إسرائيل تشكك في جدية لبنان للتوصل إلى تسوية حدودية

تطورات الموقف اللبناني تعزز الشكوك في أن القبول بالانخراط في المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي كان هدفه استرضاء واشنطن لتخفيف ضغوطها، وتمرير الوقت إلى حين وصول إدارة أميركية جديدة.
السبت 2020/11/21
شتاينتس لنتنياهو: لبنان غيّر موقفه 7 مرات

بيروت – خرجت الخلافات التي سعى لبنان وإسرائيل والرعاة الدوليون إلى التكتم عنها خلال جولات التفاوض الثلاث حول ترسيم الحدود، إلى العلن، في مؤشر يعكس اتجاه الأمور بين الطرفين إلى “طريق مسدود”.

واتهمت إسرائيل، الجمعة، لبنان بتغيير موقفه مرارا بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في البحر المتوسط، وهو ما نفته الرئاسة اللبنانية.

وعقد لبنان وإسرائيل ثلاث جولات من المفاوضات منذ الشهر الماضي برعاية الولايات المتحدة والأمم المتحدة. وحُدّد موعد الجولة المقبلة في بداية ديسمبر.

وقال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس في تغريدة على تويتر “لبنان غيّر موقفه بشأن حدوده البحرية مع إسرائيل سبع مرات”. وأضاف أنّ “موقفه الحالي لا يتعارض مع مواقفه السابقة فحسب، بل يتعارض أيضاً مع موقف لبنان من الحدود البحرية مع سوريا التي تأخذ في الاعتبار الجزر اللبنانية القريبة من الحدود”.

وتابع “من يريد الازدهار في منطقتنا ويسعى إلى تنمية الموارد الطبيعية بأمان عليه أن يلتزم بمبدأ الاستقرار وتسوية الخلاف على أساس ما أودعته إسرائيل ولبنان لدى الأمم المتحدة”، مؤكدا أن “أي انحراف عن ذلك سيؤدي إلى طريق مسدود وخيانة لتطلعات شعوب المنطقة”.

وسارعت الرئاسة اللبنانية إلى الردّ على الاتهامات الإسرائيلية. واعتبرت في بيان صدر عن مكتب الإعلام، الجمعة، أنّ كلام شتاينتس “عن أنّ لبنان بدّل مواقفه في موضوع الحدود البحرية الجنوبية سبع مرات لا أساس له من الصحة”.

وأكّدت أن “موقف لبنان من موضوع الترسيم البحري للحدود الجنوبية ثابت وفقاً لتوجيهات الرئيس ميشال عون للوفد اللبناني المفاوض لاسيما لجهة ممارسة لبنان حقه السيادي”.

وأتت تصريحات وزير الطاقة الإسرائيلي بعد إعلان الرئيس عون الخميس، في تغريدة على حساب الرئاسة إثر استقباله قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل) أن “ترسيم الحدود البحرية يتم على أساس الخط الذي ينطلق براً من نقطة رأس الناقورة استناداً إلى المبدأ العام المعروف بالخط الوسطي، من دون احتساب أي تأثير للجزر الساحلية الفلسطينية المحتلة”.

وهذه المرة الأولى التي يتطرق فيها لبنان بشكل رسمي إلى مطالبه في ملف ترسيم الحدود البحرية. وتتعلق المفاوضات أساساً بمساحة بحرية تمتد على حوالي 860 كيلومتراً مربعاً، بناء على خارطة أرسلت في 2011 إلى الأمم المتحدة. إلا أن لبنان اعتبر لاحقاً أنها استندت إلى تقديرات خاطئة.

ملف شائك
ملف شائك

ويطالب لبنان خلال جلسات التفاوض بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومتراً مربعاً تشمل جزءا من حقل “كاريش” الذي تعمل فيه شركة إنرجيان اليونانية، على ما قالت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتيان في قوت سابق. واعتبرت أن البلدين دخلا اليوم “مرحلة حرب الخرائط”.

ويرى مراقبون أن تطورات الموقف اللبناني تعزز الشكوك في أن القبول بالانخراط في المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي كان هدفه استرضاء واشنطن لتخفيف ضغوطها، وتمرير الوقت إلى حين وصول إدارة أميركية جديدة.

وتشن إدارة الرئيس دونالد ترامب حملة متصاعدة على حزب الله وحلفائه القابضين على مفاصل السلطة في لبنان، وكانت فرضت قبل أيام عقوبات على صهر الرئيس عون جبران باسيل.

ويقول المراقبون إن الحزب وحلفاءه كانوا يحاولون عبر الموافقة على إجراء محادثات مع الجانب الإسرائيلي لتسوية الخلاف البحري، ربح الوقت ليس إلا، وهو ما بدا في سقف المطالب المطروحة العالي.

ويشير المراقبون إلى أنه من غير المستبعد أن يكون الحزب وحليفه باسيل يحاولان استثمار ورقة الحدود للتفاوض حول حزمة أوسع تهم وضعهما السياسي داخل لبنان.

ووقّع لبنان في 2018 أول عقد للتنقيب عن الغاز والنفط في رقعتين من مياهه الإقليمية تقع إحداها، وتعرف بالبلوك رقم 9، في الجزء المتنازع عليه مع إسرائيل. وبالتالي، ما من خيار أمام لبنان للعمل في هذه الرقعة إلا بعد ترسيم الحدود.

واتفق لبنان وإسرائيل على مفاوضات مباشرة بعد سنوات من الدبلوماسية المكوكية الأميركية الهادئة. فقد عقدت أولى جولتين من المحادثات على الحدود مع لبنان في أكتوبر، وجولة ثالثة في وقت سابق هذا الشهر.

2