ألمانيا تدعم دمج الهيدروجين الأخضر في إنتاج الأسمدة المغربية

مشروع إستراتيجي سيمكن المغرب من تجاوز العديد من المشاكل المتعلقة بالأمن الغذائي.
السبت 2025/02/22
الاستدامة مفتاحكم لأمن غذائكم

عززت ألمانيا شراكتها مع المغرب من بوابة الهيدروجين الأخضر من خلال استثمار واعد يستهدف دمج هذه الطاقة الجديدة في عملية إنتاج الأسمدة كخطوة أولى ستفتح الأبواب أمام إدخال قطاعات اقتصادية أخرى تحت مظلة استخدام هذا الوقود، بما يساعد في تقليص الاعتماد على الطاقة التقليدية.

الرباط - وافقت وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية على اتفاق استثمار في المغرب بهدف إنتاج الهيدروجين الأخضر وتحويل صناعة الأسمدة إلى استخدام الطاقة المستمدة من هذه الطاقة الصديقة للبيئة.

وستسهم هذه الخطوة التي تعزز التعاون القائم بين البلدين على مستوى إنتاج الهيدروجين الأخضر، في جعل إنتاج الغذاء أكثر استدامة وأقل اعتمادا على الأسمدة المستوردة المنتجة بالوقود الأحفوري.

ويهدف التعاون على هذا المستوى إلى دعم دخول المغرب مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، استنادا إلى الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى تطوير المنتجات المشتقة منه وبناء قطاع اقتصادي مرتبط بهذه الصناعة.

وبحسب الوزارة الألمانية، فإن المشروع الاستثماري، المدعوم من صندوق تطوير تقنيات تحويل الطاقة التابع لها، “يهدف إلى تعزيز الإنتاج الصناعي للهيدروجين الأخضر والمنتجات المشتقة منه، مثل الأمونيا الخضراء.”

يواخيم فلاسبرث: الاستثمار يتيح للمغرب تطوير صناعة المنتجات المستدامة
يواخيم فلاسبرث: الاستثمار يتيح للمغرب تطوير صناعة المنتجات المستدامة

كما سيدعم الصندوق الألماني إنشاء محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في منطقة الجرف الصناعية جنوب مدينة الدار البيضاء من خلال تقديم منحة بقيمة 30 مليون يورو لشركة تابعة لشركة الفوسفات المغربية (أو.سي.بي).

ويأتي هذا الاستثمار في سياق التحالف الألماني المغربي للمناخ والطاقة، إذ يهدف الطرفان إلى تطوير الأطر المناسبة لإنشاء سلاسل القيمة الخاصة بالهيدروجين الأخضر ودعم الأبحاث التطبيقية وتقديم برامج تدريبية متخصصة.

ووقعت ألمانيا والمغرب نهاية يونيو الماضي، وبحضور وزيرة التنمية سفينيا شولزه ووزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة اتفاقا لإنشاء تحالف للمناخ والطاقة، لتطوير صناعة الهيدروجين لتحقيق المنفعة المتبادلة، بمشاركة شركات التكنولوجيا الألمانية والموردين.

وتعليقا على الشراكة الجديدة، قال يواخيم فلاسبرث، وكيل وزارة التعاون في ألمانيا، إن “الاستثمار الذي يقدمه صندوق تطوير تقنيات تحويل الطاقة يتيح للمغرب دخول مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر وتطوير صناعة المنتجات المستدامة المشتقة منه.”

وأوضح أن الصندوق يوفر مجموعة من الفوائد للدول المنتجة، عبر بناء سلاسل القيمة في السوق مستقبلا، كما يوفر لألمانيا تعزيز استقرار وتنويع علاقات التوريد ولشركات التكنولوجيا الألمانية فرص تصدير التقنيات الحديثة اللازمة لصناعة الهيدروجين.

وستعتمد إمدادات الطاقة للمنشأة الجديدة على الكهرباء المنتجة من مزارع الرياح والطاقة الشمسية، على أن يتم تحويل الهيدروجين البيئي إلى أمونيا خضراء.

ويشكل هذا المشروع جزءا رئيسيا من برنامج إنتاج الأمونيا الخضراء الذي أطلقته أو.سي.بي، والذي يهدف إلى جذب استثمارات بمليارات اليوروهات وتلبية ما يقرب من اثنين في المئة من الطلب العالمي على هذا المورد.

