إدانة بوكتف في قضية فساد مالي تحرج الإخوان في ليبيا

الحكم الصادر في حق رئيس بعثة ليبيا لدى أوغندا نبه الشارع الليبي إلى حقيقة تورط قيادات إخوانية في ملفات الفساد مستفيدين من الأزمات الداخلية للبلاد.
الأربعاء 2023/12/20
شخصية مثيرة للجدل

طرابلس- قال مكتب النائب العام الليبي إن محكمة الجنايات بطرابلس، أصدرت حكما يقضي بإدانة رئيس بعثة دولة ليبيا لدى جمهورية أوغندا، ومسؤول ضبط الشؤون المالية في البعثة، خلال الفترة الممتدة من عام 2013 حتى العام 2017.

وكشف رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أحمد حمزة أن سفير ليبيا لدى أوغندا السابق المحبوس على ذمة قضية فساد بقرار من النيابة العامة بمكتب النائب العام هو القيادي في تنظيم الإخوان فوزي بوكتف.

وأمرت المحكمة، وفق بلاغ لمكتب النائب العام، بحبس رئيس البعثة مدة 13 شهرا، ومدة عام واحد في حق المراقب المالي، وببراءتهما من تهمتين أخريين.

◙ بوكتف كان من مؤسسي ميليشيات "فجر ليبيا" المتهمة بمقتل مدنيين وحرق وتدمير منشآت عامة خلال حرب شنتها للسيطرة على العاصمة طرابلس عام 2014

ووفق مصادر مطلعة، فإن مدة الحكم بالسجن الصادر عن المحكمة الجنائية بطرابلس هي ذاتها المدة التي قضاها بوكتف في سجن الاحتياط، وهو ما يعني أنه سيتم الإفراج عنه خلال الساعات أو الأيام القادمة.

ويعتبر الحكم بثبوت إدانة بوكتف ضربة لتيار الإسلام السياسي الذي ينتمي إليه، وللنخب التي تمكنت من وضع يدها على مقاليد السلطة بعد الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في العام 2011.

وأثار منطوق القرار القضائي جدلا واسعا في الأوساط الليبية وعلى مواقع التواصل الاجتماع بخصوص مدة السجن التي حكم بها على الدبلوماسي السابق، وما إذا كانت تتناسب مع تهم الفساد المنسوبة اليه .

ويرى مراقبون أن الحكم الصادر في حق بوكتف نبه الشارع الليبي إلى حقيقة تورط قيادات في تنظيم الإخوان في ملفات الفساد، ونجاحهم في الاستفادة من الأزمات الداخلية والحروب الأهلية وحالات الانقسام السياسي والاجتماعي في تحقيق مكاسب مادية مهمة والدخول في استثمارات كبرى داخل البلاد وخارجها.

وتم الكشف عن خيوط القضية في أكتوبر 2022 عندما أعلنت النيابة العامة حبس رئيس بعثة ليبيا السابق لدى أوغندا باتهامات تتعلق بالفساد المالي.

أحمد حمزة: فوزي بوكتف محبوس على ذمة قضية فساد بقرار من النيابة العامة
أحمد حمزة: فوزي بوكتف محبوس على ذمة قضية فساد بقرار من النيابة العامة 

وقال مكتب النائب العام آنذاك إن النيابة استندت في التحقيقات إلى تقارير فحص ومراجعة العمل الإداري والمالي، بشأن تصرفات الموظف الخاضع للإجراءات.

وتبيَّن للنيابة العامة “تعمد المتهم التصرف في 250 ألف دولار بالمخالفة لمقتضيات التشريعات الناظمة لأوجه صرف المال العام”، بالإضافة إلى “تعمّد إلحاق الضرر بالمال العام، والإسهام في ارتكاب واقعة تحقيق منافع مادية غير مشروعة لغيره تمثَّلت في 760 ألف دولار”.

واتهمت النيابة العامة الدبلوماسي السابق بـ”مخالفة الواجبات المسلكيّة بتجاوزه حدود اختصاصاته ومَنْعِه المراقب المالي من أداء العمل المكلَّف به”.

كما أمرت النيابة العامة بحبس المراقب المالي في بعثة ليبيا لدى أوغندا على ذمة التحقيقات في فساد مالي قدره 700 ألف دولار.

وقال مكتب النائب العام في بيان إن النيابة واجهت المتهم بواقع “انحرافه عن المسار الوظيفي، وإخلاله بمقتضيات مراجعة العمليات المالية وبحث مدى انسجامها مع التشريعات”، وذلك على خلفية التحقيق في الجنايات المنسوبة إلى بعض موظفي البعثة الليبية لدى أوغندا.

وأوضح البيان أن المتهم “لم يأتِ بما ينفي إسهامه في حصول غيره على منافع مادية تجاوزت 700 ألف دولار، ومخالفة التشريعات باعتماده إجراء صرف مرتب شهري لأحد العاملين بقيمة سبعة آلاف دولار شهريا استنادا على عقد استخدام محلي؛ وتعمُّده تكرار صرف أتعاب مكتب محاماة جرى التعاقد معه عن الأعمال ذاتها”.

ويعتبر بوكتف من أبرز قيادات الإسلام السياسي في ليبيا، وقد اعتقل إبان حكم القذافي أول مرة عام 1984 بتهمة انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين وأفرج عنه عام 1992 ليعتقل مرة أخرى عامي 1996 و1998 ويحكم عليه بالسجن المؤبد بذات التهمة قبل أن يصدر عفو بحقه ويُفرج عنه نهائيا عام 2006.

◙ منطوق القرار القضائي أثار جدلا واسعا في الأوساط الليبية بخصوص مدة السجن التي حكم بها على الدبلوماسي السابق

وكان بوكتف من القيادات الإخوانية التي شاركت في أحداث فبراير 2011 وترأس “تجمع سرايا ثوار المنطقة الشرقية” و”كتيبة 17 فبراير” قبل أن يعينه المجلس الانتقالي نائبا لوزير الدفاع.

كما كان من مؤسسي ميليشيات “فجر ليبيا” المتهمة بمقتل مدنيين وحرق وتدمير منشآت عامة خلال حرب شنتها للسيطرة على العاصمة طرابلس عام 2014 وذلك في سياق انقلاب جماعة الإخوان والمتحالفين معها على نتائج الانتخابات التشريعية التي لم تكن لصالحهم.

وفي يونيو 2017 أدرج بوكتف على قوائم الإرهاب التي أصدرها البرلمان الليبي بتهمة التنسيق العسكري والمالي مع قطر، وعرف بقربه من شبكات الإخوان المسلمين في حكومة فايز السراج، وتمكن في تركيا من الاستفادة القصوى من شبكاته السياسية الإسلامية لبناء اتصالاته مع شركة “سادات” التي فازت بعقود تدريب عسكرية في ليبيا، بإبرام اتفاق شراكة مع شركته الخاصة “سيكيرتي سايد”.

ورغم محاولات عناصره التستر بالدين، إلا أن الأحداث أثبتت خلال السنوت الماضية أن تيار الإسلام السياسي في ليبيا كان قد تغلغل في مفاصل الدولة وفي أجهزة الحكم في إطار شبكات تمارس مختلف أشكال الفساد المالي والإداري سواء في مراكز القرار الحكومي أو في الأجهزة المصرفية وفي الأسلاك الدبلوماسية ومن خلال الاعتمادات المالية والصفقات التجارية وصولا إلى تمويل الميليشيات والجماعات المسلحة، والاستفادة من أسواق المضاربة بالعملات الأجنبية التي أصبحت تتحكم في الوضع المالي في البلاد.

4