أمين الناجي لـ"العرب": اللهجة هي أكبر عائق لحضور الممثل المغربي في الدراما العربية

الممثل المغربي يشارك في مسلسل تاريخي عن غزوات المغول.
الأربعاء 2025/06/04
الممثل يخوض ملحمة تاريخية في "سيوف العرب"

تقف اللهجة عائقا أمام انتشار فناني المغرب، ذلك ما يؤكده الممثل أمين الناجي، الذي يرى أن انتشار اللهجة بفضل الفنانين الموسيقيين لم يجعلها مألوفة لدى الجمهور، وإنما لا تزال هناك عقبات كبيرة أمام الإنتاج الدرامي المغربي الذي يبدو عاجزا إلى اليوم عن دخول بيوت المشاهدين العرب.

تدور أحداث مسلسل "سيوف العرب" للمخرج سامر جبر بين عصر الجاهلية وبداية الخلافة الأموية، ويحكي تاريخ السيف العربي من خلال توثيق أبرز المحطات التي مر بها العرب عبر العصور.

المسلسل من بطولة نخبة من الممثلين العرب، منهم سلوم حداد ومنذر رياحنة وباسم ياخور ونضال نجم وجمال سليمان وياسين بن قمرة وياسين أحجام وندى الحداوي، وغيرهم.

ومن المنتظر أن يطل الممثل المغربي أمين الناجي على الجمهور العربي من خلال هذا المسلسل التاريخي الذي سيُبث عبر قناة قطر، بعد تصوير مشاهده بين مدينتي مراكش وورزازات.

في حديث خاص مع صحيفة “العرب” عبّر الممثل المغربي عن اعتزازه الكبير بمشاركته في المسلسل التاريخي العربي الضخم “سيوف العرب”، موضحا أن هذا العمل يُعد من بين أضخم الإنتاجات العربية التي شارك فيها، سواء من حيث طبيعة الموضوع الذي يعالجه أو من حيث الإمكانيات التقنية والبشرية المسخرة لإنجازه. وقد تم تصوير المسلسل، بحسب قوله، بين مدينتي مراكش وورزازات اللتين توفّران بيئة طبيعية مثالية لتجسيد المشاهد التاريخية الكبرى، مشيرًا إلى أن الأجواء المحيطة كانت ملهمة وساعدت الفريق على الاندماج التام في روح الحقبة الزمنية التي تدور فيها الأحداث.

ونوّه الناجي إلى أن الديكورات التي تم بناؤها خصيصًا للعمل كانت واقعية ومبهرة، إلى درجة أنها أعادت خلق مشاهد حقيقية من العصور القديمة، وهو ما يجعل الممثلين يشعرون وكأنهم يعيشون فعلا في ذلك العصر، كما أثنى على جهود الفريق الفني والتقني في تقديم صورة بصرية راقية، توازي ما تقدمه الأعمال العالمية، وهو ما يأمل أن ينال إعجاب الجمهور العربي ويثري ذائقته البصرية والمعرفية في آنٍ واحد.

آمل أن تحظى الأعمال المغربية بفرص للعرض على القنوات العربية حتى تنكشف مواهب كانت تظلِمها الجغرافيا واللغة
آمل أن تحظى الأعمال المغربية بفرص للعرض على القنوات العربية حتى تنكشف مواهب كانت تظلِمها الجغرافيا واللغة

وفي سياق حديثه عن الدور الذي يلعبه كشف الممثل المغربي أنه يجسد شخصية كتبغا، أحد القادة البارزين في جيش هولاكو خان، وأوضح أن هذه الشخصية التاريخية المثيرة للجدل تطلبت منه جهدا خاصا في البحث والدراسة، نظرًا لكونها شخصية مركبة ومعقدة من الناحية النفسية والتاريخية، فكتبغا كما وصفه كان رمزا لقوة غاشمة اجتاحت المشرق الإسلامي في لحظة حرجة من تاريخه، فشارك في اجتياح بغداد وفي السيطرة على دمشق، وتولى لاحقا قيادة ما تبقى من القوات المغولية في بلاد الشام، قبل أن يسقط قتيلا في معركة عين جالوت سنة 658 هجرية (1260 ميلادية).

وبيّن الناجي أن الغوص في أبعاد هذه الشخصية كان مغريًا من الناحية الفنية، لكنه أيضا كان مرهقًا نفسيًا، نظرًا لما تحمله الشخصية من عنف داخلي، وتاريخ دموي محفوف بالدمار والخيانات، وقد تطلب منه هذا الدور استعدادًا خاصًا، سواء على مستوى البنية النفسية أو التعبير الجسدي، إذ سعى إلى أن يظهر كتبغا لا فقط كشرير تقليدي وإنما كشخصية ذات دافع وأفق، بغض النظر عن قسوتها.

وأكد أن مسلسل “سيوف العرب” هو عمل تاريخي وفني طموح يسعى إلى إعادة قراءة تاريخ العرب في زمن التحول والصراعات الكبرى، من عصر الجاهلية إلى بدايات الخلافة الأموية، مركزًا على رمزية السيف العربي، ليس فقط كأداة قتال وإنما أيضًا كرمز للشرف والكرامة والهوية، وأشار إلى أن الطابع الوثائقي الحاضر في العمل يمنحه قيمة معرفية، في حين تمنحه المعالجة الدرامية بعدًا إنسانيًا وجماليًا يجعله قريبًا من المتفرج العربي، سواء في المشرق أو المغرب.

