ألمانيا تدرب اللاجئين على الثقافة الجنسية

دروس تفرضها الفروقات في الثقافة والقيم الأخلاقية، وأفضل عمليات الاندماج والوقاية تكون من خلال التواصل مع الآخرين والدعم المدرسي والوصول إلى سوق العمل.
الخميس 2019/08/01
جلسة تستهدف التفكير المنغلق

تعتبر التربية الجنسية -أو أخذ دروس حول العلاقة الجنسية- أحدَ أهم التدريبات التي يتلقاها اللاجئون في ألمانيا في إطار دورات الاندماج في المجتمع الألماني، على اعتبار أن المهاجرين الوافدين إلى هذا البلد الأوروبي -الذي فتح ذراعيه لاستقبال العديد من الهاربين من ويلات الحروب والأوضاع الصعبة في بلدانهم- قد تساهم خلفياتهم الثقافية والأخلاقية والقيمية في خلق عقبات أمام تأقلمهم مع المجتمع المنفتح الذي خيروا اللجوء إليه.

برلين - في مارتسان أحد أفقر أحياء برلين إلى حيث أتى عدد كبير من اللاجئين منذ 2015، يتابع سبعة رجال دروسا حول العلاقة الجنسية ورضا الطرف الآخر.

يظهر شريط فيديو رجلا وامرأة يتبادلان النظرات ويشربان ويضحكان ثم يرقصان ويتبادلان القبل. ويصطحب الرجل المرأة إلى منزله ويغلق الباب بالمفتاح لكنها تريد المغادرة فيغتصبها.

ما إن ينتهي عرض الشريط المصور حتى يطلب من الرجال السبعة، وهم من سوريا والعراق وأفغانستان، التعليق. فيقول أحدهم “لقد أسرفت في الشرب ومارسا الجنس معا” معربا عن اقتناعه بأن الشاب استغل سكر الشابة للاعتداء عليها. وأكد آخر “كان يعرف جيدا ما يريد”.

وتقول المدربة كارول-بيتروسكي-ناين “غالبا ما يحدث في برلين أن يسرف الشباب في الشرب ويتعاطون المخدرات”، ويمكن في هذا الإطار أن يحصل اعتداء كهذا.

تستمر الحصة مدة أربع ساعات وهي بعنوان “معا من أجل احترام الأمن”. لكنها في الواقع تدريب على الحياة الجنسية والرضا. وتقول المدربة “إنها مواضيع صعبة”، مشجعة الرجال على “التكلم بحرية”.

ويجلس الرجال السبعة -وهم عزاب- إلى طاولة وضعت عليها أطباق فاكهة وقد تطوعوا لمتابعة هذه الجلسة التي نظمتها جمعية “هيرو” النرويجية التي تدير الكثير من مراكز إيواء المهاجرين في ألمانيا.

كيف نعرف أن المرأة راضية؟ ما هي النصائح التي تعطى إلى اللاجئين الذين يأتون من دول حيث غالبا ما تتابع الفتيات والفتيان دروسهم في مدارس منفصلة وحيث تمنع مظاهر التحبب في العلن وحيث الاغتصاب الزوجي لا يعتبر جريمة؟

هذه أسئلة أساسية في بلد استقبل مئات الآلاف من اللاجئين منذ أربع سنوات ولا يزال تحت وقع ما حدث في رأس السنة 2015 في كولونيا حيث سجلت عدّة اعتداءات جنسية ارتكبها مواطنون من المغرب العربي خصوصا.

في ألمانيا سجل العام 2018 ارتفاعا بنسبة 15 بالمئة في الجرائم والجنح الجنسية التي ارتكبها أجانب مع 6046 حادثا، في مقابل 5258 حادثا في السنة السابقة

في النرويج أرغم المهاجرون بين 2013 و2015 على متابعة هذه الدروس بعد عمليات اغتصاب تورط فيها لاجئون.

في ألمانيا سجل العام 2018 ارتفاعا بنسبة 15 بالمئة في الجرائم والجنح الجنسية التي ارتكبها أجانب مع 6046 حادثا، في مقابل 5258 حادثا في السنة السابقة، حسب ما تظهره الأرقام الرسمية. وهذا الارتفاع عائد -في جزء منه- إلى تشديد التشريعات منذ 2016.

إلا أن هذه الأرقام تشير إلى التحدي الذي تشكله استضافة مهاجرين يضمون في صفوفهم عددا كبيرا من الشباب والعزاب، خصوصا وأن اليمين المتطرف غالبا ما يسارع إلى الاستفادة من خلال تسليط الضوء على هذه الأحداث مثل اغتصاب شابة وقتلها عام 2016 من قبل أفغاني في فرايبورغ.

ومن بين التسجيلات المصورة الأخرى المعروضة خلال التدريب، واحد يفسر الفرق بين العلاقة الجنسية بالتراضي والاغتصاب. ويبدأ الشريط بشخص يقول بالإنكليزية “الأمر أشبه بسؤال الشخص إن كان يريد الشاي”.

ويضيف “إذا رد ‘أجل أعشق الشاي’ فهذا يعني أنه يريد أن يشربه. في حال تردد يمكنكم إعداد الشاي وأن تسألوا من جديد. وفي حال قال الشخص ‘كلا شكرا’ فلا تحضروا الشاي ولا تغضبوا. والأمر سيان بالنسبة إلى الحياة الجنسية”.

وفي تمرين آخر يقف المشارك في وجه مشارك آخر. وتحدد لهما المسافة القصوى التي ينبغي أن يقتربا فيها من بعضهما البعض، وتوضّح لهما “الحدود الشخصية” للحرمة.

وتقول المدربة “يجب عدم الالتصاق بالمتكلم، كما الحال مع الأطفال الذين لا يحبون بالضرورة أن نحملهم”.

وماذا عن الرضا بين زوجين؟ تقول المدربة “قبل سنوات قليلة كان الاغتصاب بين زوجين لا يعتبر جريمة في ألمانيا”.

ويوضح مشارك “لدينا قانونان في بلادنا: قانون الدولة وقانون العائلة والعشيرة”.

وللكثير منهم لا يكون الإبلاغ عن قريب ارتكب عملية اغتصاب أو سوء معاملة، بديهيا خصوصا إذا كان المرتكب والدهم. ويلخص أحد المشاركين الوضع بقوله “الشرف مهم جدا بالنسبة لنا”.

وأعرب أحدهم عن ذهوله أمام إمكانية أخذ الطفل اسم والدته في حال الطلاق.

ويرى هاينز- يورغن فوس، أستاذ علم الجنس في جامعة ميرسبورغ، أن هذه الحصص “مفيدة” بسبب وجود “فروقات في الثقافة والقيم الأخلاقية”. ويجب تعميمها في كل أرجاء ألمانيا وهو تحد فعلي لأن التربية والتدريب في ألمانيا من صلاحيات المقاطعات، حسب تأكيده.

في المقابل ترى منظمة “برو-أزيل” غير الحكومية أنه “يمكن تعلم القيم والقواعد بشكل أفضل في الحياة اليومية. فأفضل عمليات الاندماج والوقاية تكون من خلال التواصل مع الآخرين والدعم المدرسي والوصول إلى سوق العمل”.

21