إجماع سياسي على دعم مقترحات تعديل مدونة الأسرة في المغرب

الرباط - تفاعلت هيئات سياسية ومجتمعية في المغرب مع مقترحات تعديل مدونة الأسرة التي تم الإعلان عنها، حيث عبّرت عن مواقف إيجابية من تلك القضايا المعتمدة بعد صدور موقف المجلس الأعلى العلمي بشأنها.
وأجمعت أحزاب التقدم والاشتراكية والاستقلال والاتحاد الدستوري والعدالة والتنمية والأحرار والأصالة والمعاصرة، على دعمها لمقترحات تعديل المدونة.
واعتبرت الأحزاب السياسية أن مضامين القرارات التي وردت في التوصيات جدّ متقدمة، وتكمل الإصلاح العميق والهادئ لمدونة الأسرة بعد إصلاح 2004، منوهة بعملية التشاور العام والحوار الذي قامت به الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة مع مختلف الفاعلين المعنيين بالموضوع، من أحزاب سياسية وجمعيات مدنية ومؤسسات وكفاءات ومنظمات.
وأعرب حزب الاستقلال في بلاغ للجنته التنفيذية عن اعتزازه بالمبادرة الملكية الرائدة الرامية إلى إعادة النظر في مدونة الأسرة، وأشاد “بالمسار التشاوري الواسع، وبالمقاربة التشاركية التي دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى اعتمادها في مراجعة مدونة الأسرة،” مؤكدا دعمه “لهذه الإصلاحات التشريعية التي ستشرف الحكومة على صياغتها وعرضها على البرلمان لمناقشتها والمصادقة عليها.”
من بين التعديلات التي ستتم مناقشتها اعتماد عقد الزواج لوحده في إثبات الزوجية وتحديد أهلية الزواج في 18 سنة كقاعدة
وشدد حزب الأغلبية على الالتزام بالمرجعيات التي أكَّد عليها الملك محمد السادس، عند إطلاق المسار التشريعي لهذا المشروع المجتمعي الإستراتيجي، ومواكبتها بالإجراءات والتدابير القضائية والإدارية التي ستضمن لها أسباب النجاح.
من جهته عبّر حزب الأصالة والمعاصرة المشارك في الحكومة عن تقديره للمقاربة التشاركية التي اعتمدتها المملكة في تشكيل هيئة مراجعة هذا المشروع “المجتمعي الهام”، والتي رسم خطوطها الدقيقة الملك محمد السادس من خلال إشراك الفاعل الديني والمسؤول القضائي، والفاعل الحكومي والناشط الحقوقي المستقل، وكذلك البرلمان وفق إجراءات تشاركية.
ودعا الحزب، إلى الترفّع عما أسماها بـ”الحسابات الضيقة” للاستمرار في هذا التوافق الوطني الكبير في مثل هذه القضايا الإستراتيجية والمهيكلة للمجتمع خلال ما تبقى من المحطات التشريعية لهذه الإصلاحات وترجمتها على أرض الواقع، من أجل التجاوب مع انتظارات الأسرة المغربية وإنصاف كل مكوناتها وخدمة مصلحة المواطنات والمواطنين.
وكان الملك محمد السادس قد ترأس الاثنين الماضي جلسة عمل خصصت لمراجعة قانون الأسرة، في أعقاب رفع الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة تقريرها إليه بعد انتهاء مهامها.
وقدم وزير العدل عبداللطيف وهبي عرضا موجزا أمام مجلس الحكومة الخميس، في موضوع تفعيل مقترحات مراجعة مدونة الأسرة بما ينسجم مع توجيهات العاهل المغربي.
ومن بين التعديلات التي ستتم مناقشتها داخل البرلمان بعد عرضها في الأيام المقبلة اعتماد عقد الزواج لوحده في إثبات الزوجية؛ وتحديد أهلية الزواج في 18 سنة كقاعدة واستثناءً في 17 سنة مع تشديد شروط ذلك؛ وإقرار تقييدات إضافية على تعدد الزوجات خاصة من خلال إجبارية موافقة الزوجة، واعتبار الحضانة حقًّا مشتركًا بين الزوجيْن مع تعزيز حق المحضون في السكن، وإقرار عدم سقوط حضانة الأم المطلقة على أبنائها رغم زواجها؛ وجعل النيابة القانونية مشتركةً بين الزوجيْن كقاعدة؛ وتثمين عمل الزوجة بالمنزل.
الأحزاب السياسية اعتبرت أن مضامين القرارات التي وردت في التوصيات جدّ متقدمة، وتكمل الإصلاح العميق والهادئ لمدونة الأسرة بعد إصلاح 2004
وعبّر حزب العدالة والتنمية عن ارتياحه “لكون المقترحات المقدمة لمراجعة مدونة الأسرة كرست احترام المرجعية والثوابت الدينية والدستورية والوطنية، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية كونها مدونة للأسرة كلها،” داعيا الحكومة إلى “توخي الأمانة والحكمة والدقة في بلورة هذه المقترحات وصياغتها في مشروع قانون.”
وأضاف الحزب المعارض أن هذا النص يجب أن “يأخذ بعين الاعتبار المعطيات المقلقة التي أسفر عنها الإحصاء العام للسكان والسكنى، ولاسيما تلك المتعلقة بتواصل انخفاض معدل الخصوبة وتباطؤ معدل النمو السكاني، وهو ما يستلزم تيسير سُبُل الزواج والحرص على وحدة الأسرة وضمان استقرارها ودوامها.”
وأشادت الهيئات السياسية بالأحكام الضرورية في القضايا التي تحتاج إلى مراجعة دينية وفقا للضوابط المحددة لعمل الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، وفي مقدمتها عدم تحريم حلال ولا تحليل حرام، وبدوره أشاد حزب التقدم والاشتراكية بالتعديلات الإيجابية الكثيرة التي أسفر عنها هذا المسار، والتي تتقاطع مع المقترحات الواردة في مذكرة الحزب.
وعلى المستوى الحكومي، أكد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس أن الحكومة ملزمة باحترام الآجال المعقولة في صياغة مشروع مدونة الأسرة، مشيدا بمضامين القانون التنظيمي للإضراب.
وذكر باتياس، في الندوة الصحفية الأسبوعية التي تعقب المجلس الحكومي، بأن الحكومة لها توجيهات واضحة باحترام الآجال المعقولة في صياغة مشروع المدونة الجديدة بناء على المرجعيات التي جاءت بها الرسالة الملكية المبنية على التضامن والمساواة والعدل والانسجام.
ونوّه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المعارض، باجتياز هذا النص القانوني، المهيكل للأسرة والمجتمع، من خلال دعوة الحكومة لصياغة مشروع قانون، يعرض للتصويت في البرلمان مؤطرا بالمرجعيات والمرتكزات التي حددتها الرسالة الملكية في مبادئ العدل والمساواة والتضامن والانسجام، على اعتبار أن الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، مع معالجة الصعوبات التي تعاني منها.