أيرباص تعزّز جهود التحوّل إلى النقل الجوي المستدام

عملاق تصنيع الطائرات يدخل في شراكة استراتيجية مع "بلغ باور" و"فيليبس 66 " تهدف إلى خفض الاحتباس الحراري.
الاثنين 2021/10/18
رحلات منسجمة مع البيئة

قطعت أيرباص خطوة أخرى باتجاه مسح بصمتها الكربونية في التصنيع واستخدام الوقود الأخضر لتعزيز جهود التحول إلى النقل الجوي المستدام في ظل الضغوط المتواصلة من أجل صداقة البيئة، وسط تأكيد المحللين بأن الوقت قد حان بالفعل لتسريع وتيرة جعل سوق الطيران مساهما في خفض الاحتباس الحراري.

تولوز (فرنسا) - تقوم أيرباص المنافس الأبرز لبوينغ الأميركية بوضع مجموعة متنوعة من المبادرات للتصدي لتغيّر المناخ، وتسعى إلى ترجمتها واقعيا وفق جدول زمني، وستعود النتائج بالفائدة ليس فقط على صناعة الطيران وإنما على القطاعات الأخرى أيضا.

وتتولى إيرباص، بوصفها أكبر مصنع للطائرات في العالم حاليا بالنظر إلى حجم الطلبيات، دورا رياديا في مساعدة الصناعة على التطور وتسويق تقنيات جديدة تدعم أهدافها البيئية.

ودخل عملاق تصنيع الطائرات مؤخرا في شراكة استراتيجية مع بلغ باور وفيليبس 66، لإيجاد طرق لتسخير الهيدروجين لتشغيل الطائرات والمركبات والصناعة دون انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

وكانت أيرباص قد أطلقت في العام الماضي مفهوم “مركز الهيدروجين في المطارات” لبدء البحث في متطلبات البنية التحتية لطائرات الهيدروجين المستقبلية، بالإضافة إلى عمليات المطارات منخفضة الكربون.

وتسعى الاتفاقية الجديدة إلى تجسيد ذلك، حيث تهدف بلغ باور وفيليبس 66 بالشراكة مع أيرباص إلى إدخال الوقود الأخضر للسفر الجوي، مع تقديم عملاق صناعة الطائرات رؤيتها على طائرات الهيدروجين وتصميم بلغ باور البنية التحتية الهيدروجينية غير الملوثة في المطارات.

وذكرت الشركتان في بيان مشترك أن “الأهداف تشمل التوسع في استخدام الهيدروجين منخفض الكربون في القطاع الصناعي وزيادة وقود الهيدروجين للنقل”.

ديفيد باو: سنحقق هدفنا بحلول فعّالة تقلّل التكلفة في الوقود المتجدد

ونقلت وكالة بلومبرغ عن ديفيد باو نائب الرئيس التنفيذي لحلول المحلل الكهربائي في بلغ باور، قوله إن “فيليبس 66 ستساعدنا على تحقيق هدفنا المتمثل في إنتاج ألف طن يوميا من الهيدروجين الأخضر مع نشر حلول فعّالة من حيث التكلفة في قطاع الوقود المتجدد”.

وتشير التقديرات إلى أن قطاع الطيران مسؤول عن نسبة تصل إلى 3 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وإذ يُتوقع تضاعف السفر الجوي كل 15 إلى 20 عاما، ما يحتّم اتخاذ إجراءات الآن لضمان أن تكون الرحلات الجوية أكثر مراعاة للبيئة مستقبلا.

وترى أيرباص أن مستقبل الطيران هو الطائرات الكهربائية المستقلة والخالية من الانبعاثات، وتقول إن الابتكار قادر على المساهمة في إقامة عالم أكثر استدامة. وباتباع نهج غير تقليدي إزاء تحديات العصر، يمكن بناء مستقبل مستدام لهذه الصناعة.

ويؤكد كارستن سبرينغر كبير المستشارين القانونيين في أيرباص أن قطاع الطيران معقّد وتشارك فيه عدة جهات من القطاعين الخاص والعام، بما فيها شركات الطيران التجارية ومشغلو الطائرات الخاصة والوكالات الحكومية ومصنعو وموردو الطائرات والمحركات وقطع الغيار والبنى التحتية المرتبطة بها.

