أنياس كالامار تعزز منصبها الجديد في أمنستي بإثارة "التهديد السعودي"

لندن – استبقت أنياس كالامار، مقررة مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، استلام منصبها على رأس منظمة العفو الدولية (أمنستي) بالهجوم على السعودية واتهام رئيس هيئة حقوق الإنسان فيها عواد العواد بتهديدها بالقتل، رغم أن الحادثة قديمة.
وقال مراقبون إن اتهامات كالامار للسعودية قبل أسبوع من استلامها منصب الأمين العام لأمنستي هدفها إظهار جدارتها بالمنصب الجديد وتعزيز صورتها لدى منظمات وجمعيات تعنى بحقوق الإنسان في الظاهر لكنها في الواقع تلعب دور العراب لأجندات دوائر نفوذ دولية عرفت بعدائها للرياض.
وتساءل المراقبون عن سر سكوت كالامار عما تقول إنه حادثة تهديد بالقتل حدثت في يناير من عام 2020 وتتذكرها الآن وتحوّلها إلى قضية إعلامية؟ لافتين إلى أن الأمينة العامة الجديدة لأمنستي تسعى إلى الاستفادة من المناخ المعادي للرياض في الولايات المتحدة، بعد صعود جو بايدن والكشف عن حيثيات تقرير مقتل الصحافي جمال خاشقجي، كمدخل لتأمين وضعها الجديد على رأس منظمة باتت متخصصة في انتقاد العرب، وخاصة السعودية.
وقالت كالامار، الجمعة، إن “تهديد المملكة العربية السعودية لي كان فاضحا، فقد حدث في مكان دبلوماسي رفيع المستوى وتم كشفه، وأكدته الأمم المتحدة”، وأضافت أنه “يجب ألا تكون أساليب التنمر ممكنة في أي مكان. لا مكان لها في الأمم المتحدة”.
وسبق أن صرحت لصحيفة الغارديان البريطانية بأن مسؤولا سعوديا وجه إليها تهديدا في اجتماع بجنيف في يناير 2020 بأنه سيتم “تولي أمرها” إذا لم يتم تحجيمها، وذلك في أعقاب تحقيقها في مقتل خاشقجي.
وأشارت إلى أن مسؤولي الأمم المتحدة يفسرون تلك العبارة بأنها “تهديد بالقتل”، وهو ما عاد ليؤكده الأربعاء روبرت كولفيل المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان بقوله إن “التفاصيل التي وردت في الغارديان بشأن تهديد كالامار دقيقة”.
وتعتقد أوساط دبلوماسية خليجية أن توقيت إثارة كالامار لموضوع التهديد مريب، ومن وراء ذلك العودة إلى موضوع خاشقجي، خاصة أن الرياض اعترفت بمسؤوليتها الجنائية والأخلاقية في الموضوع، وهو ما بدا واضحا في التعاطي السعودي الهادئ مع صدور التقرير الأميركي الخاص بالقضية.
واستبعد مصدر خليجي، فضل عدم الكشف عن اسمه، في تصريح لـ”العرب” أن يلجأ مسؤول سعودي إلى إهانة شخصية معروفة بعدائها لبلاده فما بالك بتهديدها بالقتل، وهو يعرف أن مثل هذه الخطوة ستوفر فرصة جديدة للهجوم على الرياض في الوقت الذي كانت فيه القيادة السعودية تبحث عن التهدئة بكل الطرق لتجاوز مخلفات مقتل خاشقجي على صورتها الخارجية، خاصة بعد أن دخلت دول مختلفة، بينها دول إقليمية، على الخط لتوظيف هذه الورقة في ابتزاز الرياض.
وكان رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية عواد العواد نفى الخميس تهديد المقررة الخاصة بالقتل.
وكتب في تغريدة على تويتر باللغة الإنجليزية “بينما لا أستطيع تذكر المحادثات بالضبط، إلا أنني لم أرغب ولم أقم قطّ بتهديد أي فرد معيّن من الأمم المتحدة، أو أي شخص”.
وأضاف “أشعر بخيبة أمل من أنه يمكن تفسير أي شيء قلته بأنه بمثابة تهديد بالقتل”.
وخلال السنوات الأخيرة لم تكن كالامار تفوّت أي فرصة لإثارة موضوع خاشقجي وتحويله إلى ورقة ضغط ضد السعودية.
وسعت لإخراج التفاعل مع هذا الملف من بعده الحقوقي إلى بعده السياسي من خلال التحرك لدى دول، مثل فرنسا والولايات المتحدة، ومطالبتها بالتحرك للضغط على الرياض.
وعزا مسؤول في الشرطة البلجيكية تسريب التهديد في هذا الوقت إلى انتظار كالامار أن تمارس إدارة الرئيس الأميركي المزيد من الضغوط على السعودية، بالتزامن مع ضغوط واشنطن لوقف حرب اليمن وتعليق صفقات أسلحة “هجومية” للرياض.
وأشار المسؤول الذي يعمل عن كثب مع التحقيقات الجنائية الدولية إلى أن كالامار والأمم المتحدة غير راضييْن عن ردود الفعل الرسمية من فرنسا والولايات المتحدة في عهد إدارة ترامب عندما تم إبلاغهما آنذاك.
وقال “لقد ذهبوا إلى الفرنسيين بشأن ذلك ولكن تم التعامل مع الموضوع خلف الأبواب المغلقة مع السعوديين، ومن الواضح أن هذا لا يرضي الأمم المتحدة أو كالامار”، مضيفا “أخبروا الأميركيين لكن إدارة ترامب (وقتها) لم يكن لديها أي تحمّس للتحقيق في الأمر”.