ألعاب الفيديو محرك جديد في المغرب لتوليد الوظائف

يخطط المغرب لتحفيز صناعة ألعاب الفيديو في المرحلة المقبلة والاستفادة من الفورة التي يشهدها القطاع على المستويين العالمي والعربي، وذلك بالتشجيع على الابتكار وتوفير الدعم المالي له وجذب المستثمرين بما يجعله محركا جديدا لتوليد الوظائف.
الرباط - يبذل المسؤولون المغاربة جهودا كبيرة لتوطين قطاع الألعاب الإلكترونية كمجال قائم بذاته من خلال توسيع الاستثمار فيه من أجل تعزيز السياحة وتحفيز نمو الاقتصاد وتوفير فرص عمل للشباب.
وتأتي هذه الخطوة بعدما حققت هذه الصناعة الآخذ في النمو على مستوى العالم، رقم معاملات على المستوى المحلي بنحو 120 مليون دولار.
وأكد مهدي بنسعيد وزير الشباب والثقافة والتواصل أن تطور القطاع أمر ضروري، باعتباره أول صناعة في المجال الثقافي تجاوزت صناعة الأفلام والتلفزيون وجميع الصناعات الثقافية التقليدية.
وقال في جلسة استماع برلمانية مؤخرا ردا على سؤال حول “تطوير صناعة الألعاب الإلكترونية”، إن “رقم المعاملات، التي حققها القطاع يفوق رقم المعاملات المسجل في باقي الصناعات الثقافية والفنية الأخرى”.
ويهدف المشروع، حسب الوزير، إلى جلب مستثمرين أجانب وجعل المغرب منصة رائدة في هذه الصناعة على المستوى الأفريقي والدولي، وإيجاد نظام اقتصادي قادر على توفير 5 آلاف فرصة عمل، بما فيها 3300 فرصة عمل مباشرة.
وإضافة إلى ذلك، جعل قطاع صناعة الألعاب الإلكترونية محفزا “للنمو الاقتصادي الوطني”، بحسب بنسعيد.
وتعد ألعاب الفيديو في المنطقة العربية سوقا تنافسيا ويتألف من عدد كبير من اللاعبين العالميين والإقليميين الذين يمثلون حصة كبيرة ويركزون على توسيع قاعدة عملائهم في جميع أنحاء العالم.
وحثت الحكومة المغربية على مدار الأشهر الماضية مجموعة من الشركات المحلية والدولية على الاستثمار في القطاع، بهدف إنشاء منظومة ستمكن البلد من إنتاج الألعاب الإلكترونية للعالم.
وثمة مساع حقيقية لإعطاء فرص للشباب المغاربة للاستثمار في المجال، والتعلم من التجارب الدولية من أجل إعداد أبطال بمهارات عالية.
ويستثمر البلد حاليا في التأهيل والتدريب المرتبط بهذه الصناعة، لأن “استثمارا واحدا في هذا المجال يمكن أن يوفر قرابة 4 آلاف فرص عمل وبأجور محترمة”، حسب وزارة الثقافة.
ويصل عدد اللاعبين المغاربة النشطين إلى أكثر من 3 ملايين ممن يستعملون ألعاب الفيديو المُصنعة من شركات أجنبية وأخرى مغربية الصنع، بحسب معطيات وزارة الشباب والرياضة والثقافة.
وجهزت الجامعة الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية 60 مركزا للشباب خلال 2023، وهي مبادرة انطلقت سنة 2021 بتجهيز 29 مركزا للشباب، لاسيما في مدن العيون والمرسى والطرفاية والداخلة وبئر كندوز بولاية (محافظة) أوسرد كركرات وغيرها.
وبهذه الخطوة يصل إجمالي عدد المراكز الشبابية المجهزة لاستضافة الأنشطة المتعلقة بالألعاب الإلكترونية إلى 89 مركزا.
120
مليون دولار رقم معاملات القطاع في السوق المغربية وفق التقديرات الرسمية
وقالت الجامعة في بيان مؤخرا إن “هذا الإنجاز يؤكد على الالتزام الثابت بتطوير هذا التخصص في صفوف الشباب المغربي، وتعزيز ثقافة الألعاب الإلكترونية في المغرب وتعزيز مكانة البلاد على الساحة الدولية للرياضات الإلكترونية”.