وعن أجواء التصوير وفريق العمل نوّه الناجي بالتجربة الاستثنائية التي خاضها مع كوكبة من النجوم العرب الذين شاركوه هذه المغامرة التاريخية، ومن بينهم سلوم حداد ونضال نجم ومنذر رياحنة وناصر عبدالرضا وغازي حسين وفيصل رشيد. كما عبّر عن سعادته لتمثيل المغرب في هذا العمل العربي، إلى جانب نخبة من الفنانين المغاربة الذين يحظون بمكانة خاصة في الدراما الوطنية والعربية، أمثال محمد مفتاح ومحمد خيي وياسين أحجام وهشام بهلول. واعتبر أن هذا الحضور المغربي الوازن يبرهن على أن الفنان المغربي بات حاضرا بقوة في المشهد الدرامي العربي، ويستطيع أن يفرض بصمته حين تتوفر له الفرصة المناسبة.

وتطرّق الناجي إلى تحديات الحضور المغربي في الدراما العربية، مشيرًا إلى أن العائق الأكبر ظل لفترة طويلة مرتبطًا باللهجة المغربية، التي كانت تشكّل حاجزًا أمام اندماج الممثلين المغاربة في الأعمال العربية المشرقية، لكنه يرى أن الأمور بدأت تتغير تدريجيًا، بفضل انفتاح عدد من القنوات الكبرى على السوق المغربي، وازدياد الوعي بأن الممثل المغربي يمتلك طاقات هائلة وخبرة مسرحية وسينمائية معقولة، تجعل منه عنصرًا فنيًا قادرًا على العطاء خارج حدود اللهجة واللغة.

"سيوف العرب" عمل تاريخي وفني طموح يسعى إلى إعادة قراءة تاريخ العرب في زمن التحول والصراعات الكبرى

وأضاف أن انتشار الأغنية المغربية، بفضل فنانين شباب مثل سعد لمجرد وأسماء لمنور ودنيا بطمة، ساهم في تقريب الوجدان المغربي من المشاهد العربي، وهو ما انعكس أيضًا على مستوى الدراما، إذ بدأ الجمهور يتقبّل اللهجة والثقافة البصرية المغربيتيْن أكثر من ذي قبل، كما عبّر عن أمله في أن تحظى الأعمال المغربية بفرص أكبر للعرض على القنوات العربية الكبرى، حتى تنكشف للجمهور الواسع مواهب وطاقات كانت تظلِمها الحدود الجغرافية واللغوية.

وكشف الممثل المغربي عن مشروعه السينمائي الجديد، الذي يخوض فيه لأول مرة تجربة الكتابة، مشيرًا إلى أنه يشتغل حاليًا على أول فيلم سينمائي من تأليفه، يتناول فيه مواضيع اجتماعية بعمق إنساني وفني، وعبّر عن رغبته في أن يكون هذا المشروع بمثابة محطة فنية فارقة في مسيرته، تعكس تجربته كممثل وتطلعاته كمبدع يسعى إلى التعبير عن رؤيته للعالم من خلال السينما.

ويضيف “أخطط لتصوير فيلم ‘راسي مرفوع’ خلال العام القادم، عن قصة مستوحاة من مشجعي فريق الرجاء البيضاوي، ويناقش عمق واقع حي درب السلطان الذي نشأت فيه وترعرعت.”

ويُعدّ أمين الناجي من أبرز الممثلين المغاربة، نشأ في الدار البيضاء وسط أسرة فنية، إذ كان أخواله يعملون في المسرح، ومن بينهم المخرج شفيق السحيمي، وتأثر بالجو الإبداعي منذ صغره، فتأجج شغفه بالتمثيل، وأكمل دراسته في المحاسبة وتدبير المقاولات، لكنه اختار الفن، فالتحق بالمعهد البلدي في الدار البيضاء أين تلقى تكوينا مسرحيا أكاديميا.

وبدأ الممثل المغربي أمين الناجي مشواره في المسرح تحت إشراف خاله شفيق السحيمي، إذ شارك إلى جانب فنانين كبار. وتألق لاحقًا في التلفزيون بأدوار مميزة، منها شخصية المهيدي في “وجع التراب”، والبطولة في “الحياني”، إضافة إلى أعمال مثل “ثورية”، “الغريب”، “العين المطفية”، “صدى الجبل”، “أنا نورا أولا”، “الطريق إلى طنجة”، “الذئاب لا تنام”، “الشوط الثاني”، “خنيفيسة الرماد”، “سر المرجان”، “مسافة ميل بحذائي”، “بنكالو”، “غزية”، “هوى يا هوى”، “12 ساعة”، “صمت الفراشات”، “عام في الغربة”، “كيليكيس دوار البوم”، “عز المدينة”، “الماضي لا يموت”، “ولاد المختار”، “هي”، “ولاد المرسى”، “كلها او طريقو”، “الدائرة 1555″، “لمكتوب”، “أولاد الدرب”، “بيا ولا بيك”، “7 ليالي”، “دار النسا”، و”بنات لحديد”، والتي عززت مكانته كممثل متعدد المواهب.

دخل السينما بفيلم “عْقلْتِ على عادل؟” لمحمد زين الدين، ثم شارك في أفلام مثل “المنسيون” لحسن بنجلون، و”المغضوب عليهم” و”الطريق إلى كابول” لإبراهيم شكيري، وأعمال أخرى.

14