أنقرة تقايض موسكو: تل رفعت ومنبج مقابل إدلب

العرض التركي يكشف نوايا أردوغان في شمال غرب سوريا.
السبت 2020/09/19
وجود غير مرغوب فيه

قدمت تركيا عرضا يقوم على تسلم مدينتي تل رفعت ومنبج في ريف حلب مقابل خفض وجودها في محافظة إدلب، لكنه قوبل برفض من روسيا التي لن تقبل بإغلاق جبهة خوفا من أن تفتح على نفسها جبهات أشدّ خطورة.

دمشق - عاد التوتر ليخيم على العلاقات الروسية التركية في شمال غرب سوريا، في ظل نفاد صبر موسكو من عدم إحراز تقدم في تنفيذ بنود اتفاق خفض التصعيد الذي جرى التوصل إليه مع الجانب التركي قبل أشهر، بعد عملية عسكرية شنها النظام السوري في المنطقة وسيطر خلالها على مساحات واسعة من محافظة إدلب ومحيطها.

وكشفت مصادر روسية وتركية أن أنقرة عرضت خلال اجتماع جرى مؤخرا بين وفدين عسكريين للبلدين، مقترحا في شكل مقايضة يقوم على تسليم منطقتي منبج وتل رفعت الاستراتيجيتين لها، مقابل خفض وجودها العسكري في محافظة إدلب، لكن الوفد الروسي رفض العرض.

ويرى مراقبون أن العرض التركي كان مناورة لاسيما وأن روسيا طلبت من أنقرة مؤخرا ضرورة خفض عدد قواتها في إدلب، وتقليص النقاط العسكرية المنتشرة هناك، حيث تدرك أنقرة مسبقا أن هذا العرض سيقابل بالرفض.

ومنذ إعلان وقف إطلاق النار في إدلب في مارس الماضي عمدت تركيا إلى تعزيز حضورها في المحافظة التي تسيطر عليها فصائل جهادية ومعارضة، مع زيادة عدد النقاط العسكرية، في مقابل ذلك تجاهلت عدة بنود من الاتفاق لعل أبرزها فتح الطريق الدولي أم 4، وتحييد هيئة تحرير الشام، فضلا عن تعمد الميليشيات الموالية لها تعطيل الدوريات المشتركة على طول الطريق الحيوي والذي يشكل أحد شرايين اقتصاد سوريا.

وتعوّل دمشق على هذا الطريق لإنعاش الحركة التجارية ولاسيما مع اشتداد الضغوط الاقتصادية الأميركية في علاقة بقانون قيصر.

وعلى مدار الأشهر الماضية حرصت روسيا على تجنب أي تصريحات استفزازية أو منتقدة للجانب التركي وسياساته في شمال غرب سوريا، الأمر الذي بات مثار امتعاض دمشق وتململها وقد عبّر الرئيس السوري بشار الأسد بوضوح عن ذلك خلال لقائه وفدا روسيا رفيع المستوى بقيادة وزير الخارجية سيرجي لافروف ونائب رئيس الوزراء يوري بوريسوف حين زار دمشق الشهر الماضي.

ويرى مراقبون أن تغير الموقف الروسي في إدلب يعود في جانب منه إلى المماطلة التركية في تنفيذ الاتفاق، وهي ما لم يعد من الممكن تجاهلها لاسيما وأنها أحد الأسباب في مراوحة الأزمة السورية مكانها، فضلا عن ضغوط دمشق.

العرض التركي مناورة بعد أن طلبت موسكو من أنقرة مؤخرا خفض عدد قواتها وتقليص النقاط العسكرية في إدلب

واتخذت موسكو قبل أيام قرارا بوقف مشاركة عناصرها من الشرطة العسكرية في دوريات مشتركة مع الجانب التركي على الطريق الدولي أم 4، وعزت ذلك إلى استمرار تعرض قواتها لهجمات من “الإرهابيين”. لتتخذ الخطوات الروسية طابعا تصاعديا بطلب موسكو قبل أيام من تركيا ضرورة تخفيف تواجدها العسكري في إدلب ومحيطها.

ونقلت وكالة “سبوتنيك” الخميس عن مصدر تركي قوله إن “تركيا لم تتجاوب مع مطالب الجانب الروسي بالانسحاب من نقاط المراقبة بمحافظة إدلب شمالي سوريا مقترحة تسليمها مدينتي تل رفعت ومنبج، الأمر الذي لم يلق ردا إيجابيا من الجانب الروسي”. وأكد المصدر أن “تركيا لا تزال تقترح تسليمها مدينتي تل رفعت ومنبج”.

وكان وفد عسكري روسي قد عرض، الثلاثاء، على نظيره التركي في اجتماع عقد في مقر الخارجية التركية اقتراحات بشأن خفض عدد القوات التركية وتقليص عدد نقاط المراقبة في إدلب، لكن الجانبين لم يتوصلا إلى اتفاق في هذا الشأن.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، مساء الأربعاء، إن الاجتماعات مع الروس “ليست مثمرة للغاية”.

ويرى سياسي كردي أن المقترح التركي بشأن تل رفعت ومنبج يكشف عن النوايا الحقيقية لتركيا فهي تتخذ من محافظة إدلب ورقة لمقايضة القوى الدولية على المسرح السوري، لغاية ضرب وتحجيم الأكراد، ويوضح السياسي أن تركيا تريد وضع يدها على منبج وتل رفعت في سياق مشروع تفكيك الكتل الجغرافية التي يتواجد بها الأكراد، للحيلولة دون تمتع وضع كردي خاص في شمال سوريا.

وتعتبر تركيا أكراد سوريا تهديدا لأمنها القومي، وترفض أي وضع خاص لهم على حدودها. وسبق أن هددت باجتياح منبج وعفرين في العمليات السابقة التي خاضتها ضد وحدات حماية الشعب الكردي بيد أنها كانت تجابه في كل مرة بفيتو روسي أميركي.

ويرى السياسي الكردي أن روسيا لن تقبل بالعرض التركي لعدة أسباب أبرزها أن موسكو لن تسدّ ثغرة إدلب حتى تفتح ثغرات أكثر خطورة في ريفي حلب الشمالي والجنوبي.

2