إدارة المشاعر الصعبة للطفل تساعد على تهدئته نفسيا

إشراك الطفل في التفكير في ما حدث قد يعود عليه بالفائدة في المستقبل القريب حين يمر بتجربة مشابهة.
الثلاثاء 2021/04/13
تواصل إيجابي مع الطفل

واشنطن - يواجه الوالدان موقفا صعبا عندما يشاهدان طفلهما يتعامل مع العواطف الصعبة مثل الغضب والحزن والخوف والتوتّر دون أن يعرفا كيفية التعامل مع الموقف بحذر وحكمة بحيث يمكّناه من تنظيم عواطفه وإدارتها بمرونة وثقة تستمرّ معه بقية حياته.

وتساعد إدارة مشاعر الطفل الصعبة على تهدئة نفسه ذاتيا. ويعد خبراء علم النفس الغضب والثوران والأنين والتحدي والعراك سلوكيات تنتاب الأطفال عندما يشعرون بمشاعر قوية لا يمكنهم السيطرة عليها.

وفي حين أن بعض الأطفال قد تعلموا التصرف هكذا لأن ذلك يمنحهم ما يريدون من انتباه أو وقت إضافي على أجهزتهم الإلكترونية، فإن بعض الأطفال الآخرين يواجهون صعوبة حقيقية في الحفاظ على هدوئهم لأنهم حساسون بشكل غير عادي.

ويمكن للوالدين ومقدمي الرعاية تطوير المهارات العاطفية للأطفال من خلال مساعدتهم في التعرّف على عواطفهم والسلوكيات المتعلقة بها وإدارتها. وهذا ينطوي على القيام بالعديد من الخطوات اللازمة لمساعدتهم في تحقيق شيء لا يستطيعون القيام به بأنفسهم. فغالبا ما يتعلّم الطفل التحكّم بالنفس والتعبير عن ذاته وعن عواطفه ومشاعره من خلال المشاهدة والتجربة التي تعتمد بالأساس على الآخرين من حوله وكيفية تصرّفهم معه.

ولا ينتقل الأطفال من الهدوء إلى الغضب في لحظة واحدة، ولكن تلك المشاعر تطفو كموجة يمكنهم للأطفال تعلم التحكم فيها من خلال ملاحظة مشاعرهم وتصنيفها في وقت مبكر، قبل أن تصبح الموجة أكبر من أن يتم التعامل معها. وهنا يأتي دور الوالدين في البدء بمساعدة الأطفال على فهم كيفية عمل عواطفهم.

ستيفاني سمر:

يكبر الكثير من الأطفال وهم يفكرون في القلق والغضب والحزن على أنها مشاعر سيئة، لكن تسمية هذه المشاعر وقبولها هو أساس لحل المشكلات وكيفية إدارتها

وتقول ستيفاني سمر أخصائية علم النفس السريري في معهد تشايلد مايند “يكبر الكثير من الأطفال وهم يفكرون في القلق والغضب والحزن على أنها مشاعر سيئة، لكن تسمية هذه المشاعر وقبولها هو أساس لحل المشكلات وكيفية إدارتها”.

وتؤكد ليندسي جيلر أخصائية علم النفس السريري في معهد تشايلد مايند أن الأطفال غالبا ما يكونون أبطأ في العودة إلى حالة الهدوء، وذلك لأن الجانب العاطفي من الدماغ لا يتواصل مع الجانب العقلاني الذي ينظم العواطف ويخطط لأفضل طريقة للتعامل مع الموقف الحالي. ويطلق الخبراء على هذه العملية “خلل التنظيم” وفي هذه الحالة لا يكون من المفيد مناقشة ما يحدث مع الطفل، ولكن يجب الانتظار حتى يهدأ ويصبح عقلانيا مرة أخرى.

ويعتقد الكثير من الباحثين في علم النفس أنّ عواطف الإنسان مبنية بالأساس على ثمانية عواطف أساسية ذات قطبين: الفرح مقابل الحزن، والغضب مقابل الخوف، والثقة مقابل الاشمئزاز والمفاجأة مقابل الترقب.

وترتبط العواطف الثانوية دائما بهذه المشاعر الأساسية الثمانية وتعكس رد الفعل العاطفي لمشاعر معينة. فعلى سبيل المثال، غالبا ما ينبع الاستياء من الغضب وغالبا ما يرتبط القلق بالخوف.

ويؤكد الباحثون أن تجاهل السلوكيات مثل الأنين أو الجدال أو اللغة غير اللائقة أو الانفعالات هو وسيلة لتقليل فرص تكرار هذه السلوكيات. ويطلق عليه التجاهل “النشط” لأنه يسحب الانتباه بشكل واضح.

وتقول الدكتورة جيلر “أنت تدير وجهك وأحيانا جسدك بعيدا أو تغادر الغرفة عندما يتورط طفلك في سلوكيات سيئة بسيطة من أجل جذب انتباهك، لكن مفتاح فعاليتها يكمن حينما يضطر طفلك لأن يقوم بشيء جيد لجذب انتباهك مرة أخرى”.

وهناك طريقة رئيسية أخرى للمساعدة في منع الأطفال من ردود الفعل المنفعلة، وهي توضيح ما تنوي القيام به، فمن الجيد إعطاء تحذير مسبق لطفلك، مثل إيقاف نشاط يشاركون فيه ويستمتعون به. ومن شأن ذلك أن يساعدهم على الشعور بالاستعداد. وقد يظل من الصعب عليهم الامتثال، ولكن معرفة أن ذلك قادم تساعدهم على الشعور بالمزيد من التحكم والبقاء أكثر هدوءا.

وعندما يُطلب من الأطفال القيام بأشياء لا يفضلون القيام بها، فمن الأفضل منحهم خيارات، فقد يقلل ذلك من نوبات الغضب ويزيد من قبول الأمر الواقع.

ويفضل خبراء علم النفس فتح النقاش حول سبب الانفعال المبالغ فيه السابق الذي مر به الابن، رغم أن بعض الآباء يتجنبون ذلك بعد انتهاء الموقف. إلا أن إشراك الطفل في التفكير في ما حدث ووضع إستراتيجيات حول ما كان يمكن القيام به قد يفيدان في المستقبل القريب حينما يمر الطفل بالمشاعر نفسها مرة أخرى.

والتواصل الإيجابي مع طفلك بشكل ثابت لمدة 5 دقائق في وقت معين كل يوم يمكن أن يساعده في إدارة التوتر خلال الأوقات الأخرى من اليوم. ويتميز وقت التواصل الإيجابي مع طفلك بأنه بلا أوامر، ويتضمن أيضا تجاهل أي سلوك خاطئ بسيط، فقط الاهتمام بطفلك والسماح له بتولي زمام الأمور.

وعندما يشعر الأطفال بالقلق أو التوتر، يمكن أن تساعدهم هذه الأساليب على الاسترخاء واستعادة إحساسهم بالسيطرة.

21