وأكد هشام الخليفي رئيس الجامعة أن سوق الألعاب الإلكترونية يبلغ 175 مليار دولار، مقابل 40 مليار دولار بالنسبة للسينما، ومن “هنا تطرح ضرورة تموقع المغرب في هذا السوق”.
وبالنظر إلى حجم السوق، فإن المغرب لا يحصل إلا على 0.07 في المئة من إجمالي إيرادات صناعة ألعاب الفيديو في العالم.
ورجحت شركة ستاتيستا لأبحاث الأسواق ارتفاع إيرادات ألعاب الفيديو بالبلاد بواقع 15 في المئة خلال العام 2024، مقارنة بإيرادات العام الماضي مع تزايد الإقبال عليها بفعل تطور التقنيات الجديدة.
وذكرت غيثة مزور وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة أن ثمة توجها لبناء مدينة للألعاب الإلكترونية، ستمكن من توظيف الشباب في هذا المجال.
وسيكون المشروع أول مركز بمدينة الرباط في هذه الصناعة، حيث أبدت شركات دولية كبرى اهتمامها بالاستثمار في هذه المدينة، بمفهوم الصناعة وليس اللعب.
وفي حال تم تجسيد الخطة التي تستهدف من ورائها الحكومة تحقيق عوائد سنوية بمقدار نصف مليار دولار بحلول 2027، سيكون المغرب رابع بلد عربي بعد السعودية والإمارات ومصر ينخرط في موجة الاستثمار التكنولوجي ذي القيمة المضافة العالية.
ومنحت الإصلاحات في التشريعات والتغييرات في اللوائح التنظيمية، التي أقرتها بعض حكومات المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية في مجال التكنولوجيا، دفعة قوية للشركات لتركز أعمالها هناك.
وأكدت مزور أن وزارتها تدعم إستراتيجية للتحول الرقمي من أجل تشجيع مبادرات إنتاج الأعمال الإلكترونية، والتي ستوفر مهنا جديدة ومسارات دراسية وتكوينية ذات صلة.
ولهذا تعمل وزارة الثقافة على تفعيل إستراتيجيتها في مجال الصناعة عبر عدد من الإجراءات أبرزها مشروع إحداث منطقة صناعية خاصة بهذا المجال، وتشجيع التكوين بعدد من الأقاليم، بهدف تأهيل الشباب للانخراط في المشاريع الاستثمارية المرتقبة.
وترى الحكومة أن صناعة ألعاب الفيديو ستُمكن البلاد من دخول مجال اقتصادي واعد، وسط رهانات على أن تتجاوز هذه الصناعة قطاع السيارات، كما كشفته تجارب عدد من الدول.
ويعتقد بنسعيد أن تجربة مدينة الألعاب الإكترونية يمكن تعميمها في مدن أخرى كالدار البيضاء والداخلة، معتبرا أن نجاح هذا المشروع سيفتح بابا كبيرا للمملكة، على غرار مجال صناعة السيارات.
وأوضح أن هذا المجال أصبح يُعد القطاع الثقافي الأول على مستوى الإنتاجية عالميا، لكن دون أن يستفيد منه الاقتصاد المغربي.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 7 ملايين مغربي يملكون جهاز كمبيوتر أو جهازا لوحيا، بينما لدى قرابة 25.7 مليون مواطن هاتف ذكي، في حين تشمل نسبة الربط بالإنترنت حوالي 84 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 37 مليون نسمة.
وكانت السلطات قد أعلنت قبل فترة أنه سيتم توقيع مجموعة من الاتفاقيات مع شركات كبرى خلال مايو المقبل، في إطار أول معرض دولي لصناعة الألعاب الإلكترونية يتم تنظيمه بالمغرب.
وقالت إن “هذه الاستثمارات ستوفر نظاما اقتصاديا قادرا على منح فرص كثيرة للشباب المغربي الذي يشتغل في هذا المجال”.