أوساط الأعمال في الأردن تضغط لتعديل دفة السياسات الاقتصادية

توسعت دائرة شكوك الأوساط الاقتصاد في الأردن في جدوى خطط الحكومة لتحفيز المؤشرات وفق برنامج الإصلاح الذي يسير ببطء شديد. وأكّدت على ضرورة اتخاذ خطوات أخرى أكثر جرأة واعتماد أدوات أكثر فاعلية لتطوير كل المجالات الحيوية لإنعاش مؤشرات النمو.
عمان - تجمع أوساط الأعمال في الأردن على أن استعادة تعافي مؤشرات النمو تتطلب من الحكومة الإسراع في إجراء تعديلات هيكلية في سياساتها عبر تفعيل مختلف الأدوات الاقتصادية والنقدية والمالية والاستثمارية، وتبني خطة تحفيزية واضحة المعالم تستهدف تنشيط القطاعات الإنتاجية دون استثناء.
وتشمل المطالبات معالجة ملفي الطاقة والنقل وضخ السيولة المالية في الاقتصاد وإجراء إصلاحات ضريبية وجمركية، وتوسيع الاستثمارات القائمة والتخفيف من رحلة المستثمر، إضافة إلى معالجة ارتفاع كلف التمويل.
ورأى رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب خالد أبوحسان أن استعادة معدلات النمو الاقتصادي تتطلب القيام بمجموعة من الخطوات العاجلة تبدأ بخفض أسعار الوقود ومكافحة البيروقراطية وتنشيط القطاعات الاستراتيجية.
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى أبوحسان قوله إن “الضرورة تقتضي تسريع وتيرة إعادة عمل بعض القطاعات مثل قطاع السياحة، كما أن رفع معدلات النمو وتحفيزه يتطلبان سرعة اتخاذ القرارات والإجراءات الحكومية، وتذليل العقبات أمام المستثمرين”.
وأوضح أن تخفيف الأعباء الضريبية على المواطنين، وإعادة النظر بالوعاء الضريبي، وضرورة اتخاذ إجراءات تخفيفية للحد من ارتفاع الأسعار عالميا أمر يحتاج إلى رؤية أكثر وضوحا.
وأمام الحكومة فرص مهمة اليوم للنهوض بمؤشرات النمو السلبية، خاصة وأن هناك اهتماما كبيرا من قبل الملك عبدالله الثاني في أن يكون القطاع الخاص شريكا رئيسيا لشركات القطاع العام في عملية التنمية الاقتصادية.
ويعتبر كثيرون أن القطاع الخاص شريك مهم في خفض أرقام البطالة التي ارتفعت إلى 25 في المئة والفقر عند معدل 15.7 في المئة، كما تشير إلى ذلك أرقام دائرة الإحصاء الأردنية.
وتعرض الاقتصاد الأردني إلى ضغوط شديدة بفعل القيود المفروضة لمنع تفشي الجائحة عالميا، وتراجع مداخيل السياحة بأكثر من 75 في المئة خلال العام الماضي مقارنة مع 2019.
وبحسب أرقام إحصائية صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، نما الناتج المحلي الإجمالي بأسعار السوق الثابتة للربع الأول من عام 2021، بنسبة 0.3 في المئة بعد أن انكمش بنسبة 1.6 في المئة في عام 2020، وهو الأول منذ ثلاثة عقود تقريبا.
كما أظهرت التقديرات الأولية أن بعض القطاعات الاقتصادية حققت نموا خلال الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بالربع الأول من العام الماضي.
وتوقع البنك الدولي نمو الاقتصاد الأردني بواقع 1.4 في المئة بنهاية العام الجاري. وقال في تقرير قبل فترة إن اقتصاد الأردن تضرر بشدة من الجائحة وسط نمو منخفض ومعدلات بطالة عالية، الأمر الذي جعل لهذه الأزمة تأثيرات عميقة بشكل خاص على قطاع الخدمات وإيرادات السفر والسياحة.
ويعتقد الخبير في المجال المالي عدلي قندح أن عملية التعافي بالكامل تحتاج أولا الانتهاء من عمليات التطعيم لجميع فئات المجتمع العاملة في مختلف القطاعات لإيجاد مناعة مجتمعية ضد الفايروس، وتتبعه مراقبة الأوضاع الصحية وخاصة بعد أن تم فتح القطاعات بحيث يتم اتباع جميع وسائل السلامة الصحية.

وقال قندح المدير العام لجمعية البنوك في الأردن سابقا إن “استعادة معدلات النمو تتطلب ضخ سيولة في الاقتصاد من خلال البنوك والصناديق والاستثمارات وتوجيهها للقطاعات الاستراتيجية والحيوية المشغلة لليد العاملة”.
وأوضح أن آليات التحفيز يجب أن تنطلق من التحديات التي يواجهها الاقتصاد الأردني والمتمثلة في البطالة والفقر وارتفاع معدل الدين العام بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي وعجز في الموازنة العامة وانخفاض إنتاجية وقلة استثمارات.
وتقول وكالات التصنيف الائتماني الدولية إن عمّان ستكافح ارتفاعا قياسيا في حجم الدين الخارجي نتيجة تداعيات كورونا على اقتصاد البلد المنهك أصلا، ما يعسر تحديات إصلاح الأوضاع في بلد يعتمد على نحو كبير على المساعدات الدولية.
وما يؤكد أن الوضع المالي للبلاد ليس على ما يرام تلك المؤشرات الحديثة الصادرة عن البنك المركزي الأردني والتي أظهرت انخفاض الأصول الاحتياطية بنسبة 2.1 في المئة بنهاية يونيو الماضي، مقارنة مع الشهر السابق له.
1.4 في المئة النمو المتوقع للاقتصاد الأردني هذا العام بعد أن انكمش بواقع 1.6 في المئة في 2020
وذكر المركزي في مذكرة نشرها على موقعه الإلكتروني أن الأصول الاحتياطية (عملات وذهب وسندات وأذونات)، بلغت بنهاية يونيو الماضي 12.9 مليار دينار (18.2 مليار دولار).
وبحسب المركزي، فإن الاحتياطي الذي يعتمد على عدة عوامل مهمة منها حوالات المغتربين والدخل السياحي والاستثمار الأجنبي إلى جانب المساعدات الخارجية يكفي لفترة تزيد عن 7 أشهر من مدفوعات النقد الأجنبي.
ويرى الأستاذ في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة اليرموك قاسم الحموري أنه يمكن استعادة معدلات النمو من خلال حل المشكلات والعقبات التي تقف أمام الاقتصاد أولها معالجة ملفي الطاقة والنقل، والذي سيترتب عليه نشاط في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وبالتالي سينعكس على النمو والإنتاج بشكل أسرع.
ومن المرجح أن يعمل هذا الإصلاح المهم على تخفيض كلف الإنتاج المرتفعة، لأن جميع القطاعات الاقتصادية الإنتاجية من زراعة وصناعة وسياحة تعاني من ارتفاع كلف الإنتاج وخاصة كلف الطاقة.