلك بالاشتراك مع مواطنينا”.

وأشارت إلى أنّها تعتزم تحويل الأموال المخصصة لميزانية شرطة المدينة إلى مشاريع تتعلّق بالسكان. وأضافت أن مجلس المدينة يعتزم أيضا درس سبل استبدال جهاز الشرطة الحالي. ولفتت إلى أن “فكرة عدم وجود قوة شرطة ليست بالتأكيد مشروعا قريب الأمد”.

من جهتها كتبت عضو المجلس ألوندرا كانو على تويتر إن المجلس خلص إلى أن شرطة المدينة “غير قابلة للإصلاح وسننهي النظام الحالي لحفظ الأمن”.

كارين باس: الاحتجاجات ستزيد الضغط على المشرعين ليتحركوا
كارين باس: الاحتجاجات ستزيد الضغط على المشرعين ليتحركوا

غير أن رئيس بلدية المدينة جاكوب فراي أبلغ قبل تصويت المجلس بأنه يفضل “إصلاحا بنيويا واسع النطاق لإعادة تأسيس هذا النظام الذي ينطوي على عنصرية هيكلية”، وبالتالي فإن المجلس البلدي قد يحتاج إلى وقت لتنفيذ وعده بتفكيك الشرطة.

ودعا الديمقراطيون الأحد إلى تغيير عميق في الشرطة المتهمة بالعنصرية وبممارسات عنيفة ضد الأميركيين السود. وقدم عدد من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين الاثنين قانونا يهدف إلى إصلاح الشرطة في الولايات المتحدة، معتبرين أن ممارساتها بحق السود هي نتيجة عنصرية تطبع تاريخ الولايات المتحدة منذ فترة العبودية.

وأوضحت مصادر في الكونغرس أنه من المتوقع أن يحظر التشريع استخدام أساليب تقييد الرقبة والفرز العرقي ويستلزم استخدام الكاميرات المثبتة في أجسام أفراد الشرطة في أنحاء البلاد، وإخضاع الشرطة لهيئات المراجعة المدنية وإلغاء المبدأ القانوني المعروف بالحصانة المؤهلة الذي يحمي أفراد الشرطة من الدعاوى المدنية.

وقالت النائبة كارين باس، عضو الحزب الديمقراطي وزعيمة كتلة النواب ذوي الأصول الأفريقية في الكونغرس، “الوقت حان لتغيير ثقافة الشرطة في الكثير من الإدارات”.

وأضافت أنها تأمل في أن تؤدي موجة الاحتجاجات السلمية إلى حد كبير التي شهدتها الولايات المتحدة خلال الأسبوعين الماضيين إلى زيادة الضغط على المشرعين ليتحركوا. وتابعت باس “نحن في لحظة حقيقية في بلادنا، العاطفة الجياشة التي يظهرها الناس… سيضع هذا الأساس الزخم المطلوب من أجل إحداث التغيير الذي نحتاج إلى تحقيقه”.

وناقشت أيضا رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ السيناتور تشوك شومر والسيناتور الديمقراطية كمالا هاريس، إلى جانب باس، مشروع القانون في اجتماع.

ومن غير الواضح ما إذا كان مشروع القانون هذا سينال تأييد المشرعين الجمهوريين الذين يهيمنون على مجلس الشيوخ الأميركي. وهناك حاجة إلى تأييدهم وكذلك لتصديق الرئيس الجمهوري دونالد ترامب على المشروع لكي يصبح قانونا.

واتخذت بعض التدابير المحلية منذ بدء موجة الاحتجاجات. وفي هذا السياق، حظر قائد شرطة سياتل استخدام الغاز المسيل للدموع لمدة ثلاثين يوما. كما أعلنت شرطة مينيابوليس حظر القبض على عنق الموقوفين.

وتظاهر الآلاف من الأشخاص في نهاية الأسبوع في الولايات المتحدة وحول العالم ضد العنصرية، من غير أن تترافق هذه التجمعات التاريخية مع أعمال شغب ونهب كما حصل في الأيام التي تلت المأساة في عدد من المدن الأميركية، ما أدى إلى فرض حظر تجول.

في سياتل، أعلنت الشرطة إصابة متظاهر برصاص مسلّح اقترب من التظاهرة بسيارته وأطلق النار قبل أن يتم اعتقاله. وانضم عشرات الآلاف من الأوروبيين من بريستول إلى بودابست مرورا بمدريد وروما الأحد إلى التظاهرات التي بدأت إثر مقتل جورج فلويد البالغ 46 عاما في 25 مايو اختناقا فيما شرطي أبيض يضغط بركبته على عنقه.

قدم عدد من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين الاثنين قانونا يهدف إلى إصلاح الشرطة في الولايات المتحدة، معتبرين أن ممارساتها بحق السود هي نتيجة عنصرية تطبع تاريخ الولايات المتحدة منذ فترة العبودية

وأظهر مقطع فيديو صوّره أحد المارة الشرطي الأبيض ديريك شوفين راكعا على مدى حوالي تسع دقائق على عنق فلويد المثبت أرضا على بطنه مكبّل اليدين، وهو يردّد “لا يمكنني التنفس”.

ووجهت إلى ديريك شوفين في مرحلة أولى تهمة القتل غير العمد، لكن تم تشديد التهمة بحقه في الرابع من يونيو فوجهت إليه تهمة القتل، وهو يواجه الآن عقوبة بالسجن تصل إلى أربعين عاما.

أما الشرطيون الثلاثة الذين كانوا يرافقونه عند توقيف فلويد، فوجهت إليهم تهمة التواطؤ ووضعوا قيد التوقيف، بعدما لم توجه إليهم أي تهمة في مرحلة أولى. وكانت هذه الملاحقات من أولويات مطالب المتظاهرين، لكن الاستجابة لهذا الطلب لم تضع حدا للتعبئة، بل اتسعت الحركة لتعم العالم.

ومقتل فلويد ليس سوى آخر حادث في سلسلة طويلة من الأحداث المماثلة خلال السنوات الماضية، قتل فيها رجال من السود معظمهم عزل بأيدي شرطيين من البيض. ونشأت حركة “بلاك لايفز ماتر” (حياة السود تهم) إثر مقتل مايكل براون في فيرغوسون وإريك غانر في نيويورك في صيف 2014، وبات للحركة أنصار في العالم بأسره.

5