أيوب لهنود: ثقافة الترند أصبحت واجهة لصناعة الدراما

يركز المخرج المغربي الشاب أيوب لهنود على تقديم مسلسلات اجتماعية تراعي خصوصية المجتمع المغربي وعناصر ثقافته وهويته المتميزة، محاولا الاستعانة بممثلين محترفين وآخرين من المواهب الصاعدة، لكنه يولي اهتماما كبيرا للنص ويعتبر أن سوق الدراما بدأت تتغير وتشهد تحولات مهمة لعل أبرزها الانسياق وراء الترند.
الرباط- شارك المخرج المغربي أيوب لهنود في دراما رمضان لهذا العام بمسلسلين “الدم المشروك”، الذي تدور أحداثه حول ثلاث أخوات يجتمعن بعد وفاة والدتهن لإدارة مشروعهن التجاري، لكن سرعان ما تشتعل الخلافات بينهن، وتتصاعد لتصبح أكثر عنفا ودموية، ومع ظهور عدة شخصيات في حياتهن، بين من يدّعي البراءة ومن يخفي أسرارا ومن يطمع في الإرث، تتعقد الأمور أكثر، بينما المسلسل الثاني كان بعنوان “عين ليبرا”، واهتم بالعوالم الخفية لعالم الموضة من خلال قصة نورة التي تجد نفسها في معركة تدور رحاها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي هذا السياق، يتحدث المخرج المغربي أيوب لهنود لـ”العرب” عن مشاركته في سباق دراما رمضان 2025 وكواليس إنجاز مسلسلين في نفس الوقت، “الدم المشروك” و”عين ليبرة” قائلا “لا يوجد سباق بالمعنى التقليدي، وإنما أصبحت ثقافة الترند واجهة لصناعة الدراما، وبالنسبة لي الجمهور يشاهد معظم المسلسلات خلال رمضان، وهذا ما يجعل المخرجين يركزون على إنتاج أعمال خاصة بهذا الشهر، نظرا للأجواء الحماسية التي ترافق المشاهدة.”

وأوضح أنه لم ينجز المسلسلين في الوقت نفسه، “وإنما جاءت برمجتهما متزامنة، فمسلسل ‘عين ليبرة’ صوّر قبل عامين، بينما ‘الدم المشروك’ تم تصويره هذا العام، وإنجاز مسلسلين في آنٍ واحد أمر صعب للغاية، فكل عمل يحتاج على الأقل إلى ستة أشهر من التصوير، يليه مرحلة التوضيب (المونتاج)، أما الكتابة فتحتاج إلى وقت أطول، وهذا يجعل تنفيذ مسلسلين في وقت واحد شبه مستحيل.”
ويشرح “بالنسبة لي كان التحدي الأبرز هو تحقيق رؤيتي، خاصة في ما يتعلق بعالم القفطان المغربي، وهو ليس من المجالات التي أتحكم فيها بشكل كامل، و’عين ليبرة’ تطلّب تقنيات محددة، لكننا تجاوزناها بفضل العمل الجماعي، أما ‘الدم المشروك’ فأحببت أجواءه خصوصا ارتباطه بالبادية وما فيه من لمسات كوميدية وتشويق، فالسيناريو كان قويا بفضل مشاركة كتّاب محترفين، وهو ما سهّل عملية التصوير على الفريق الفني والتقني، بينما لم أتابع الكثير من الأعمال، لكن هناك مستوى واضحا من التقدّم، خاصة في مسلسلي ‘الشرقي والغربي’ و’رحمة’، سواء من حيث جودة الصورة وترتيب المشاهد أو الحبكة الدرامية.”
ويرى المخرج المغربي أن “مستوى الكتابة يتحسن، وهو ما يظهر جليا في بعض المسلسلات الحالية، ولا أستطيع الجزم بذلك، فالجمهور هو من يحدد في الأخير، لكنني ما زلت غارقا في تفاصيل مسلسل ‘عين ليبرة’ رغم انتهاء التصوير، ويمكن القول إن نقطة الاختلاف تكمن في التقاء عالمي البادية والمدينة وما ينتج عن هذا التفاعل من أحداث وتطورات درامية. وبما أن تصوير المسلسل تم قبل عامين، فإن الرؤية كانت مرتبطة بتلك المرحلة، لكن ما ركزت عليه بشكل أساسي هو عنصر التشويق، إذ وجهت طاقتي بالكامل لجعل العمل مشوقا وجاذبا للجمهور، كما اعتمدت في اختيار الممثلين على الخبرة، رغم أنني لا أمتلك أعمالا كثيرة حتى الآن، وأرى أنه من الضروري إشراك الممثلين المحترفين إلى جانب الجيل الشاب الطموح، لذلك أحرص على تحقيق توازن بين مشاركة الممثلين ذوي الخبرة والوجوه الجديدة الساعية لإثبات نفسها.”
