ألغام سياسية تهدّد مسار التحقيق في انفجار بيروت

قوى متنافرة تلتقي على رفض اتهامات القاضي فادي صوان.
السبت 2020/12/12
اتهامات مثيرة للجدل

بيروت – نددت جهات لبنانية بارزة الجمعة، بالتهم الموجهة إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزراء سابقين في انفجار مرفأ بيروت، الأمر الذي يسلط الضوء على حقل الألغام السياسي الذي يواجه مسار التحقيق.

ومن المرات النادرة التي يلتقي فيها كل من حزب الله والقوى السنية البارزة في الموقف وإن اختلفت أسباب الطرفين.

سعد الحريري: لن نسمح لأي شخص بالتعدي على منصب رئيس الوزراء
سعد الحريري: لن نسمح لأي شخص بالتعدي على منصب رئيس الوزراء

وهاجم حزب الله القرار القضائي الصادر بحق رئيس الحكومة حسان دياب و3 وزراء، معتبرا أن التهم تنمّ عن “استهداف سياسي”. ويأتي بيان حزب الله بعد يوم من توجيه القاضي فادي صوان تهما لدياب والوزراء الثلاثة، بالإهمال.

ويعاب على القاضي فادي صوان إغفاله رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي سبق وأن صرّح بنفسه أنه كان على علم بوجود مادة نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، وذلك قبل أسبوعين من حدوث الانفجار المروع.

وكان الانفجار الذي وقع في أغسطس، أحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ المعاصر، ونتج عن كمية هائلة من نترات الأمونيوم المخزنة لسنوات في ظروف لا تراعي إجراءات السلامة والأمان.

وبعد أربعة أشهر من الانفجار، الذي أودى بحياة 200 شخص وتسبب في إصابة الآلاف ودمر أحياء بأكملها، لا يزال الضحايا ينتظرون نتيجة التحقيق. وكان زعماء وبينهم عون تعهدوا بأن يحدث ذلك في غضون أيام.

واتهم صوان الخميس، رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، الذي استقالت حكومته بعد أيام من الانفجار، وثلاثة وزراء سابقين ينتمون إلى حركة أمل وتيار المردة بالإهمال والتقصير والتسبب في وفاة.

وفي زيارة لدياب الجمعة، اتهم رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري القاضي صوان، الذي يقود التحقيق، بخرق الدستور. وتعهد بعدم السماح لأي شخص بالتعدي على “منصب رئيس الوزراء”.

وبحسب وثائق اطلعت عليها وكالة “رويترز”، كان دياب والرئيس ميشال عون من بين المسؤولين الذين تم تنبيههم في يوليو إلى أن شحنة نترات الأمونيوم تشكل خطرا شديدا.

وقال دياب في وقت سابق إنه “مرتاح الضمير”، واتهم صوان بانتهاك الدستور. وكذلك فعل علي حسن خليل، أحد الوزراء الثلاثة السابقين، والحليف المقرب من حزب الله، والمساعد البارز لرئيس مجلس النواب وزعيم حركة أمل نبيه بري.

وفي حين أعرب حزب الله المدعوم من إيران عن تأييده “المبدئي للتحقيق القضائي النزيه والشفاف في جريمة انفجار المرفأ المروعة”، ودعا إلى أن تكون “جميع الإجراءات، التي يتخذها قاضي التحقيق بعيدة عن السياسة والغرض، مطابقة لأحكام الدستور، غير قابلة للاجتهاد أو التأويل أو التفسير، وأن يتم الادعاء على أسس منطقية وقانونية، وهذا ما لم نجده في الإجراءات الأخيرة”.

وأضاف “إننا نرفض بشكل قاطع غياب المعايير الموحدة والتي أدت إلى ما نعتقده استهدافا سياسيا طال أشخاصا وتجاهل آخرين دون ميزان حق، وحمّل شبهة الجريمة لأناس واستبعد آخرين دون مقياس عدل، وهذا سوف يؤدي مع الأسف إلى تأخير التحقيق والمحاكمة بدلا من الوصول إلى حكم قضائي مبرم وعادل”.

والوزيران الآخران الموجه لهما اتهامات هما وزيرا الأشغال العامة السابقان غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، وهما أيضا من حلفاء حزب الله.

Thumbnail

ووصف زعيتر، وهو نائب في البرلمان من كتلة بري، الاتهامات الموجهة إليه بأنها انتهاك صارخ لن يسكت عنه. وشغل زعيتر منصب وزير الأشغال العامة والنقل في عام 2014، بعد فترة وجيزة من وصول السفينة روسوس التي تحمل أطنانا من المادة الكيمياوية شديدة الانفجار إلى مرفأ بيروت.

ولم يعلق فنيانوس بعد على التهم. وكانت الولايات المتحدة فرضت عقوبات على فنيانوس وخليل متهمة إياهما بدعم حزب الله والتورط في الفساد.

ويرى مراقبون أن غضب حزب الله من القرار القضائي يعود بالأساس إلى أن الأطراف الأربعة محسوبون عليه، وهو الذي يواجه منذ الانفجار اتهامات بالمسؤولية عمّا حدث، في المقابل فإن ردود فعل الأطراف السنية نابعة من كون تلك الاتهامات مست موقعا يعنيهم بالأساس وهو رئاسة الحكومة، الذي يعود لهم وفق الدستور اللبناني.

وهاجم مفتي لبنان عبداللطيف دريان في بيان “الادعاء على مقام رئاسة الحكومة” وقال “إنه استهداف سياسي غير مقبول وتجاوز للدستور ولقانون محاكمة الرؤساء والوزراء السابقين، ويصب في إطار حملات كيدية واضحة للعيان لا تخدم العدالة لفريق معين دون آخر لتصفية حسابات سياسية”.

وانتقد نجيب ميقاتي، الذي كان رئيسا للوزراء في الفترة من 2011 إلى 2014، الاتهامات، وألمح إلى أنه في حين وُجهت اتهامات إلى دياب تم إغفال عون الذي كان على علم بوجود الشحنة الخطرة.

وكان عون صرح في أغسطس بأنه تم إبلاغه بأمر الشحنة، التي تسببت في الكارثة.

2