30

مليون يورو قيمة تمويل صندوق تطوير تقنيات تحويل الطاقة الألمانية لشركة أو.سي.بي

وأكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي في تصريح لوكالة بلومبيرغ على هامش الدورة 61 لمؤتمر ميونيخ للأمن التي أقيمت مؤخرا، أن المغرب يتموقع كأحد أكثر البلدان تنافسية في مجال الطاقات المتجددة.

وقالت إن بلادها “تعتمد نهجا تدريجيا يرتكز على إطار تنظيمي مشجع للمستثمرين الدوليين، إلى جانب بنية تحتية متطورة،” مشيرة إلى أن عدة تكتلات دولية أبدت اهتمامها بتطوير هذا القطاع الإستراتيجي.

وأضافت “نشهد اليوم إعادة تشكيل سلاسل القيمة، مع بروز الفاعلين الأكثر تنافسية، ولدي قناعة تامة بأن المغرب يعد من بين الدول ذات القدرة التنافسية العالية، القادرة على فرض نفسها في السوق العالمية للطاقات المتجددة.”

وشددت بنعلي على ضرورة اعتماد مخطط هيكلي لتمويل الانتقال الطاقي، مشيرة إلى أن “قدرة الفاعلين الجدد على التكيف مع سلاسل القيمة الجديدة للطاقة الخضراء أصبحت عاملا حاسما في تعزيز تنافسيتهم.”

وتقود أو.سي.بي المملوكة للدولة الطلب المحلي أساسا، حيث تهدف إلى إنتاج نحو مليون طن سنويا من الأمونيا الخضراء بحلول عام 2027.

ولفت الخبير الاقتصادي المغربي رشيد ساري في تصريح لـ”العرب، إلى أن الشراكة بين البلدين في هذا المجال ستكون لها نتائج جيدة، إذ ستجنب المغرب ارتفاع كلفة فاتورة الطاقة.

وقال “سيتحول المغرب من بلد مستورد للطاقة وتحلية مياه البحر عن طريق الهيدروجين الأخضر وسيتمكن من تجاوز العديد من المشاكل المتعلقة بالأمن الغذائي، كما سيسهم ذلك في توفير العديد من فرص الشغل بفضل النهضة على المستوى الزراعي.”

وأطلقت الحكومة المغربية السنة الماضية “عرض المغرب”، الذي يعتبر برنامجا عمليا وتحفيزيا يشمل مجموع سلاسل القيمة لقطاع الهيدروجين الأخضر، ويتماشى مع احتياجات المستثمرين.

كما يستهدف الشركات وأصحاب رؤوس الأموال من الراغبين في إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته على نطاق صناعي في السوق المغربية.

رشيد ساري: الشراكة بين البلدين تجنب المغرب ارتفاع كلفة فاتورة الطاقة
رشيد ساري: الشراكة بين البلدين تجنب المغرب ارتفاع كلفة فاتورة الطاقة

وارتباطا بتوجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس الداعية إلى الإسراع بتفعيل هذا العرض بالجودة اللازمة والاستجابة لمشاريع المستثمرين العالميين في القطاع الواعد، قامت الحكومة بتحديد عقارات مهمة لتحفيز ومواكبة أصحاب المشاريع.

وتناهز مساحة هذه الأراضي المليون هكتار لتنمية هذا القطاع الواعد، مع حرص السلطات على ضمان نجاح الخطوة في إطار تعاقدي يمكّن من حماية وضمان حسن استخدام العقارات المملوكة للدولة.

وتفاعلا مع الجهود التي سبق أن بذلتها الحكومة لتوفير ظروف ملائمة لهذه الشركات قصد توطين استثماراتها ومصانعها، أعلن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار عن منحه قرضا بقيمة 250 مليون يورو لدعم التمويل الأخضر للمؤسسات المالية الشريكة في المغرب.

والهدف من التمويل هو تسريع وتوسيع نطاق الاستثمارات الخضراء عبر برنامج التمويل الأخضر للمؤسسات متوسطة الحجم، الذي سيركز على المشاريع التي تساهم في التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون وقادر على التأقلم مع التغيرات المناخية.

ويعد القرض خطوة رئيسية نحو تعزيز التمويل المستدام في المغرب، حيث سيتيح للمؤسسات المالية الشريكة تقديم قروض ميسرة للشركات المتوسطة والكبيرة.

وعلاوة على ذلك، سيدعم تمويل مشاريع في مجالات الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة الصناعية، والمباني الخضراء، وتحويل النفايات إلى طاقة، بالإضافة إلى مشاريع التكيف مع المناخ واستثمارات الاقتصاد الدائري.

11