ويشدد المخرج الشاب على أن “أي دراما ترتبط بالمجتمع بشكل أو بآخر، والجانب السوسيولوجي حاضر فيها دائما، ومن الضروري طرح القضايا المعاصرة، لكن الأهم في الدراما هو أن تبقى الفكرة حية حتى بعد انتهاء عرض المسلسل، بحيث لا تموت بمجرد انتهاء الحلقات.”
وكانت كاتبة سيناريو مسلسل “الدم المشروك” هاجر إسماعيل أثارت جدلا واسعا بعد عرض المسلسل على القناة الثانية خلال شهر رمضان، بسبب مشاهد اعتبرها البعض مستنسخة من الدراما الصعيدية المصرية ولا تعكس الثقافة أو الهوية المغربية، وهذه الانتقادات ازدادت بعد إعلان الشركة المنتجة أن العمل هو من تأليف كاتبة سيناريو مصرية بالتعاون مع كتاب مغاربة في تأليف الحوارات.
وفي ردها على هذه الانتقادات أكدت كاتبة السيناريو أن فكرة المسلسل كانت لديها منذ أربع سنوات، وأنها قدمت الفكرة لشركات إنتاج عديدة قبل أن تجد الدعم من شركة “كونكسيون ميديا”، التي أبدت إعجابا كبيرا بالفكرة لما لها من جرأة في تناول المواضيع الاجتماعية، وأوضحت أنها رغم كونها كاتبة السيناريو، لم تتدخل في اختيار الملابس أو الديكورات، بل تركت هذه الأمور بالكامل للمخرج، الذي كانت له رؤيته الخاصة في تطوير الأحداث والشخصيات.
كما أشارت إلى أن المسلسل يتناول قضايا اجتماعية تتعلق بالعلاقات الأسرية في المجتمع المغربي، مع التركيز على العلاقة بين الأم وأبنائها، وما يترتب عليها من تطور في الأحداث. ورغم الجدل الذي أثاره العمل في بداياته، أكدت كاتبة السيناريو أن هدفها لم يكن استنساخ دراما أخرى وإنما تقديم عمل أصلي يعكس جزءا من الحياة الاجتماعية المغربية.
وفي ما يتعلق بالاختلافات الثقافية بين مصر والمغرب، أكدت أن هناك تحديات كبيرة في تكييف النص مع الثقافة المغربية، ولكنها كانت حريصة على القيام بالبحث اللازم لضمان أن المشاهد يتقبل الشخصيات والأحداث كجزء من ثقافته، وأضافت أنها عملت مع فريق الكتابة بشكل متعاون، إذ كان لكل عضو من الفريق إسهامه في تطور النص، وأشادت بجهودهم المخلصة في خدمة المسلسل.
وهاجر إسماعيل صحافية وكاتبة سيناريو مصرية مقيمة في المغرب منذ ثماني سنوات لكونها زوجة مواطن مغربي وأم لبنتين مغربيتين، وهي حاصلة على إجازة في الإعلام من جامعة القاهرة ودبلوم الكتابة السينمائية من أكاديمية مصر للعلوم والفنون “أكاديمية رأفت الميهي”، كما سبق لها العمل في مجموعة من الأعمال التلفزيونية المصرية كمشاركة في ورش الكتابة الجماعية، وبالتالي كان سعيها لكتابة عمل تلفزيوني بالمغرب استكمالا لمسار مهني طبيعي.
أما مخرج المسلسل أيوب لهنود فهو مخرج مغربي تخرج من المدرسة العليا للفنون البصرية بمراكش، وحصل على شهادة في التصوير والإخراج، وبدأ مشواره الفني عام 2011، وأخرج عدة حلقات من مسلسل “ساعة في الجحيم”، إلى جانب الفيلم التلفزيوني “العطب”، كما أنجز ثلاثة أفلام سينمائية قصيرة هي “السمكة” الذي شارك في مهرجان فيستيماج، و”سيئ” الحائز على جائزة المدارس السينمائية في مهرجان مراكش، و”البيضة” الذي عرض في مهرجان نامور، وقسم “نظرة من أفريقيا” في مهرجان كليرمون فيران، ومسابقة كأس الفرنكوفونية، وبرز اسمه في الدراما التلفزيونية من خلال إخراج مسلسل “مول لمليح” الذي عرض في رمضان 2022 على القناة المغربية الأولى، بالإضافة إلى عمله على عدة مشاريع درامية أخرى، من بينها “عرس الديب”.