إسبانيا تتجاهل بوليساريو في تجديد بروتوكول الصيد البحري مع الرباط

مدريد - أكدت الحكومة الإسبانية على تجديد بروتوكول الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية في أقرب وقت ممكن بعد انتهائه رسميا في 17 يوليو الجاري، بالنظر إلى العلاقات السياسية والاقتصادية الإستراتيجية، في خطوة كشفت تجاهلا إسبانيّا لمصالح جبهة بوليساريو الانفصالية.
ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه جبهة بوليساريو معارضتها لأي محاولة مباشرة أو غير مباشرة لتوقيع اتفاقيات تمس ما سمّتها “الأراضي أو المياه الإقليمية أو الأجواء الصحراوية دون موافقة الشعب الصحراوي”.
وشدد وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا الاثنين، على أنه “يثق في تجديد بروتوكول الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية في أقرب وقت ممكن”.
وأوضح أن “بروتوكول الاتفاق سيتم تجديده قريبا بشكل هادئ بين الطرفين”، لافتا إلى أن “المفاوضات ما زالت قائمة، حيث تعمل المفوضية الأوروبية وإسبانيا بجدية على الاتفاق”.
ودون أن تعي المتغيرات الجيوسياسية المرتبطة بملف الصحراء المغربية وسيادة المغرب على ثرواته الطبيعية، أعادت الجبهة الانفصالية التأكيد على استعدادها “لدراسة أي آلية للتوصل إلى اتفاقيات تحترم حقوق الشعب الصحراوي وتضمن مصالح الطرفين”.
وهو الاقتراح الذي رفضته الحكومة الإسبانية الطرف الرئيسي المعني بانتهاء بروتوكول الصيد في 17 يوليو، حيث قال وزير الزراعة والصيد البحري والغذاء لويس بلاناس “أنا لا أعطي أهمية لهذا العرض. أي اتفاق صيد هو بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي”.
ومع قرب حسم المحكمة الأوروبية في القضية الاستئنافية المطروحة بخصوص الاتفاق، أكد محمد سالم عبدالفتاح رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان أن “قول بوليساريو بالتفاوض مع الاتحاد الأوروبي حول الصيد البحري في ملف الصحراء المغربية مجرد دعاية هدفها التشويش على الشراكات الإستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب”.
وأوضح لـ”العرب” أن “الجبهة الانفصالية فاقدة للأهلية القانونية والشرعية لتمثيل سكان أقاليم الجنوب بالمملكة”.
وفي الوقت الذي تعرض فيه الاتحاد الأوروبي لمحاولة ابتزاز من طرف النظام الجزائري خدمة لبوليساريو بتوظيفه حاجة أوروبا إلى الغاز الجزائري، شدد عبدالفتاح على أن “ما يعزز الموقف المغربي إزاء أوروبا هو واقع الاستقرار الذي يحققه في الأقاليم الجنوبية، بالإضافة إلى النموذج التنموي الخاص بهذه الأقاليم الذي يشمل مشاريع تنموية ضخمة من حجم الطريق السريع تزنيت – الداخلة وميناء الداخلة الأطلسي”.
من جهته أكد نوفل بوعمري المحلل السياسي المهتم بقضية الصحراء أن “المغرب ضد تسييس القضاء الأوروبي لاتفاق الصيد البحري، وأن المنتخبين وممثلي السكان المحليين بالأقاليم الجنوبية هم الجزء الحقيقي والأصيل من هذا الاتفاق، وسيستفيدون من عائدات هذه الاتفاقية”.
وأضاف لـ”العرب” أن “القانون الدولي يقر للمغرب التوقيع على كل الاتفاقيات السياسية والاقتصادية ما دام هو البلد الذي يدير الإقليم وأن يستغل ثروات المنطقة”.
