ألماني وموريتاني وجزائري يتنافسون على رئاسة البعثة الأممية إلى ليبيا

صراع دبلوماسي لخلافة باتيلي من أجل حلحلة الأزمة المتواصلة.
الخميس 2024/06/20
من سيغّير الوضع في ليبيا

يتنافس عدد من الدبلوماسيين من ‎الجزائر وألمانيا وموريتانيا على منصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا خلفا للسنغالي عبدالله باتيلي الذي استقال في أبريل الماضي، في مسعى لحلحلة الأزمة الليبية بتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة بين الفرقاء وإجراء انتخابات طال انتظارها.

بدأ الجدل يتسع بخصوص تعيين رئيس جديد لبعثة الدعم الأممية إلى ليبيا عوضا عن الدبلوماسي السنغالي المخضرم عبدالله باتيلي الذي كان قد تقدم باستقالته في منتصف أبريل الماضي بعد 18 شهرا من العمل على حلحلة الأزمة الليبية ولكن دون جدوى.

وقالت تقارير غربية إن هناك تنافسا بين ثلاثة مترشحين للفوز بالمنصب، لكن الخلافات الحادة تحت قبة مجلس الأمن بين الدول دائمة العضوية ترجح تأجيل الحسم في تعيين رئيس جديد للبعثة.

وبحسب التقارير الغربية، فإن المرشح الأول هو الدبلوماسي الألماني كريستيان باك الذي سبق وأن شغل منصب سفير بلاده في طرابلس ثم تولى مهمة مبعوثها الخاص إلى ليبيا، ويعتبر من الشخصيات الأوروبية ذات الاطلاع الواسع على الملف الليبي، وكان قد تم ترشيحه في صيف 2022 لخلافة ستيفاني ويليامز على رأس البعثة الأممية، قبل أن يتم ترجيح الكفة لفائدة باتيلي.

متابعون للشأن الليبي يرون أن الجزائري رمطان لعمامرة يبقى شخصية جدلية، وهو مرتبط بموقف بلاده غير المحايد

وترى مصادر دبلوماسية أن باك يحظى بدعم أميركي واضح في سياق رغبة واشنطن في تطوير أداء البعثة بما يساعد على حسم جملة من الملفات المؤرقة للعواصم الغربية وفي مقدمتها التمدد الروسي في شرق ليبيا وجنوبها، وفي اتجاه مساحات واسعة من القارة الأفريقية انطلاقا من دول الساحل والصحراء.

لكن بالمقابل، سيكون من الصعب قبول روسيا بتعيين باك في منصب رئيس البعثة، كما أن الصين مرشحة لدعم الروس في موقفهم من الدور الذي يطمح الدبلوماسي إلى القيام به.

والمرشح الثاني هو الدبلوماسي والوزير الموريتاني السابق محمد الحسن ولد لبات من مواليد عام 1953، درس القانون في جامعة نواكشوط، وأتمّ دراسته العليا في فرنسا، قبل أن يعود إلى بلاده وجامعته التي عمِل بها أستاذا للقانون وعميدا للكلية، كما ترأّس الجامعة من عام 1991 وحتى عام 1997. وقد سبق له أن درّس كأستاذ زائر في جامعات أفريقية وفرنسية، وكان من ضمن لجنة من كبار فقهاء القانون تولت صياغة أول دستور مبني على التعددية في موريتانيا عام 1991.

 وتقلد ولد لبات عدة مناصب سامية في بلاده، منها وزارة الخارجية إبان حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، لكنه عرف أكثر بعد إرساله مبعوثاً من الاتحاد الأفريقي من أجل حلّ الأزمة السياسية في السودان، حيث قاد وساطة أفريقية ناجحة عام 2019 بين المكوّنين المدني والعسكري لتوقيع الوثيقة الدستورية، وأصدر بعدها كتابا يحمل عنوان: “السودان على طريق المصالحة”، وهو يتوسط الآن في الأزمة السودانية الحالية كذلك.

وفي يوليو 2022 أقرت اللجنة الفنية للإشراف والمتابعة لمشروع خارطة الطريق الأفريقية للمصالحة الوطنية الليبية، تكليف الاتحاد الأفريقي ولد لبات برئاستها، وأكدت “رفضها التام لكل شكل من أشكال تدويل الأزمة الليبية، وضرورة النأي بمسار المصالحة عن التدخلات الأجنبية”، ودعت إلى “تجنب اللجوء إلى خطاب الكراهية والتحريض على الاقتتال، وأعمال العنف والحقد”، والتمسك “بوحدة الوطن وعزته وكرامته واستقلاله وحريته”.

أما المرشح الثالث فهو وزير الخارجية الجزائري الأسبق والدبلوماسي المخضرم رمطان لعمامرة الذي سبق وأن تم ترشيحه للمهمة بعد استقالة المبعوث الأممي غسان سلامة من منصبه في أوائل مارس 2020، وقبل آنذاك أنه يلقى دعما من أغلب الدول الأعضاء في مجلس الأمن، نظرا لتجربته العملية في المجال الدبلوماسي وللدعم الذي يجده من الاتحاد الأفريقي، حيث سبق أن عمل  كمبعوث للأمم المتحدة إلى ليبيريا بين عامي 2003 و2007، ثم تم انتخابه في عام 2008 رئيسا لمفوضية مجلس السلام والأمن الأفريقي بمجموع 31 صوتا من أصل 48 أمام مرشحين من نيجيريا وغينيا، وأعيد انتخابه لذات المنصب في العام 2010.

في أوائل أبريل الماضي أفاد المكتب الإعلامي لمجلس النواب بأن الجزائر أكدت دعمها للبرلمان بصفته "السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة في البلاد"

ولكن متابعين للشأن الليبي، يرون أن لعمامرة يبقى شخصية جدلية، وهو مرتبط بموقف بلاده غير المحايد، والذي كان في أغلب الأوقات داعما للميليشيات المسلحة وتيار الإسلام السياسي بالمنطقة الغربية، ومساندا للتدخل التركي المباشر، ومناوئا في نفس الوقت للمؤسسة العسكرية وقيادتها في المنطقة الشرقية.

وبحسب أوساط ليبية، فإن الجزائر تسعى منذ فترة غير بعيدة إلى محاولة طمأنة سلطات شرق ليبيا في حال وقع الاختيار على لعمامرة لمهمة المبعوث الأممي.

وفي أوائل أبريل الماضي أفاد المكتب الإعلامي لمجلس النواب بأن الجزائر أكدت دعمها للبرلمان بصفته “السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة في البلاد”، وأكد السفير الجزائري لدى ليبيا سليمان شنين خلال استقباله من قبل رئيس المجلس عقيلة صالح أن “موقف الجزائر ثابت في دعم مجلس النواب بصفته السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة في البلاد”، مشددًا على “احترام بلاده لحق الشعب الليبي في اختيار من يمثله”.

4