إخبارية مصرية ناطقة بالإنجليزية بحثا عن حضور مفقود عربيّا

المنصات الإخبارية شبه المستقلة الناطقة بالعربية تبقى محل اهتمام دوائر غربية أكثر من محطات وفضائيات يغلب عليها الطابع الرسمي في توجهاتها الإعلامية.
الخميس 2024/10/03
إعلام موجه للغرب

القاهرة – أطلقت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية في مصر فضائية إخبارية جديدة ناطقة بالإنجليزية بالتزامن مع تصاعد حدة الأوضاع الإقليمية الذي يحتم على الإعلام لعب دور فاعل لملاحقة التطورات الجارية.

جاءت الخطوة استجابة لمطالب العديد من خبراء الإعلام في مصر، بهدف تحسين صورة الدولة في الخارج وتسجيل الحضور وسط فضائيات عربية وجهت رسائلها إلى الناطقين بالإنجليزية ولم تحقق نجاحا أسوة بجماهيريتها على المستوى العربي.

وبدأ البث التجريبي لفضائية “Q NEWS” الإخبارية الناطقة باللغة الإنجليزية مساء الثلاثاء، وهي امتداد لقناة “القاهرة الإخبارية” التي بدأ بثها قبل عامين، ويستمر بث القناة مدة أربع ساعات يوميّا خلال فترة البث التجريبي، وتقدم محتوى متنوعا بين نشرات وتغطيات حية وبرامج تهدف إلى تحليل الأخبار وتقديم ملفات مختلفة تُعنى بشؤون العالم.

اعتماد الفضائية على الجوانب الإخبارية يُفقدها جذب الجمهور الغربي الذي سيكون بحاجة إلى تحليلات اقتصادية واجتماعية وثقافية

وقال رئيس قطاع القنوات الإخبارية في الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية أحمد الطاهري إن القناة الجديدة وسيلة لمخاطبة العالم باللغة الإنجليزية، وهي صوت مصر في التواصل مع الغرب بطرح قضايا متباينة.

واعتبرت مستشارة رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا لشؤون الإعلام عزة هيكل أن تدشين فضائية بالإنجليزية خطوة مهمة، ونجاحها يتطلب أن تبدي القناة اهتماما أكبر بالأخبار العالمية وليس الانغماس فقط في قضايا الشرق الأوسط والأخبار المحلية التي لا يجب أن تكون حاضرة بشكل كبير.

وأوضحت في تصريح لـ”العرب” أن اعتماد الفضائية المصرية على الجوانب الإخبارية فقط يُفقدها جذب الجمهور الغربي الذي سيكون بحاجة إلى تقديم تحليلات اقتصادية واجتماعية وثقافية وعدم الاقتصار على أخبار الحروب التي تحضر بشكل كبير في وسائل الإعلام الدولية، مع أهمية الاستعانة بخبراء في الإعلام الغربي لديهم قدرة على تصويب بوصلة المحتوى الذي يصل إلى قطاعات واسعة في الدول الغربية.

وأشارت إلى أن القناة الوليدة قد لا تكون بحاجة إلى إمكانيات مادية هائلة، وحال تحققت الرؤية الناجحة لتشغيلها قد تحقق مردودا إيجابيا، مع أهمية التسويق الجيد لها في دوائر الإعلام ومؤسسات الرأي العام الدولية، وأن تكون أكثر التزاما بالمعايير المهنية والحفاظ على أكبر قدر من الشفافية مع اختيار الأسلوب الأمثل للوصول إلى عقول المشاهدين في الدول التي تخاطبها.

وأولت الفضائية الجديدة منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي اهتمامًا، وبدا أنها تستهدف حضورا مماثلاً على هذه المنصات التي تحظى بمعدلات متابعة مرتفعة حول العالم، ودشنت حسابات لها على فيسبوك وإكس وإنستغرام وتيك توك، ما يؤشر على أنها تهدف إلى تقديم محتوى يترك انطباعا إيجابيا لدى الرأي العام العالمي مع جولات سابقة خاضتها مصر لتحسين صورتها عقب الإطاحة بتنظيم الإخوان.

