إسرائيل تخفف أجواء التوتر مع القاهرة بسبب الجهاد وغزة

توجس إسرائيلي من انعكاس التباين بين البلدين على التنسيق الأمني المشترك وما يترتب عليه من تأثير على السلام الدافئ بينهما.
الثلاثاء 2022/08/23
بحاجة إلى التهدئة

القاهرة- كشفت تحركات إسرائيلية نحو القاهرة عن مساع لتخفيف التوتر الحاصل معها على خلفية تداعيات العملية العسكرية في غزة ومدى التزام إسرائيل بما جاء عبر وساطة مصرية أوقفت التصعيد مع حركة الجهاد الإسلامي من تعهدات تقضي بوقف استهداف قادة المقاومة في الضفة الغربية، والتمهيد للوصول إلى هدنة صامدة.

واعترف وزير الدفاع بيني غانتس، في حوار لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية، الاثنين بوجود أزمة مع مصر، قائلاً “هناك أيام توتر ناتجة عن انتهاء عملية الفجر الصادق، ونأمل أن تمر الأزمة في الأيام المقبلة”.

وشدد على أن “مصر لاعب إقليمي رئيسي ومن أهم أصدقاء إسرائيل. وفي بعض الأحيان تكون هناك تقلبات بين البلدين. والطرفان سيجدان الطريقة لإعادة الاستقرار”.

جاءت هذه التصريحات عقب زيارة قام بها رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار إلى القاهرة الأحد لبحث الأزمة مع رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل ومنع تفاقمها.

إسرائيل تتحفظ على ما يسميه الرأي العام هناك بالإملاءات المصرية لوقف إطلاق النار أو الوصول إلى تهدئة

وتتوجس إسرائيل من انعكاس التباين بين البلدين على التنسيق الأمني المشترك وما يترتب عليه من تأثير على السلام الدافئ بينهما، لأن القاهرة تلعب دورا مهما للحفاظ على التهدئة في قطاع غزة، وثمة وتيرة مرتفعة من التنسيق على مستوى الالتزام بما جاء في اتفاق التهدئة عقب حرب غزة في مايو من العام الماضي.

وشهدت الضفة الغربية بعد اتفاق التهدئة في بداية أغسطس الجاري تصعيداً جديدا، حيث نفّذت إسرائيل سلسلة عمليات لاعتقال فلسطينيين تركزت في مدن جنين ونابلس وطوباس، وقتل خلالها عدد من الفلسطينيين.

وقال الخبير المصري في الشؤون الفلسطينية طارق فهمي لـ”العرب” إن العلاقة بين البلدين لم تصل بعد إلى مستوى التوتر، كما يشيع الإعلام الإسرائيلي، لكن الواقع يشير إلى وجود اختلاف في الرؤى بين البلدين تجاه الملاحقات الأمنية في الضفة الغربية واستهداف عناصر المقاومة، فهناك حرص إسرائيلي على عدم الوصول إلى مرحلة التوتر، وهي المهمة التي كانت على رأس أهداف زيارة رئيس الشاباك إلى القاهرة.

وأضاف أن مصر حريصة على علاقاتها مع إسرائيل وتتعامل بالمزيد من التمعن والتدقيق مع الحكومة الحالية، وتدرك أنها تحسب تحركاتها قبل الوصول إلى الانتخابات.

وأشار إلى أن زيارة رئيس الشاباك حوت مناقشة لمسألة الانتقال من وقف إطلاق النار مع حركة الجهاد إلى تهدئة طويلة وتبريد الأجواء في المنطقة ونقل رسائل مهمة من القيادة المصرية إلى تل أبيب حول سبل ضمان عدم التصعيد في قطاع غزة.

وكان من المقرر أن يقوم رئيس جهاز المخابرات المصرية بزيارة إلى الضفة الغربية وتل أبيب للتوصل إلى صيغة للتهدئة الأسبوع الماضي، لكن جرى تأجيلها بعد الخلافات، وبدا الأمر كرسالة مصرية رافضة للسلوك الإسرائيلي.

Thumbnail

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة الجهاد حيز التنفيذ في السابع من أغسطس الجاري بعد ثلاثة أيام من تصعيد عسكري شن فيه الجيش الإسرائيلي غارات مكثفة على قطاع غزة أسفرت عن مقتل 49 شخصاً وإصابة 360 آخرين.

