أنقرة تخلق أزمات لقطاع تربية المواشي

تراجع الليرة وإجراءات حكومية تحاصر نشاط مربي الماشية في تركيا وتضعهم على حافة الإفلاس.
الاثنين 2019/08/19
البيع بأسعار لا تغطي التكاليف

 بورجو اوزكايا غون آيدين

شهدت تركيا تدفق واردات هائلة من المواشي في الأيام التي سبقت عيد الأضحى الأخير بينها وصول نحو 3000 رأس من إسبانيا إلى ميناء الإسكندرونة في جنوب البلاد.

ويأتي ذلك ليدحض ادعاءات الحكومة التي أعلنت في بيان صدر في الآونة الأخيرة عن وزارة الأغذية والزراعة والثروة الحيوانية يؤكد أنها لن تستورد أي ماشية لعطلة العيد في محاولة لدعم مربي الماشية المحليين.

وكشفت وسائل الإعلام التركية مؤخرا أن الهلال الأحمر استورد 6000 رأس من الماشية من البوسنة والهرسك وبولندا، وأرجعت ذلك إلى انخفاض أسعارها.

وتفاقم تلك الواردات من أزمات قطاع تربية المواشي في تركيا التي تمتد إلى ارتفاع أسعار الأعلاف والعلاجات واللقاحات ووقود الديزل، نتيجة انحدار سعر صرف الليرة التركية.

في مقاطعتي أضنة وهاتاي في جنوب البلاد، قال مربو الماشية إنهم يخوضون معركة شاقة بسبب الخطوات الخاطئة التي اتخذتها الحكومة، والتي قالوا إنها فشلت في حماية صناعتهم.

وأكد سفيت غوني، الذي يمتلك شركة رائدة في مجال الزراعة وتربية الماشية في مقاطعة هاتاي منذ 15 عاما، إنه اضطر لبيع اللحوم التي كلفه إنتاجها 27 ليرة مقابل 26 ليرة بسبب اللحوم المستوردة. وتساءل غوني “كيف يمكنني التنافس مع حكومة تستورد اللحوم مقابل 30 ليرة وتبيعها مقابل 25 ليرة؟”

وتشير البيانات الصادرة عن معهد الإحصاء التركي إلى أن استهلاك اللحوم الحمراء في تركيا انخفض في الربع الأول من العام الحالي بنسبة 18.6 بالمئة عن الربع السابق، ونحو 16.5 بالمئة مقارنة مع الربع نفسه من العام الماضي.

وفي تلك الأثناء ارتفع عدد المواشي في تركيا بنسبة تصل إلى 7 بالمئة في العام الماضي، ليصل إلى 17.2 مليون رأس، بينما زاد عدد الأغنام والماعز بأكثر من أربعة بالمئة ليصل إلى 46.1 مليون رأس. ويأتي ذلك بعد ارتفاع أعداد المواشي بنسبة تزيد على 13 بالمئة في عام 2017.

وتزداد الثروة الحيوانية في البلاد مع مرور كل عام، حتى مع انخفاض استهلاك اللحوم. ويشير مربو الماشية إلى واردات الحيوانات باعتبارها السبب الرئيسي لأزماتهم.

وباتت تركيا تعتمد بشكل متزايد على واردات اللحوم بسبب الزيادة في أسعار الجملة والتجزئة للحم البقر والضأن. وفي عام 2016، زادت واردات تركيا من الماشية بنسبة تصل إلى 177 بالمئة.

وتشير الأرقام التي قدمها وزير الزراعة أشرف فاقي بابا إلى أن تركيا استوردت 41 ألف طن من اللحوم في الفترة من يوليو 2016 إلى يوليو 2017. كما استوردت 66 ألف طن أخرى في النصف الثاني من عام 2017.

وكانت الحكومة قد تعهدت في يناير 2018 بأن تتوقف تركيا عن استيراد اللحوم، لكن التقارير الأخيرة أظهرت استمرار وصول الحيوانات واللحوم من الخارج.

ولم يكن مربو الماشية سعداء حتى خلال موسم عيد الأضحى الذي يمثل الفترة الأكثر ربحية في العام، حيث تراجع الطلب بسبب ارتفاع سعر كبش الذبيحة هذا العام إلى 1500 ليرة من نحو 1250 ليرة قبل عام.

أما رأس الماشية الذي كان يباع مقابل 13 ألف ليرة في العام الماضي فقد ارتفع إلى 15 ألف ليرة هذا العام.

Thumbnail

قد تبدو زيادة الأسعار جيدة لبائعي الحيوانات، لكن تراجع الليرة مقابل الدولار وارتفاع التكاليف يمثلان مشكلة حقيقية. ويؤكد مربو الماشية أن سعر الأعلاف ارتفع بنسبة 70 بالمئة في حين تضاعفت تكلفة الكهرباء ووقود الديزل.

وقال نورالدين أوغور وهو مربي ماشية في تشوكوروفا منذ ما يربو على أربعة عقود إن “كل شيء غالي الثمن، من التبن إلى وقود الديزل. هذه النفقات كبيرة لدرجة أنها لم تترك أي أرباح للمنتجين”. ويكسب الكثير من الناس في تشوكوروفا جنوب وسط تركيا، عيشهم من الزراعة وتربية الماشية. ويواجه الكثيرون اليوم مشاكل مالية تهدد أعمالهم.

وأضاف أوغور أنه يكون محظوظا إذا كان بإمكانه تلبية احتياجات حيواناته كل شهر “لا يمكنني كسب لقمة العيش من تربية الماشية وحدها. لا أعرف كيف أفعل أي شيء آخر. اتبعت خطى والدي”.

وأوضح أوغور أن سعر الشعير ارتفع بنسبة 25 بالمئة مقارنة بالشهر الماضي في حين ارتفع سعر التبن بأكثر من 66 بالمئة.

ويؤكد مربي الماشية خليل كافوك أوغلو، البالغ 71 عاما أنه من دون دعم من الحكومة فسيكون من المستحيل كسب العيش. ويضيف أنه يدفع 1200 ليرة مقابل الكهرباء و700 ليرة مقابل المياه كل شهر.

وقال إنه اضطر إلى وسائل شاقة لتقليص نفقاته مثل “تقليص أجور العمال والإنفاق على أطفالي وزوجتي. لا أعلم إلى أي مدى يمكنني مواصلة تقليص الإنفاق. الحيوانات تشبه الأطفال. يمكنك أن تظل جائعا، لكنها لا تستطيع”.

10