إصلاحات الأردن تحاصر التهرّب الضريبي

أظهرت إحصائيات رسمية أن السياسات الإصلاحية للحكومة الأردنية بدأت بترويض ظاهرة التهرب الضريبي، في مؤشر يدعم الإجراءات العاجلة، التي تم اتخاذها مؤخرا لمعالجة الاختلالات المالية المزمنة وتعزيز النمو الاقتصادي المتعثر.
عمان - أكدت بيانات الضرائب الرسمية، التي حققها الأردن العام الماضي جدوى برنامج الإصلاحات الحكومية، التي بدأت تضع البلاد على مسار واعد، رغم أنها تسير بوتيرة بطيئة.
وأظهرت أرقام دائرة ضريبة الدخل والمبيعات أن الحصاد الضريبي ارتفع بنهاية العام الماضي بنحو 170 مليون دينار (280 مليون دولار) بمقارنة سنوية، في نتيجة مباشرة لحملات مكافحة التهرب الضريبي.
وقال مدير عام الدائرة حسام أبوعلي إن “تحصيلات الدائرة خلال عام 2019 ارتفعت لتصل إلى 4.23 مليار دينار (6.11 مليار دولار مقارنة بنحو 4.15 مليار دينار (5.87 مليار دولار) تم تحصيلها خلال عام 2018”.
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) لأبوعلي تأكيده أن نتيجة قيام الدائرة باعتماد خطة لمكافحة التهرب الضريبي وفقا لمعايير إدارة المخاطر ومنهجية جديدة تحدد القطاعات والأنشطة التي يتوجب تدقيقها ومتابعة حقوق الخزينة من الضرائب المستحقة عليها استطاعت الدائرة أن تحقق فروقات ضريبية مهمة.
وأوضح أن المطالبات الضريبية استهدفت بالأساس غير المسجلين بقيمة تقدر بنحو 239 مليون دولار، والمكلفين المسجلين بدفاتر الضرائب بقيمة 41 مليون دولار.
وأشار مدير الدائرة إلى أن القطاعات، التي تم التدقيق فيها شملت كلاّ من الصناعة والتجارة والتعليم والرعاية الصحية والخدمات وقطاع السلع الخاضعة للضريبة الخاصة.
وقد تواجه الحكومة مأزقا ماليا هذا العام بعد أن قررت تخفيف سقف الضرائب المفروضة على الأفراد والشركات في بعض القطاعات، حيث لم تفرض رسوما جديدة في موازنة 2020، رغم حاجتها لتعبئة موارد مالية إضافية لتغطية العجز وتوفير السيولة لتسيير شؤون الدولة.
ولكن السلطات تحاول من خلال إعطاء مصالح الجمارك صلاحيات أكبر في ملاحقة المهربين، تطويق ظاهرة الاقتصاد الموازي بشكل محكم.
وبلغت تحصيلات الدائرة من ضريبة المبيعات خلال العام الماضي 4.66 مليار دولار بينما ناهزت تحصيلات ضريبة الدخل نحو 1.4 مليار دولار.
وكان لرقمنة التعاملات المالية دور في تحصيل الضرائب، حيث تشير البيانات إلى أن مبالغ الدفعات، التي تم تسديدها إلكترونيا خلال عام 2019 بلغت حوالي 3.7 مليار دولار.
وفي محاولة لضمان استدامة تحصيل الضرائب، قامت الدائرة بإعداد مسودة شروط دعوة العطاء لنظام الفوترة بالتعاون مع مشروع الإصلاح المالي وتحويلها إلى وزارة الاقتصاد الرقمي لاستكمال الإجراءات اللازمة.
وقال أبوعلي “تم إعداد منصة للمهن تتضمن أركان الفاتورة المنصوص عليها في نظام تنظيم شؤون الفوترة والرقابة عليها ويمكن لأي مكلف الاستفادة منها في جميع عمليات البيع ويمكن الحصول عليها دون مقابل”.
وتسعى عمان أيضا إلى تفكيك كل العقبات أمام دافعي الضرائب والحد من البيروقراطية في عملية التحصيل.
واتخذت دائرة ضريبة الدخل والمبيعات سلسلة من الإجراءات بهدف تحسين وتطوير الإدارة الضريبية، والبدء في إجراء المسح الميداني لتوعية وتثقيف المكلفين الذين تزيد مبيعاتهم عن حد التسجيل بضرورة التسجيل تجنبا لإيقاع الغرامات وتسجيلهم إجباريا.
ووفق التقديرات الرسمية، بلغ عدد المكلفين الذين تم تسجيلهم في شبكة الضريبة العامة على المبيعات حوالي 1500 جهة.
كما تم فصل هيئات الاعتراض عن التدقيق الضريبي بحيث أصبحت مرحلة الاعتراض مستقلة تتبع مديرية مستقلة غير المديرية التي يتم تدقيق الإقرار الضريبي فيها.
وأشار أبوعلي إلى أنه تم إصدار تعميم بعدم صرف أي مبالغ من قبل الوزارات والدوائر والمؤسسات لأي جهة إلا بعد الحصول على براءة ذمة من دائرة ضريبة الدخل والمبيعات.
ولفت إلى أنه تمت إعادة النظر في طريقة الحجز على المتخلفين عن سداد الضريبة المستحقة عليهم بشكل يحافظ على حقوق الخزينة ويخفف العبء على المكلفين.
وتكافح الحكومة عبر إدارة الجمارك من أجل ضم السوق السوداء إلى سجلات الدولة والسوق الرسمية، وهو ما يعني تحصيل ضرائب أكبر قد تساعدها على مواجهة التحديات الاقتصادية الكثيرة.
وأكد مدير عام دائرة الجمارك عبدالمجيد الرحامنة مطلع الشهر الماضي، أن الدائرة لا تنتهج سياسة تحصيل الغرامات وجمع الأموال فحسب، بل القضاء على التهريب بجميع أشكاله وتجفيف منابعه.
وقال حينها إن “التعديلات، التي تمت على قانون الجمارك ساعدت على أن تكون الإجراءات المتعلقة بالتهريب صارمة ورادعة”.
ويؤكد محللون أن عمليات التهريب لها تأثير كبير على الأمن والاقتصاد المحلي والتجار والمواطنين على حد سواء لاسيما وأن البضائع المهربة تكون مقلدة، والمواد الغذائية منها تكون فاسدة وغير صالحة للاستهلاك.
وتظهر دراسة حديثة لصندوق النقد الدولي أن معدل الاقتصاد غير الرسمي في الأردن في الفترة الفاصلة بين عامي 1991 و2015 وصل إلى 17.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، التي تعاني من أزمات هيكلية متنوعة.
ورغم أن هذه النسبة تعد قليلة قياسا بدول أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مثل العراق وتونس وليبيا، فإنها في وضع اقتصادي حرج يعيشه الأردن تشكل أمرا مقلقا.