وبدأ الغضب المصري عندما امتنعت إسرائيل عن منْح القاهرة فرصة للتهدئة قبل بدء العملية العسكرية الأخيرة عقب تهديدات الجهاد بالانتقام رداً على اعتقال القيادي بسام السعدي وقررت القيام بعملية استباقية.

وكانت إسرائيل في المواقف المشابهة تترك المزيد من الوقت أمام جهود الوساطة المصرية قبل إطلاق صواريخها بشكل كبير على غزة.

وتدرك القاهرة أن الاستمرار في عمليات اغتيال قادة المقاومة يمكن أن يعيد التصعيد وينهي وقف إطلاق النار، خاصة إذا أوعزت قوى إقليمية، على رأسها إيران، بتحريض الجهاد على الرد الفوري.

وفي تلك الحال تشتعل الأوضاع في قطاع غزة القريب من الحدود المصرية، وسوف يجلب الأمر تأثيرات مباشرة على الأمن المصري، ما يخالف الأهداف العامة الكامنة من وراء التنسيق بين البلدين، ويبدد جهود القاهرة الساعية لعدم تحويل القطاع إلى بؤرة تستخدم كمدخل لتفخيخ الأوضاع في شبه جزيرة سيناء المصرية.

وستحدد نتائج زيارة رئيس الشاباك بشكل كبير مستوى تطور العلاقة بين البلدين وتعبّر في الوقت ذاته عن احتمال عودة التصعيد في غزة الفترة المقبلة أم لا؟

وأوضحت الباحثة المصرية في الشؤون الإسرائيلية سارة شريف أن إسرائيل اختارت بعناية رئيس الشاباك لترطيب الأجواء مع القاهرة، لأنه على رأس المفاوضين مع الجانب المصري في مسألة وقف إطلاق النار وصمود التهدئة، ولديه قدر من التفاهم مع المسؤولين الأمنيين في مصر، وتستهدف تل أبيب توضيح وجهة نظرها الأمنية حيال تحركاتها التي سبقت الحرب الأخيرة وأثناءها وبعد اتفاق وقف إطلاق النار.

وأكدت في تصريح لـ”العرب” أن إسرائيل تتحفظ على ما يسميه الرأي العام هناك بالإملاءات المصرية لوقف إطلاق النار أو الوصول إلى تهدئة، وتسعى لتوضيح مبدأ حرية العمل، ما يبرهن على أن الأزمة بين البلدين ترجع إلى قلة خبرة الحكومة الإسرائيلية الحالية في التعامل مع مصر، عكس خلافات سابقة مرت من دون أن تصل إلى التصعيد.

Thumbnail

وذكرت أن إقدام تل أبيب على تخفيف التوتر مع القاهرة من عدمه يتوقف على تنفيذ المطالب المصرية المرتبطة بالالتزام بالإفراج عن أسيرين لحركة الجهاد والوصول إلى تهدئة طويلة ووقف التصعيد الراهن في الضفة الغربية، وهو أمر من المستبعد حدوثه الأيام المقبلة ولم يظهر ما يشي بسير قيادات إسرائيل في هذا الاتجاه.

ونفى وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في تصريحات إعلامية تقديم بلاده تعهدات للإفراج عن الأسيرين الفلسطينيين خليل عواودة وبسام السعدي في إطار اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة الجهاد الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية.

وأشارت مصادر فلسطينية لـ”العرب” إلى أن إسرائيل قد تقدم بادرة حسن نية بالإفراج عن خليل عواودة الذي يعاني من أوضاع صحية صعبة، وتتجه نحو إقرار تهدئة مماثلة مع حركة الجهاد، كما هو الحال مع حماس، ولديها رغبة في توفير هدوء في غزة بعد أن حققت أهدافها من العملية الأخيرة، خاصة أنها اختبرت تحييد حماس ونجحت، بالتالي سوف تصبح في وضعية أفضل استعداداً للانتخابات العامة في نوفمبر المقبل.

ونص اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى بوساطة وضمانات مصرية على وقف شامل ومتبادل لإطلاق النار، على أن تلتزم مصر بجهود الإفراج عن أسيري حركة الجهاد.

1