ويتم إنتاج الهيدروجين الأخضر بمصادر طاقة متجددة مثل الطاقة الشمسية أو الرياح ويمكن استخدامه لتشغيل المركبات أو السفن أو الصناعة التي تحرق الوقود الأحفوري تقليديا.

ويُنظر إليه على أنه مصدر محتمل للطاقة يمكن أن يساعد العديد من بلدان العالم على تحقيق أهداف خفض الكربون وتجنب أسوأ آثار الاحتباس الحراري.

وحددت إيرباص بالفعل الهيدروجين الأخضر باعتباره “أحد الحلول الواعدة” كجزء من هدفها لتقديم طائرات عديمة الانبعاثات بحلول عام 2035. وتقوم كل من أيرباص وبلغ باور باختبار محركات الطائرات باستخدام الهيدروجين الأخضر بشكل مستقل.

وكشفت شركة الطيران الأوروبية النقاب عن ثلاثة مفاهيم لطائرة زيرو، التي ستعمل بمزيج من خلايا الوقود التي تعمل بالهيدروجين ومحركات الاحتراق التي تحرق غاز الهيدروجين.

وتقول أمينة سعيد كبيرة محللي أبحاث المناخ والطاقة في آي.أتش.أس ماركت، إن المطارات تتطلب وسائل لنقل الركاب من وإلى الطائرات وقاطرات الطائرات وشاحنات البضائع، كما أن الوقود ضروري لتبريد المباني وتدفئتها.

وتقليديا، استهلكت هذه المركبات والمباني الوقود الأحفوري، لكن أيرباص قالت إن استخدام الهيدروجين المشتق من الكهرباء المتجددة يمكن أن يقلل ما بين 15 و20 ميغاطن من ثاني أكسيد الكربون التي تنبعث كل عام من المطارات.

وستختار أيرباص مع شركائها الجدد مطارا أميركيا ليكون بمثابة دراسة حالة لتوسيع البنية التحتية للهيدروجين في المطارات الأخرى.

وفي الوقت نفسه، تعمل بلغ باور مع شركة يونيفرسال هيدروجين ومقرها كاليفورنيا لتطوير مجموعة نقل الحركة بقدرة 2 ميغاواط لتعديل الطائرات الإقليمية التي تعمل بمحركات توربينية.

وتستخدم بلغ باور الهيدروجين الأخضر المنتج بمنشآتها الخاصة لتشغيل خلايا الوقود الحاصلة على براءة اختراع، بينما توفر يونيفرسال المحركات الكهربائية لمجموعة نقل الحركة وتختبر التجميع بالكامل.

Thumbnail

وفي انتظار الحصول على الشهادات والموافقات من مختلف الوكالات، تخطط الشركتان لإثبات جدوى الطائرات الإقليمية التي تعمل بالوقود الهيدروجيني في وقت مبكر من عام 2023 وبدء العمليات التجارية بحلول عام 2025.

ومع خروج البلدان من الوباء ومحاولة إطلاق اقتصاداتها، تقدم شركات مثل بلغ باور للصناعات مجموعة من الحلول تبدأ من تطوير خلايا الوقود وتصل إلى إنتاج الهيدروجين الأخضر والهيدروجين الأزرق، والذي يتم إنتاجه من منشآت النفط والغاز المجهزة باحتجاز الكربون.

وأنشأت بلغ باور أول سوق قابل للتطبيق تجاريا لتقنية خلايا وقود الهيدروجين، حيث استخدمتها لتشغيل الرافعات في المستودعات الموجودة في الموانئ.

لكن شركة لاتام في نيويورك تتنافس معها الآن لتصبح منتجا رئيسيا للهيدروجين، وقد شكلت شراكات تهدف إلى زيادة استخدام الغاز في صناعات متعددة، بما في ذلك المركبات التجارية والطائرات.

وقالت لاتام إنها ستستثمر في شركة أيرفلو الناشئة في مجال الطيران الكهربائي وتشارك في تطوير نظام دفع بالطائرة يعمل بخلايا وقود الهيدروجين. كما أن لديها مشروعا مشتركا مع شركة رينو الفرنسية لبناء شاحنات تعمل بخلايا الوقود في أوروبا.

وستكون الاستخدامات الصناعية المحرك الأكبر للنمو مستقبلا، حيث يوفر وقود الهيدروجين خيارا لتقليل البصمة الكربونية للعمليات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل صناعة الفولاذ والأسمنت.

10