أوروبا تدشن حملة عقوبات على تركيا

أنقرة تستعد لإطلاق عمليات للتنقيب عن الغاز قبالة قبرص.
السبت 2020/02/29
تركيا تجاوزت كل الخطوط الحمراء

في تطور لافت للنزاع الدائر حول الثروات في شرق المتوسط أعلن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على مواطنين تركيين ساهما في الأنشطة الاستكشافية التي تقوم بها أنقرة قبالة السواحل القبرصية.

بروكسل - أعلن البرلمان الأوروبي مساء الخميس أن الاتحاد الأوروبي قرر فرض عقوبات على مواطنين تركيين مساهمين في عمليات تنقيب غير قانونية في البحر المتوسط.

والمستهدفان حسب بيان للبرلمان الأوروبي، محمد فروح عقلين وعلي كوشكون ناموغلو، وهما مسؤولان في شركة البترول التركية ومشاركان بحكم وظيفتيهما في التخطيط لعمليات تنقيب غير قانونية.

وبموجب هذه العقوبات يُمنع المسؤولان من دخول الاتحاد الأوروبي وتم تجميد أصولهما.

وقال البرلمان “علاوة على ذلك، لا يسمح للأشخاص والكيانات من الاتحاد الأوروبي بوضع موارد تحت تصرفهم“.

ويشارك كلا الرجلين في “تخطيط وتوجيه وتنفيذ أنشطة التنقيب عن الهيدروكربون البحرية في شرق البحر المتوسط”، حسب ذات البيان.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تؤكد الحزم الذي بات يتعامل به الأوروبيون مع أنقرة والمرور من التهديد بالعقوبات إلى فرضها في وقت تخطط فيه تركيا لعمليات استكشافية جديدة.

وتُضاف هذه العقوبات إلى الإنذارات التي وجهتها أسرة المجتمع الدولي لتركيا في محاولتها لثنيها عن مواصلة أنشطة الاستكشاف التي تهدد بتقويض الأمن والسلم في شرق المتوسط.

وفي ردها، الجمعة، استنكرت تركيا قيام الاتحاد الأوروبي بفرض هذه العقوبات، حيث قالت وزارة الخارجية في بيان إن مصادقة الاتحاد الأوروبي على لائحة العقوبات التي تضمنت اسمي مسؤولين اثنين من شركة البترول التركية المساهمة في عمليات التنقيب عن الغاز إنما تعد مثالا جديدا على “الموقف المنحاز والمتجاهل للقانون” الذي يتبناه الاتحاد تحت ستار التضامن مع الأعضاء.

وفي تحد واضح للعقوبات الأوروبية أكد بيان الخارجية التركية أن أنقرة تعتبر قرار العقوبات هذا “بحكم العدم” و”لا قيمة له“.

وشدد البيان على أن القرار المذكور لن يثني عزيمة تركيا في ما يخص حماية حقوقها وحقوق القبارصة الأتراك، شرق البحر المتوسط، بل على العكس سيعزز عزيمتها. وأصدر الاتحاد الأوروبي في يناير تحذيرا لتركيا بخصوص عمليات التنقيب التي تقوم بها، خاصة في مياه قبرص العضو في الاتحاد الأوروبي، بالتزامن مع إعلان أنقرة وصول سفينة تنقيب تابعة لها قرب الجزيرة.

وقال حينها إنه قد يتخذ عقوبات تستهدف “الأشخاص أو الكيانات المسؤولة عن أنشطة تنقيب غير مرخّصة عن المحروقات في شرق المتوسط أو المساهمة في هذه الأنشطة“.

ورفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الإنذارات الأوروبية، محذرا من أن تركيا التي تحتضن حوالي أربعة ملايين لاجئ أغلبهم سوريون يمكن أن تفتح لهم الأبواب في اتجاه أوروبا.

وكان الاتحاد الأوروبي قد أقرّ العام الماضي سلسلة من العقوبات السياسية والمالية بحق تركيا ردا على مواصلتها أعمال التنقيب غير الشرعية التي تقوم بها في المياه الإقليمية القبرصية رغم التحذيرات بوقفها.