ووضع المغرب أمام المفوضية الأوروبية شروط تجديد اتفاق الصيد البحري الذي يشمل سواحل الصحراء المغربية، بهدف الحفاظ على الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والرباط، ردا على الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الأوروبية في ذات القضية معتبرة فيه أن اتفاق الصيد المبرم بين الاتحاد والمغرب لا يطبق على مياه منطقة الصحراء.
وبموجب بروتوكول الصيد المغربي 2019 - 2023 تستفيد إسبانيا من 93 رخصة من أصل 138 ممنوحة لسفن الصيد الأوروبية.
وأكدت المفوضية الأوروبية الخميس الماضي في بروكسل أن التعاون مع المغرب في مجال الثروة السمكية هو جزء من “شراكة عالمية متبادلة المنفعة، تجعل المغرب والاتحاد الأوروبي شريكين إستراتيجيين من أجل الاستقرار والتنمية والازدهار في المنطقة”.
واعتبر وزير الداخلية الإسباني أن “المفاوضات متقدمة في هذا الصدد، ويأمل الاتحاد الأوروبي أن يصبح التجديد واقعا قريبا”، مبرزا أن “هذه الظرفية مؤقتة، وسيتم العمل على تجاوز الوضع الحالي في غضون الفترة المقبلة”.
وتابع مارلاسكا “التوقف الحالي لاتفاقية الصيد البحري مؤقت، وسيتم تجديدها مع المغرب بعيدا عن الجدل”، مؤكدا أن “الصيادين الإسبان سيستفيدون من المساعدات الضرورية طيلة فترة التوقف عن الصيد في المناطق المغربية”.
ولم تتخذ اللجنة المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي أي قرار لتجديد بروتوكول اتفاق الصيد البحري خلال اجتماعها الدوري الأسبوع الماضي، الأمر الذي دفع السفن الأوروبية إلى مغادرة المياه المغربية.
ودخلت اتفاقية الصيد بين الاتحاد الأوروبي والمغرب حيز التنفيذ في 18 يوليو 2019، حيث تسمح للسفن الأوروبية بدخول المياه المغربية على المحيط الأطلسي لصيد جزء من الفائض المتاح مقابل تعويض مالي يناهز 208 ملايين أورو (2.3 مليار درهم) لمدة أربع سنوات، كما تلزم الاتحاد بالمساهمة في تمويل حوكمة الصيد البحري وتنميته محلياً.
وفي بيان مشترك صدر عقب اختتام أشغال الدورة الخامسة للجنة المشتركة المكلفة بتتبع الاتفاقية التي انعقدت الخميس ببروكسل “اتفق المغرب والاتحاد الأوروبي على مواصلة تعاونهما على النحو المنصوص عليه في اتفاقية الشراكة في مجال الصيد البحري المستدام، والتي لا تزال سارية المفعول، وذلك بهدف تعميق الشراكة الثنائية في الجوانب الأساسية مثل الحملات العلمية، والتعاون التقني، ومكافحة الصيد غير القانوني، والإدماج الاقتصادي للفاعلين، وتدابير السلامة في البحر، وتحسين ظروف العمل وحماية البحارة”.
وأكد ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن “المغرب سيقرر بشأن مستقبل التعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجال الصيد البحري خلال الفترة المقبلة”.
وأوضح خلال ندوة صحفية عقب الاجتماع الوزاري الثالث للدول الأفريقية الأطلسية في العاصمة الرباط، أن ذلك “سيتم على ضوء التقييم الذي ستقوم به الحكومة وبتشاور مع الشركاء الأوروبيين”.
ورغم صعوبة التفاوض مع المغرب على تمديد اتفاق الصيد البحري، أكد فيرجينيوس سينكيفيوس المفوض الأوروبي للمحيطات والبيئة ومصايد الأسماك “أننا نحافظ على حوار دائم، أولويتنا هي الحصول على تمديد، لذلك نريد استكماله في أسرع وقت ممكن. لكننا نحتاج أولا إلى توضيح من محكمة العدل”.