ورغم ترحيب العديد من الإعلاميين المصريين بالخطوة تظل الفضائية الوليدة أمام تحديات مختلفة لأن فضائية “الجزيرة” التي أطلقت نسخة إخبارية ناطقة باللغة الإنجليزية وبإمكانيات مادية وبشرية هائلة لم تحقق المرجو منها وسقطت في تناقض خطابين؛ خطاب توجهه إلى الغرب وآخر مغاير توجهه إلى الشعوب العربية، ما ضرب مصداقيتها في مقتل، ولم تنجح في استقطاب دوائر غربية واسعة ترى أن وسائل الإعلام العربية في مجملها تتبنى توجيهًا ممنهجا للأحداث والواقع ورؤى الحكومات التي تمتلكها.

تدشين القناة أمر مهم في كل الحالات، لأن المستهدف هو توصيل وجهة النظر المصرية إلى صناع القرار في الدول الغربية

وتبقى المنصات الإخبارية شبه المستقلة الناطقة بالعربية محل اهتمام دوائر غربية أكثر من محطات وفضائيات يغلب عليها الطابع الرسمي في توجهاتها الإعلامية، ما يتطلب أن تظل القناة الجديدة على قدر كبير من المهنية وتتخلى عن الحسابات المرتبطة بالجوانب الرسمية، وألا تقع في فخ التناقض مع المحتوى العربي، ويتطلب وصولها إلى العواصم العالمية شبكة واسعة من المراسلين وميزانيات مالية كبيرة.

وتأتي خطوة الشركة المتحدة في مصر بعد مرور أيام على إطلاق قناة “العربية” السعودية منصة “العربية نيوز” الناطقة بالإنجليزية، وبدأت أيضا بثا تجريبيا يستمر ساعتين في اليوم، في ظل رغبة الجهات القائمة على ملف الإعلام بمصر في بقاء فضائية “القاهرة الإخبارية” حاضرة في منافسة فضائيات عربية أخرى على جذب الجمهور.

وطالبت توصيات أصدرتها جهات حكومية مصرية بمشاركة خبراء الإعلام في عام 2016 بضرورة تدشين فضائية ناطقة بالإنجليزية، إلى جانب قناة “نايل تي في” التابعة للتلفزيون المصري، والتي لا تحقق التأثير المرجو منها، وتعد منصة لمخاطبة المصريين في الخارج، وتواجه الحكومة انتقادات بسبب عدم فاعلية التغيير الملموس لصورة الدولة في الخارج، رغم إنفاق ملايين الدولارات على شركات العلاقات العامة.

وأوضح الخبير الإعلامي عمرو قورة أن الاعتماد على شركات العلاقات العامة لا يتعارض مع تدشين إخبارية ناطقة بالإنجليزية، غير أن تحقيق المرجو منها على مستوى مخاطبة الرأي العام الدولي أمر صعب -بالرغم من أهمية الخطوة- لأن الإعلام المصري لديه سمعة غير جيدة في بعض الدول الغربية، وسيكون ذلك عائقا في طريق تحقيق التأثير، بجانب أن الفضائية الجديدة بحاجة إلى فريق كبير من المراسلين حول العالم وقد لا يتوفر ذلك بسهولة أيضا.

وشدد في تصريح لـ”العرب” على أن تدشين القناة أمر مهم في كل الحالات، لأن المستهدف هو توصيل وجهة النظر المصرية إلى صناع القرار في الدول الغربية، وهؤلاء لا يشاهدون وسائل الإعلام الناطقة بالعربية كما أن غالبية العالم تتحدث بالإنجليزية، ويظل الهدفُ الحضورَ والتواجد على الساحة الإعلامية الدولية، بغض النظر عن تحقيق نجاح جماهيري يأتي بعوائد مادية مباشرة من عدمه، ولذلك فهو بحاجة إلى ضخ أموال حكومية تساعد على استمرار القناة.

1