والمعروف أن جمهورية قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي، لا تمارس سلطتها سوى على القسم الجنوبي من الجزيرة، في حين تسيطر القوات التركية على القسم الشمالي البالغة مساحته ثلث الجزيرة وأعلنت فيه جمهورية شمال قبرص التركية غير المعترف بها دوليا.

المستهدفان بالعقوبات مسؤولان في شركة البترول التركية ومشاركان في التخطيط لعمليات تنقيب غير قانونية

وفي ظلّ التوترات التي تثيرها أنقرة شرق المتوسط، وقعت قبرص على عقد بقيمة 240 مليون يورو لشراء صواريخ إكسوسيت المضادة للسفن وصواريخ ميسترال المضادة للطائرات من فرنسا.

وكانت تركيا قد أرسلت سفينتين العام الماضي للتنقيب في مياه تعتبرها قبرص جزءا من منطقتها الاقتصادية الخالصة.

وتصر تركيا على أن أنشطتها في التنقيب عن الغاز تتفق مع القانون الدولي، ولكن الخطوات في هذا الصدد تثير غضب دول الاتحاد.

ونشرت أنقرة في ديسمبر طائرات عسكرية مسيّرة شمال قبرص، وتقول وسائل إعلام تركية إنها تنوي إنشاء قاعدة بحرية هناك. كما أرسلت فرنسا مؤخرا حاملة الطائرات شارل ديغول إلى ميناء ليماسول القبرصي، في أجواء النزاع بين قبرص وتركيا بشأن حقول الغاز.

وذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون القبرصية أن الحاملة شارل ديغول التابعة للبحرية الفرنسية وصلت بعد تدريب مع الجيش القبرصي. وترفض تركيا اتفاقات أبرمتها الحكومة القبرصية مع مصر واليونان في منطقة شرق البحر المتوسط بشأن المناطق الاقتصادية البحرية.

وأرسلت سفينتي التنقيب «فاتح» و«ياووز»، بالإضافة إلى سفينة للدعم اللوجستي للعمل في المياه قبالة جزيرة قبرص المقسمة، وهو ما دفع اليونان إلى اتهامها بتقويض الأمن في المنطقة.

وقبرص، عضو الاتحاد الأوروبي، على خلاف مع تركيا منذ سنوات حول ملكية الموارد الهيدروكربونية (النفط والغاز) في منطقة شرق البحر المتوسط، حيث تقول تركيا إن للقبارصة الأتراك نصيبا في هذه الموارد، وتتمسك بأن المنطقة التي تقوم بأعمال التنقيب فيها تقع ضمن ما تسميه «الجرف القاري» لها. وتجري الشركتان الفرنسية والإيطالية، توتال وإيني، عمليات تنقيب في المنطقة.

وأجرت الدولتان تدريبات بحرية مع قبرص في ديسمبر الماضي في ما اعتبره مراقبون رسالة مضمونة الوصول لأنقرة.

وبالرغم من الإنذارات الأوروبية تواصل أنقرة استعداداتها لإطلاق عمليات استكشافية جديدة، ما يعمق خلافاتها مع حلفائها في مقدمتهم الولايات المتحدة التي ألمحت مؤخرا إلى أنها ستنحاز لقبرص في نزاعها ضد تركيا.

وأعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز، الأربعاء، أن سفينة تنقيب ثالثة في طريقها إلى تركيا.

وفي تغريدة له على حسابه في تويتر أضاف المسؤول التركي أن “سفينتنا الثالثة للتنقيب التي أعلن عنها الرئيس أردوغان، بدأت الإبحار في طريقها إلى تركيا، نتمنى أن تجلب الخير لبلدنا”.

والاثنين أعلن دونماز أن بلاده اشترت سفينة تنقيب ثالثة من بريطانيا، من المنتظر أن تصل موانئ تركيا خلال أسابيع دون أن يذكر المزيد من التفاصيل بشأن الأماكن التي ستتوجه إليها هذه السفينة.

5